معالي الدكتور أحمد روبله عبد الله، وزير الصحة في جيبوتي ورئيس جمعية الصحة العالمية الخامسة والسبعين، أصحاب المعالي والسعادة الوزراء ورؤساء الوفود، الزملاء والأصدقاء الأعزاء،
لقد أدليت بالأمس بملاحظاتي على موضوع الصحة من أجل السلام والسلام من أجل الصحة، الذي ستناقشه الدول الأعضاء في المناقشة العامة. وأود أن أبدأ اليوم بإلقاء نظرة إلى الوراء، إلى ما كنا عليه خلال السنوات الخمس الماضية.
لقد انتخبتموني قبل خمس سنوات مرت سريعاً، على أساس جدول أعمال طموح في مجال التغطية الصحية الشاملة؛ والطوارئ الصحية؛ وصحة النساء والأطفال والمراهقين؛ والآثار الصحية المترتبة على تغيُّر المناخ والتغيُّر البيئي؛ وتحوُّل المنظمة. وتطورت هذه الأولويات إلى برنامج العمل العام الثالث عشر وغايات "المليارات الثلاثة"، التي اعتمدتها جمعية الصحة في عام 2018.
ويقدم تقرير المنظمة عن النتائج للثنائية 2020-2021 عرضاً مفصلاً وتفاعلياً لما فعلناه على مدى العامين الماضيين مقابل كل غاية من غايات "المليارات الثلاثة". وإني لأحثكم على قراءته. ولكني أريد أيضاً أن أفكر في كل ما حققناه معاً على مدى السنوات الخمس الماضية.
فليس التقدُّم دائماً سريعاً أو سهل القياس. ولكن صغرت الوسائل أم كبرت، ومرئية كانت أم غير مرئية، فأنا فخور بأن أقول إن هذه المنظمة تحدث فرقاً.
فدعوني أبدأ بما بذلناه من جهود لكي نرى مليار شخص آخر يتمتعون بمزيد من الصحة والعافية. كان توقعنا أننا سنصل إلى هذا الهدف بالكاد بحلول عام 2023، ولكن التقدُّم المُحرز لا يتجاوز ربع ما هو مطلوب لتحقيق الغايات ذات الصلة من أهداف التنمية المستدامة.
ومع ذلك، فهناك اتجاهات مشجعة ونجاحات تستحق الاحتفال بها. ففي مجال التصدي لعوامل خطر الإصابة بالأمراض غير السارية، تحرز بلدان عديدة تقدماً من خلال الحد من استخدام المنتجات الضارة بالصحة.
ويتواصل انخفاض تعاطي التبغ. فمنذ عام 2018، يكاد يتضاعف عدد البلدان التي تسير على الطريق الصحيح لتحقيق الغاية المتمثلة في خفض تعاطي التبغ بنسبة 30٪ بين عامي 2010 و2025، حيث وصل من 32 إلى 60 بلداً.
كما نرى تقدماً مشجعاً نحو تحقيق غايتنا المتمثلة في التخلص من الدهون المتحولة المنتجة صناعياً في إمدادات الأغذية العالمية بحلول عام 2023. ومنذ أن أطلقنا مبادرة REPLACE في عام 2018، اعتُمدت سياسات إلزامية تحظر استخدام الدهون المتحولة المنتجة صناعياً في 58 بلداً تمثل 40٪ من سكان العالم.
وفي السنوات الخمس الماضية، أقدَم أكثر من ثلثي الدول الأعضاء إما بفرض ضرائب انتقائية أو زيادتها على منتج واحد على الأقل يضر بالصحة، مثل التبغ أو الكحول أو المشروبات السكرية.
وفي الوقت نفسه، دعمت المنظمة البلدان في تهيئة البيئة والظروف المعيشية التي يمكن أن تزدهر فيها الصحة. وفي أثناء المؤتمر السادس والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في العام الماضي، وافق أكثر من 50 بلداً على اتخاذ خطوات ملموسة لتطوير نظُم صحية قادرة على تحمل تغير المناخ وخفيضة الكربون. وأصدرنا مبادئ توجيهية جديدة بشأن تلوث الهواء، تضع حدوداً جديدة لجودة الهواء بناءً على تزايد البيّنات على الأضرار التي تلحق بالصحة بسبب تلوث الهواء عند تركيزات أقل حتى مما كان يُعتقد في السابق.
