القاضي الجليل إدوين كاميرون، سعادة الدكتور بيجي هامبورغ،
أعضاء اللجنة الموقرون،
الزملاء والأصدقاء،
عِمتُم صباحاً، ومرحباً بكم في منظمة الصحة العالمية. إنه لمن دواعي السرور أن نستضيفكم مجدّداً لبحث هذه القضية البالغة الأهمية.
منذ عَقدِكم لاجتماعكم الأخير، أوصيتم باعتبار المضيّ قُدُماً من جانب أي أحد في التطبيقات السريرية لتحرير هندسة الجينوم الجرثومي البشري أمراً غير مسؤول، وبضرورة ألا تسمح السلطات التنظيمية في جميع البلدان بإنجاز أي عمل آخر في هذا المجال إلى أن يُنظَر كما ينبغي في الآثار المترتّبة عليه.
ولقد قَبِلتُ تلك التوصيات، ويجري الآن تعميمها على أكثر من 150 من مكاتبنا الإقليمية والقُطرية.
كما عهدتُم إلينا ببعض المهام.
طلبتم منا بدء العمل على إعداد سجلّ للبحوث المتعلّقة بعملية تحرير هندسة الجينوم.
وسيتمّ إطلاعكم في هذا الاجتماع على التقدّم الذي أحرزناه في إعداد ذلك السجل.
كما طلبتم منا المشاركة مع أوسع طائفة ممكنة من أصحاب المصلحة لتبادل وجمع المعلومات. وبدأنا القيام بذلك أيضاً. فقد قمنا خلال الشهر الماضي بإطلاق دعوتنا الأولى لتقديم مساهمات. وستناقشون تلك المساهمات في الاجتماع الحالي.
وهو ما يسلِّط الضوء على نقطة أساسية: فمن الأمور الحيوية أن نجعل هذه العملية شفافة وشاملة قدر الإمكان. فثمّة أصوات مهمّة تغيب في أغلب الأحيان عن المناقشات المتعلّقة بالسياسات العلمية.
إن الرؤى تختلف باختلاف أصحاب المصلحة في شتى أنحاء العالم. وأُثَمِّن جهودكم لفهم المواقف المجتمعيّة إزاء هذه القضية.
كما يسرّني أنكم قد اخترتم تكريس يوم لالتماس المشورة من خبراء خارجيين، وهو ما من شأنه أن يساعد على استكمال الخبرات التي تتمتّع بها هذه اللجنة.
فمن الأمور الأساسية أن تظلّوا على إلمام بأوجه التقدّم والمستجدّات ذات الصلة خارج نطاق هذه اللجنة.
منذ اجتماعكم الأخير، أعلن بعض العلماء عن رغبتهم في تحرير هندسة جينومات الأجنّة وإتمام نموّها.
وهو ما يوضّح مدى أهميةّ عملكم وإلحاحه.
وتُعدّ التكنولوجيات الجديدة لتحرير هندسة الجينوم واعدة جداً وتبعث أملاً كبيراً في نفوس من يعانون من أمراض كنا نعتقد ذات مرة أنها مستعصية.
ولكنّ بعض استخدامات هذه التكنولوجيات تطرح أيضاً تحدّيات فريدة من نوعها وغير مسبوقة – سواء من الناحية الأخلاقية أم الاجتماعية أم التنظيمية أم التقنية.
ويعلِّمنا التاريخ أن العلم ينطوي على قوة هائلة قد تفيد، وقد تضرّ.
ومهمتكم هي رسم مسار يسلكه العالم لتعظيم فوائد هذه التكنولوجيات الجديدة وتجنُّب مضارّها.
وهذه ليست بالمهمة اليسيرة، لكنّكم مؤهَّلون بشكل فريد للقيام بها.
ويتمثّل أحد أعظم مَواطِن القوة التي تتمتّع بها هذه اللجنة في تنوّعها، سواءٌ جغرافياً أو من حيث الخبرات الممثَّلة فيها.
وغالباً ما أضرب مثالاً بهذه اللجنة لكيفية سعينا إلى إحداث تحوُّل في المنظمة بحيث تصبح أكثر اعتماداً على العلم وتنتنقل من خانة ردّ الفعل للأحداث إلى المساعدة على تشكيلها.
إن هذا هو سبب وجود الأمم المتحدة ومنظّمة الصحة العالمية – متمثّلاً في تعزيز أواصر التعاون الدولي من خلال الجمع بين الخبراء البارزين في العالم من أجل إيجاد حلول مشتركة للتحديات المشتركة.
لدىّ ثلاثة طلبات محدّدة لكم وأنتم تبدأون مناقشاتكم.
أولاً، أحثّكم على مواصلة العمل نحو وضع إطار لتصريف شؤون عملية تحرير الجينوم البشري. ولسوف يكون ذلك أحد المُخرَجات المحوريّة لعملكم.
لقد كان النهج العام الذي حدَّدتموه في اجتماعكم الأخير مَعلَماً رئيسياً مهمّاً. وآمُلُ أن تتمكّنوا من إحراز تقدُّم في تجسيده إلى واقع ملموس.
ثانياً، أشجِّعكم على استعراض المعلومات المتاحة بشأن الأُطُر التنظيمية ذات الصلة في أنحاء العالم.
فمن شأن اكتساب فهم أفضل للقواعد المعمول بها في الوقت الراهن أن يساعد في تسليط الضوء على المزيد من الإجراءات الواجب اتّخاذها.
وتحقيقاً لهذه الغاية، فإننا بصدد مخاطبة جميع مكاتبنا لطلب معلومات عن التدابير الوطنية ذات الصلة. وبمجرّد توافر هذه المعلومات، سيتم ضخّها مباشرةً للاستفادة بها في عملكم.
ثالثاً، إن اتّخاذ إجراءات عملية أمر يتّسم بقيمة خاصة. فالجهود التي تبذلونها لمساعدتنا على إنشاء سجلّ، وتقصّي اللوائح التنظيمية ذات الصلة في أنحاء العالم، هي مساهمات مهمّة لفهم ما يجري من عمليات البحث والتطوير ذات الصلة وتحديد القواعد الناظمة لها.
لعلّكم تدركون مدى ضخامة الاهتمام العام بهذا الموضوع. إن العالم يرقُبُكم وينتظر محصّلة مداولاتكم.
والمخاطر عالية. فالقضايا التي تناقشونها قد تكون لها عواقب بالغة الأثر على مستقبل البشرية.
وأتطلّع إلى تلقّي أي توصيات أو نصائح أخرى قد تكون لديكم. فإذا قمتم بتحديد أي إجراءات تعتقدون بضرورة اتخاذها، أشجِّعكم على إحالتها إليّ بأسرع ما يمكن. وأنا رهن إشارتكم طوال الوقت.
إننا ندرك مدى حاجتكم إلى وقت وحيّز لتمحيص هذه القضايا، ونحن ملتزمون بمنحكم ذلك الوقت والحيّز.
شكراً مرةً أخرى على وقتكم القيِّم وخبراتكم الثمينة. أشكركم للغاية على التزامكم. وإذ أرجو لكم مناقشات مثمرة، فإنني أتطلّع للاستماع إلى الاستنتاجات التي ستتوصّلون إليها.
شكراً جزيلاً.