صباح الخير أو مساء الخير جميعا أينما كنتم.
يهدد الطلب الكبير المتسارع على المرافق الصحية والعاملين الصحيين بتحميل بعض النُظم الصحية فوق طاقتها وبالتالي بعجزها عن تسيير أعمالها بفعالية.
فقد أثبتت التجارب إبان الفاشيات السابقة أنه عندما يضيق الخناق على النُظم الصحية ترتفع بشكل دراماتيكي الوفيات بسبب أمراض يمكن معالجتها أو توقيها باللقاحات.
ولكن، حتى لو كنا في خضم أزمة كبرى، يجب أن تستمر الخدمات الصحية الأساسية. فهناك أطفال يولدون يجب تطعيمهم، وهناك أشخاص ما زالوا بحاجة إلى علاجات تنقذ حياتهم من أمراض متعددة أخرى.
وقد أصدرت منظمة الصحة العالمية إرشادات لمساعدة البلدان على تحقيق التوازن المنشود بين الاستجابة المباشرة لفاشية كوفيد-19 ومواصلة تأمين الخدمات الصحية الأساسية.
ويشمل ذلك مجموعة من الإجراءات الفورية الهادفة لإعادة تنظيم وتأمين إتاحة الخدمات الصحية الأساسية العالية الجودة للجميع، بما في ذلك اللقاحات الروتينية؛ والرعاية أثناء الحمل والولادة؛ ومعالجة الأمراض المعدية والأمراض غير السارية والحالات المرضية النفسية؛ وخدمات الدم وغيرها.
ويتضمن ذلك أيضا تأمين قوى عاملة صحية كافية لسدّ العديد من الاحتياجات الصحية غير كوفيد-19.
فعلى سبيل المثال، سررنا لمشاهدة 000 20 عامل صحي في المملكة المتحدة يعرضون العودة إلى العمل، كما سررنا لرؤية بلدان أخرى، مثل الاتحاد الروسي، تُشرك الطلبة والمتدربين في مجال الطب في جهود الاستجابة.
ولمساعدة البلدان على إدارة الطفرة المفاجئة في عدد حالات كوفيد-19 مع مواصلة تأمين الخدمات الأساسية، أصدرت المنظمة دليلاً عملياً مفصلاً عن كيفية إنشاء وإدارة مراكز لمعالجة كوفيد-19.
ويغطي هذا الدليل ثلاثة تدخلات رئيسية هي:
أولاً، كيف تنشئ حيزاً للفحص والفرز في المرافق الصحية، باستخدام مبنى تُعاد تهيئته أو خيمة مخصصة لهذا الغرض؛
ثانياً، كيف تنشئ مرافق في المجتمع المحلي لرعاية المرضى ذوي الأعراض الخفيفة؛
وثالثا، كيف تنشئ مركز علاج عن طريق إعادة تهيئة بعض أجنحة المستشفى أو مستشفى بأكمله، أو بتهيئة خيمة كمستشفى جديد لهذا الغرض.
ويتناول الدليل التصميم الهندسي وتدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها ونُظم التهوية.
ويعدّ هذا الدليل الإرشادي منقذاً للأرواح في التعامل مع الطفرة المفاجئة في الحالات التي تواجهها الآن بعض البلدان.
وسيكون لهذه المرافق أيضاً فوائد أطول أمداً للنُظم الصحية بعد انتهاء هذه الأزمة.
فبالإضافة إلى توفير مرافق إضافية لخدمة المرضى، سيكون من الحيوي أيضا للبلدان أن تمتلك ما يكفي من إمدادات التشخيص ومعدات الحماية وغيرها من الإمدادات الطبية.
كما أن ضمان حرية حركة المنتجات الصحية الأساسية له أهمية حيوية أيضاً في إنقاذ الأرواح والحدّ من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لهذه الجائحة.
وقد تحدثت في وقت سابق اليوم إلى وزراء التجارة في بلدان مجموعة العشرين عن الطرق التي يمكن بها التصدي للنقص المزمن في معدات الحماية الشخصية وغيرها من الإمدادات الطبية الأساسية.
ونهيب بالبلدان إلى العمل مع الشركات لزيادة الإنتاج؛ وتأمين حرية حركة المنتجات الصحية الأساسية؛ وضمان التوزيع المنصف لهذه المنتجات استناداً إلى الحاجة.
وينبغي إيلاء عناية خاصة للبلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
وبالإضافة إلى ذلك، تعمل المنظمة بشكل مكثف مع العديد من الشركاء من أجل تحقيق زيادة كبرى في إتاحة المنتجات المنقذة للحياة، بما يشمل وسائل التشخيص ومعدات الحماية الشخصية والأكسجين الطبي وأجهزة التهوية الآلية وغيرها.
ونتفهم أن العديد من البلدان تطبق تدابير تقيد حركة الأشخاص.
غير أن من الضروري للغاية احترام كرامة الناس جميعاً ورفاههم أثناء تطبيق هذه التدابير.
ومن المهم أيضا أن تتواصل الحكومات مع سكانها لإحاطتهم بكل جديد بشأن المدة المعتزمة لتطبيق هذه التدابير وأن تقدم الدعم لكبار السن واللاجئين وغيرهم من الفئات السكانية الضعيفة.
كما يتعين على الحكومات أن تؤمن الرعاية للناس الذين خسروا مصادر قوتهم وباتوا بأمسّ الحاجة إلى الطعام والإصحاح والخدمات الأساسية الأخرى.
لا بد أن تعمل البلدان يداً بيد مع المجتمعات المحلية من أجل بناء الثقة ودعم القدرة على الصمود وصون الصحة النفسية.
وقبل شهرين، أصدرت المنظمة الخطة الاستراتيجية للتأهب والاستجابة مقترنةً بنداء للتبرع بمبلغ أولي قدره 675 مليون دولار أمريكي لدعم البلدان على التأهب لفاشية كوفيد-19 والاستجابة لها.
ونحن ممتنون للبلدان والمؤسسات العديدة التي ساهمت، حيث تسنى جمع أكثر من 622 مليون دولار حتى الآن، ونودّ أن نوجّه شكراً خاصاً لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية على تبرعه بمبلغ 10 ملايين دولار.
وما زال الارتياح يغمرنا لما نشاهده من علامات التضامن العالمي لمواجهة هذا التهديد المشترك والتغلب عليه.
فالتزام بلدان مجموعة العشرين بالعمل معاً على تحسين الإنتاج والإمداد المنصف بالمنتجات الأساسية يثبت وقوف العالم صفاً واحداً معاً.
نشرت يوم أمس تغريدةً من كلمة واحدة هي: التواضع. وسألني البعض عما قصدته بها.
إن جائحة كوفيد-19 تذكّرنا بمدى ضعفنا ومدى ترابطنا ومدى اعتماد أحدنا على الآخر.
في وجه عاصفة مثل كوفيد، لا شك في أهمية الأدوات العلمية والصحية، ولكن التواضع والعطف لا يقلان عنها أهمية.
بالتضامن والتواضع وحسن الظن، يمكننا أن نتخطى هذه المحنة معاً، وسنتخطاها معاً.
شكراً لكم.