وبات الآن واحد وسبعون بلداً تستخدم مبادئ المنظمة التوجيهية أو أدواتها بشأن الاستجابة الصحية للعنف ضد المرأة. واستقرت معدلات الوفيات على الطرق، على الرغم من الارتفاع المستمر في عدد السيارات. وجرى توسيع الشبكة العالمية للمدن والمجتمعات المحلية المراعية للمسنين، بحيث تدعم أكثر من 1300 مدينة في 52 بلداً لتصبح أماكن أفضل للعيش والتقدم في السن.
ولننتقل الآن إلى ما نبذله من جهود لرؤية مليار شخص آخر يستفيدون من التغطية الصحية الشاملة بحلول عام 2023.
نحن متأخرون بشدة، ويبلغ التقدُّم المُحرز أقل من ربع ما هو مطلوب للوصول إلى غاية المليار هذه. وحتى قبل تفشي الجائحة، كانت تقديراتنا تشير إلى أنه سيتم تغطية 270 مليون شخص آخر فقط بحلول عام 2023 – ويشكّل هذا عجزاً بمقدار 730 مليون شخص في مقابل الغاية المتمثلة في مليار شخص. لقد أعادتنا الاضطرابات في الخدمات الصحية خلال الجائحة إلى الوراء، ويمكن أن يصل العجز وفقاً لتقديراتنا إلى 840 مليون شخص.
ومع ذلك، لدينا العديد من الإنجازات التي لنا أن نفخر بها على مدى السنوات الخمس الماضية في عملنا على تعزيز النظُم الصحية والاستجابة للأمراض السارية وغير السارية.
فلقد شهدنا على المستوى السياسي تعهدين رئيسيين مع صدور إعلان أستانا بشأن الرعاية الصحية الأولية في عام 2018، والإعلان السياسي للاجتماع الرفيع المستوى المعني بالتغطية الصحية الشاملة أثناء الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2019.
وبات برنامج المنظمة الخاص المعني بالرعاية الصحية الأولية الدعم إلى 115 بلداً، مقارنة ﺒ30 بلداً قبل خمس سنوات. ومنذ عام 2015، أحرزت 95٪ من هذه البلدان تقدماً صوب زيادة التغطية بالخدمات.
ورأينا أيضاً اتجاهات مشجعة في عملنا على تعزيز القوى العاملة الصحية العالمية. فخلال الفترة ما بين عامي 2013 و2020، ارتفع عدد العاملين الصحيين على الصعيد العالمي بنسبة 29٪. وكنا قد توقعنا في السابق عجزاً عالمياً قدره 18 مليون عامل صحي بحلول عام 2030. وتقلص هذا العجز المتوقع الآن إلى 15 مليونا - لكنه لايزال عجزاً هائلاً.
وأحرزنا أيضاً خلال السنوات الخمس الماضية، تقدماً كبيراً في توسيع نطاق إتاحة الأدوية وغيرها من المنتجات الصحية الأساسية. فقمنا بتأهيل 53 لقاحاً تأهيلاً مسبقاً و50 وسيلة تشخيص مختبري و288 دواء، ويشمل ذلك علاجات جديدة مهمة لفيروس العوز المناعي البشري والتهاب الكبد والسل والملاريا وأمراض المناطق المدارية المهملة وكوفيد-19. وقمنا أيضاً بتأهيل مسبق لاثنين من أدوية السرطان المماثلة بيولوجياً، وأطلقنا برنامجاً تجريبياً للتأهيل المسبق للأنسولين البشري لجعل هذين العلاجين المنقذين للحياة والباهظي الثمن متوفرين ومتاحين بأسعار معقولة.
وأدرجنا أثناء الجائحة في قائمة لقاحات المنظمة المرخص باستخدامها في حالات الطوارئ 12 لقاحاً مضاداً لكوفيد-19 و28 من وسائل التشخيص المختبري. وفي غضون 15 يوماً من إدراج اللقاحات في قائمة اللقاحات المرخص باستخدامها في حالات الطوارئ، أصدر 101 بلد تصريحاً تنظيمياً خاصاً به، مما يوضح الوزن الذي توليه هذه البلدان لختم الموافقة الصادر عن المنظمة.
وأجرينا تقييماً للأنظمة التنظيمية في 80 بلداً، ودعمنا 10 بلدان جديدة في التطور لبلوغ مستويات تنظيمية أعلى، بما في ذلك أربعة بلدان في أفريقيا، هي: مصر وغانا ونيجيريا وتنزانيا.
وإدراكاً منا لأن ما يقرب من نسبة 90٪ من الدول الأعضاء تبلّغ عن استخدام الطب التقليدي، أنشأنا لتونا في الشهر الماضي المركز العالمي للطب التقليدي في الهند، من أجل تكوين مجموعة موثوقة من البيّنات والبيانات بشأن الممارسات والمنتجات التي تستخدمها ملايين عديدة من الناس.
وفيما يتعلق بالأمراض السارية، دعمت مبادئ المنظمة التوجيهية تحقيق مكاسب رئيسية في اختبار فيروس العوز المناعي البشري وعلاجه، مما أسفر عن انخفاض في الوفيات الناجمة عن هذا الفيروس بنسبة 32٪ عما كانت عليه في عام 2016. واعتمدنا قيام 15 بلداً بالقضاء على انتقال فيروس العوز المناعي البشري و/ أو الزهري الخلقي من الأم إلى الطفل.
وتحققت الغاية المتعلقة بالتهاب الكبد B من أهداف التنمية المستدامة، وارتفع عدد الأشخاص الذين يتلقون العلاج من التهاب الكبد C منذ عام 2015 بمقدار 9 أمثال ليصل إلى 4‚9 ملايين شخص، مما عكس للمرة الأولى اتجاه زيادة الوفيات.
وفيما يتعلق بالسل، حقق 33 بلداً الغاية المتمثلة في خفض الوفيات الناجمة عن السل بنسبة 35% منذ عام 2015، وحقق 86 بلداً انخفاضاً بنسبة 20% في معدل الإصابة. وجرى منذ عام 2012 الإشهاد على خلو تسعة بلدان أخرى من الملاريا، وانخفض عدد الحالات في منطقة الميكونغ الكبرى بنسبة 90٪ تقريباً.
وأصبح لدينا، للمرة الأولى، لقاح مضاد للملاريا. وتلقى الآن أكثر من مليون طفل في غانا وكينيا وملاوي جرعة واحدة منه على الأقل. ويمكن أن يؤدي استخدام هذا اللقاح على نطاق واسع، وفقاً لما أوصت به المنظمة العام الماضي، إلى إنقاذ عشرات الآلاف من أرواح الشباب، وبخاصة في أفريقيا، كل عام.
وفي السنوات الخمس الماضية، قضى 14 بلداً وإقليماً إضافياً على مرض استوائي مهمل واحد على الأقل. وانخفضت حالات داء المثقبيات الأفريقي بنسبة 90٪ في خلال عشر سنوات. وأُبلغ عن 15 حالة فقط من داء الدودة الغينية في العام الماضي مقارنةً ﺒ 5‚3 ملايين حالة في منتصف الثمانينيات من القرن العشرين. وأُبلغ عن حالتين فقط حتى الآن خلال هذا العام.
أما عن حلمنا بعالم خال من شلل الأطفال، فهو قريب للغاية، حيث تم الإبلاغ عن أربع حالات للإصابة بفيروس شلل الأطفال البري حتى الآن خلال هذه السنة في أفغانستان وباكستان - وإن كانت حالتان جديدتان ظهرتها في ملاوي وموزامبيق تشكلان انتكاسة.
وقدمت المنظمة وشركاؤنا في المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال 4‚1 مليار جرعة من لقاحات شلل الأطفال إلى الدول الأعضاء منذ عام 2017 دون تكبيدها أي تكلفة. ولن تنتهي استثماراتنا في شلل الأطفال عندما ينتهي هذا الداء. إذ يجري بالفعل استخدام البنية التحتية والخبرات التي بنيناها في تقديم لقاحات وخدمات صحية أخرى، بما في ذلك بغرض علاج كوفيد-19.
وأحرزنا تقدماً كبيراً في استجابتنا لمقاومة مضادات الميكروبات. ومن الضروري توفير قيادة سياسية رفيعة المستوى للتصدي للتهديد الذي تشكله مقاومة مضادات الميكروبات، ولهذا السبب أنشأنا مجموعة القيادة العالمية بشأن مقاومة مضادات الميكروبات، برئاسة رئيسة وزراء بربادوس ميا موتلي ورئيسة وزراء بنغلاديش حسينة.
ومن خلال نظام المنظمة العالمي لترصُّد مقاومة مضادات الميكروبات، تضاعف عدد البلدان التي تجمع وتتقاسم البيانات المتعلقة بمقاومة مضادات الميكروبات بمقدار ثلاث أمثاله، وشهدنا زيادة بمقدار ستة أمثال في عدد العينات التي جمعت وحللت على الصعيد العالمي.
وأنشئ الصندوق الاستئماني المتعدد الشركاء لمقاومة مضادات الميكروبات، وهو يدعم الآن 11 بلداً في تنفيذ خطط عملها الوطنية. وأنشئ في عام 2020 صندوق العمل بشأن مقاومة مضادات الميكروبات للتغلب على حواجز التمويل التي تعترض تطوير المضادات الحيوية. وقد قام بأول استثماراته في هذه السنة في مجال تطوير دواءين مضادين للبكتيريا.
وفيما يتعلق بالأمراض غير السارية، دعمت المنظمة ملى مدى السنوات الخمس الماضية 36 بلداً في دمج خدمات الوقاية من الأمراض غير السارية والكشف عنها وعلاجها في برامج الرعاية الصحية الأولية، وقدمت الدعم إلى 25 بلداً بخدمات إعادة التأهيل.
ويتمكن حالياً أكثر من 3 ملايين شخص في 18 بلداً من العلاج من فرط ضغط الدم، مع زيادة استخدام حزمة تدخلات المنظمة HEARTS. ووضع أكثر من 30 بلداً سياسات أو برامج لتحسين إتاحة الرعاية المتعلقة بالسرطان في مرحلة الطفولة. وقدمنا الدعم إلى أكثر من 40 بلداً لإدخال لقاحات فيروس الورم الحليمي البشري للمرة الأولى كجزء من مبادرة القضاء على سرطان عنق الرحم. وقدمنا الدعم إلى 31 بلداً إضافياً لدمج خدمات الصحة النفسية ضمن الرعاية الصحية الأولية. وتحسنت معدلات بقاء الأطفال على قيد الحياة بشكل كبير على مدى السنوات اﻠ 20 الماضية، وإن كان 54 بلداً لاتزال بعيدة عن المسار الصحيح لتحقيق غايات بقاء الطفل على قيد الحياة الواردة في أهداف التنمية المستدامة.
ونأتي الآن إلى عملنا في مجال الطوارئ. ومن الواضح أن العالم كان - ولايزال - غير مستعد لمواجهة الجوائح.
ففي كل شهر، تعالج المنظمة أكثر من 9 ملايين معلومة، وتغربل 000 43 إشارة، وتستعرض 4500 حدث وتتحقق من 30 حدثاً في المتوسط. واستجابت المنظمة في السنوات الخمس الماضية لأكثر من 120 طارئة، من بينها أعاصير وبراكين وزلازل وفاشيات وحروب وجائحة واحدة. واستمر بعضها بضعة أشهر وبعضها الآخر سنوات. وتستجيب المنظمة، ونحن نتكلم الآن أيها الزملاء، لأكثر من 50 طارئة في جميع أنحاء العالم. وتكون المنظمة في كثير من الحالات هي أول من يصل وآخر من يغادر.
ونقوم منذ عام 2017 بشحن ما تتجاوز قيمته 6‚1 مليار دولار أمريكي من الإمدادات الطبية في جميع أنحاء العالم، ونعمل مع الشركاء على دعم سلاسل الإمداد الحاسمة المعنية بالطوارئ الصحية. وجرى توسيع مركز المنظمة للخدمات اللوجيستية في دبي بمقدار 10 أمثال.
وقدمت المنظمة وشركاؤنا، من خلال مبادرة تسريع إتاحة أدوات مكافحة كوفيد-19، أكثر من 5‚1 مليار جرعة لقاح، مما مكّن 40 بلداً من بدء حملات التطعيم ضد كوفيد-19، فضلاً عن إجراء 159 مليون اختبار وتوفير علاجات بما قيمته 222 مليون دولار أمريكي.
وأنشأنا للمرة الأولى شعبة للتأهب للطوارئ زودت البلدان بالدعم في التأهب لآلاف التجمعات الجماهيرية، من الألعاب الأولمبية والشتوية، إلى الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف ومعرض إكسبو دبي.
واعتمدنا الاستعراض الشامل للصحة والتأهب، الذي اختُبر الآن بنجاح في أربع دول أعضاء، هي: جمهورية أفريقيا الوسطى والعراق والبرتغال وتايلند بدعم من 21 دولة عضواً أخرى.
وأنشأنا مؤخراً في العام الماضي شعبة جمع المعلومات والترصد للطوارئ الصحية التي أنشأت مركز منظمة الصحة العالمية لتحليل المعلومات عن الجوائح والأوبئة في برلين. وسيعتمد هذا المركز على عملنا الحالي من خلال تسخير أحدث التقنيات والابتكارات في علوم البيانات، ومن خلال زيادة تعزيز تبادل البيانات والمعلومات فيما بين البلدان باتباع نهج "الذكاء التعاوني".
وتظل الأمانة ملتزمة بدعم جميع الدول الأعضاء تقنياً وتشغيلياً ولوجستياً لمواصلة الاستجابة لهذه الجائحة، والتأهب للطوارئ الصحية المقبلة.
ودعمت جميع هذه الإنجازات، عبر أهداف "المليارات الثلاثة"، شعبة العلوم وشعبة البيانات والتنفيذ لتحقيق الأثر، واللتين أنشأناهما في عام 2019.
فقدمت شعبة العلوم الدعم لوضع مئات المبادئ التوجيهية وغيرها من المنتجات المعيارية. واستحدثت المنظمة خلال الجائحة نهج "المبادئ التوجيهية القابلة للتعديل"، الذي خفض متوسط الوقت اللازم لإصدار الإرشادات من ما يصل إلى تسعة أشهر إلى أقل من خمسة أسابيع. وأنشأت المنظمة أيضاً برنامج نقل تكنولوجيا الرنا المرسال في جنوب أفريقيا لدعم البلدان في بناء قدرتها على التصنيع المحلي، باستخدام أحدث التكنولوجيات.
وقدمت شعبة البيانات والتنفيذ لتحقيق الأثر الدعم إلى البلدان لتحسين نظم بياناتها من خلال حزمة المسح والإحصاء والتحسين والاستعراض والتمكين التقنية (SCORE) التي أعدتها المنظمة والبيانات الموحدة في المركز العالمي للبيانات الصحية.
وبدأنا العمل في العام الماضي في أكاديمية منظمة الصحة العالمية في ليون. وتقدم الأكاديمية بالفعل عدة دورات تدريبية تجتذب اهتماماً قوياً. فعلى سبيل المثال، يجري الآن تنفيذ برنامج الأكاديمية لإدارة الإصابات الجماعية بنجاح في 14 بلداً، ووصل البرنامج إلى أكثر من 100 مستشفى.
وقد ساعدت خطة العمل العالمية للحياة الصحية والرفاه للجميع على تعزيز التعاون بين 13 وكالة متعددة الأطراف بشأن الرعاية الصحية الأولية وغيرها من المجالات في أكثر من 50 بلداً.
ويتمثل أساس كل هذه الإنجازات في مسيرة التحوّل التي نمضي فيها منذ خمس سنوات. وقد وُجِّه العديد من النداءات من أجل إحداث تغيير في المنظمة. وليس هناك أدنى شك في أنه لابد من إجراء المزيد من التغيير. بيد أنّ منظمتنا تغيّرت ولاتزال تتغيّر، مع تبنّي مفهوم التحسين المستمر.
وقد وضعنا استراتيجية جديدة من أجل الانتقال من التركيز على المخرجات إلى التركيز على الحصائل؛ وعمليات جديدة لكي نصبح أكثر فعالية وكفاءة ومرونة؛ ونموذجاً تشغيلاً جديداً للانتقال من منظمة مجزَّأة إلى منظمة أكثر تكاملاً ومواءمةً ومرونةً؛ ونهجاً جديداً في الشراكات من أجل الانتقال من مبدأ تفادي المخاطر إلى مبدأ إدارة المخاطر؛ ونهجاً جديداً في التمويل من أجل تحقيق المزيد من الاستدامة والقدرة على التنبّؤ؛ وثقافة جديدة تقوم على القيم المشتركة المتمثلة في الخدمة والمهنية والنزاهة والتعاون والرأفة. وقد جاءت الجائحة لتضع عملية التحوّل على المحك. وأظهرت مدى أهمية التغييرات التي أجريناها والمجالات التي يجب أن نواصل تحسينها.
ولايزال يلزم علينا بذل المزيد من الجهد لتحقيق النتائج والكفاءة والمساءلة والشفافية التي تتوقعونها منّا أنتم دولنا الأعضاء، بما في ذلك أن نصبح منظمة لا تتسامح مطلقاً مع أفعال الاستغلال والاعتداء الجنسيين والتحرش الجنسي ولا مع التقاعس عن اتخاذ إجراءات ضدها.
إنني أزوّد الدول الأعضاء بانتظام بمعلومات كاملة محدَّثة عن عملنا بشأن منع أفعال الاستغلال والاعتداء الجنسيين والتحرش الجنسي والتصدي لها، ويرد تقرير مفصّل عن خطة استجابة إدارة المنظمة في تقريري إلى هذه الجمعية. فاطمئنوا إلى التزامي الشخصي الكامل بهذه المسألة. ونعكف حالياً على إجراء تغييرات واسعة النطاق في منظمتنا، سأوافيكم بمزيد من المعلومات عنها في تقريري عن هذه المسألة في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
وعند النظر إلى الماضي، ندرك أننا حقّقنا الكثير من الإنجازات سوياً على مدى الأعوام الخمسة الماضية. وهناك أسباب كثيرة تجعلنا نشعر بالفخر. ولكننا لا نزال نواجه العديد من التحديات. لذا، يجب أن ننظر إلى الأسفل لمعرفة أين نحن الآن.
وكما قلتُ بالأمس، فإن الجائحة لم تنته بعد. وحتى ونحن نواصل مكافحتها، فإننا نجد أنفسنا أمام مهمّة إعادة الخدمات الصحية الأساسية إلى الوضع الذي كانت عليه قبل الجائحة، حيث أبلغ ما نسبته 90٪ من الدول الأعضاء عن تعطّل واحدة من خدماتها الصحية الأساسية أو العديد منها.
ويعد التمنيع إحدى أكثر الخدمات تعرّضاً للتعطيل. إنّ عدد الأطفال الذين لم يتلقوا أي جرعة من اللقاح المضاد للخناق والكزاز والسعال الديكي يكاد لم يتغيّر منذ عقد من الزمان، إلى غاية عام 2020، حيث قفز بنسبة تزيد على 25٪، ليعيدنا بذلك إلى المستوى الذي كنّا عليه في عام 2005.
ولايزال التقدُّم المُحرز في مجال الصحة الجنسية والإنجابية، بما في ذلك وفيات الأمومة، بطيئاً. وستعاني واحدة من كل ثلاث نساء من العنف البدني أو الجنسي في حياتها. ويسبّب ارتفاع ضغط الدم ثلث مجموع الوفيات، بيد أنه لا يُشخَّص سوى نصف الحالات، فيما يُعالج أقل من نصف هذه الحالات. وقد أسفرت الجائحة عن زيادة هائلة بنسبة 28٪ في حالات الاكتئاب و26٪ في حالات الاضطراب الناجم عن القلق على الصعيد العالمي.
ويتزايد عدد الوفيات الناجمة عن الملاريا منذ عام 2015، فيما ارتفع عدد الوفيات الناجمة عن السل خلال العام الماضي لأول مرة منذ عقد من الزمان. وفي عام 2020، انخفض عدد الأشخاص الذين يتلقون العلاج ضد أحد أمراض المناطق المدارية المهملة بنسبة 25٪ نتيجةً لحالات التعطّل في الخدمات الصحية التي تسببت فيها الجائحة.
ولا يُموَّل سوى 20٪ من خطط العمل الوطنية بشأن مقاومة مضادات الميكروبات تمويلاً كاملاً، ومعظمها في البلدان المرتفعة الدخل. ومنذ عام 2000، ارتفع عدد الأشخاص الذين يواجهون ضائقة مالية في العالم نتيجة لإنفاقهم على الصحة من أموالهم الخاصة بنسبة 75٪، ليصل بذلك إلى ما يقرب من ملياريْ شخص.
ولاتزال احتياجات عالمنا هائلة ومعقّدة. ولكن، ليس أي من هذه التحديات أمراً مستعصياً. فهناك حلول لكل التحديات، كما أن الإرادة تصنع المعجزات.
فكيف يمكننا تسخير تلك الحلول للتغلّب على التحديات التي نواجهها، وتسريع وتيرة التقدُّم صوب تحقيق غايات المليارات الثلاثة وأهداف التنمية المستدامة؟
لقد نظرنا إلى الماضي لمعرفة من أين أتينا. ونظرنا إلى الأسفل لمعرفة أين نحن الآن. اسمحوا لي الآن أن أتطلّع إلى المستقبل، وبالتحديد إلى حيث أعتقد أنه يلزم علينا أن نكون في السنوات الخمس المقبلة.
وفي اجتماع المجلس التنفيذي المعقود في كانون الثاني/ يناير، حددتُ أولوياتي الخمس للسنوات الخمس المقبلة، وأشكر بهذه المناسبة رئيس المجلس، الدكتور باتريك أموث.
ومنذ ذلك الحين، تواصل الأمانة بحث الكيفية التي سنعمل بها مع الدول الأعضاء على تنفيذ هذه الأولويات، والتي نصفها الآن على النحو التالي:
تعزيز الصحة، من خلال معالجة الأسباب الجذرية للأمراض وتهيئة الظروف المواتية للتمتّع بالصحة والعافية؛
وتوفير الخدمات الصحية، من خلال إعادة توجيه النُظُم الصحية صوب الرعاية الصحية الأولية، باعتبارها أساس التغطية الصحية الشاملة؛
وحماية الصحة، من خلال تعزيز الهيكل العالمي للتأهب للطوارئ الصحية والاستجابة لها والصمود أمامها؛
وتنشيط التقدُّم، من خلال تسخير العلوم والبحوث والابتكار والبيانات والتكنولوجيات الرقمية؛
وتحقيق أداء جيد، من خلال بناء منظمة أقوى قادرة على تحقيق نتائج، وتعزيزها لتؤدي دورها الرائد في مجال الصحة العالمية.
أولاً، تعزيز الصحة. إن تجسيد رؤيتنا لأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه لا يبدأ في العيادة أو المستشفى، بل في المدارس والشوارع والمراكز التجارية والأُسر والضواحي.
ويتعلق القدر الأكبر من العمل الذي تقومون به كوزارات للصحة بعواقب سوء التغذية، والبيئات الملوثة، والطرق وأماكن العمل غير الآمنة، وعدم كفاية التثقيف الصحي، والتسويق المكثّف للمنتجات التي تضر بالصحة. ويلزم علينا التعجيل بإحداث تحوّل صوب تعزيز الصحة والعافية والوقاية من الأمراض من خلال معالجة أسبابها الجذرية.
وعلى الصعيد العالمي، لا يُنفق على أنشطة التوعية والوقاية سوى 3٪ من ميزانيات الصحة. ومع ذلك، فإن زيادة الاستثمار في هذين المجالين من شأنها أن تحد من أعباء المرض في العالم بمقدار النصف، وأن تدرّ عائدات كبيرة للأفراد والعائلات والمجتمعات المحلية والدول. إننا ندعو جميع الحكومات إلى وضع صحة شعوبها في صميم خطط التنمية والنمو التي تضعها.
وتلتزم المنظمة، خلال السنوات الخمس المقبلة، بدعم جميع الدول الأعضاء من أجل تركيز اهتمامها على التحوّلات الأشد تأثيراً: إزالة الكربون من قطاعاتكم الصحية؛ وتنفيذ معايير جودة الهواء؛ والحد من الاعتماد على السيارات وتعزيز وسائل النقل العام؛ وضمان توافر الكهرباء وخدمات المياه والصرف الصحي المأمونة في جميع المرافق الصحية؛ وتحسين النظام الغذائي والتغذية وسلامة الأغذية؛ وعلى وجه الخصوص، وقف ارتفاع معدلات السمنة في 24 بلداً من البلدان المثقلة بعبء المرض بحلول عام 2025؛ والحد من استهلاك المنتجات المضرّة بالصحة.
وتتمثل الأولوية الثانية في توفير الخدمات الصحية، من خلال إعادة توجيه النُظُم الصحية صوب الرعاية الصحية الأولية، باعتبارها أساس التغطية الصحية الشاملة.
وفي الوقت الراهن، يعد الإنفاق على الصحة في إطار الرعاية الثانوية والرعاية المتخصصة غير متوازن في معظم البلدان، حيث تُنفق مبالغ ضخمة على المعدات والأدوية الباهظة الثمن التي غالباً ما تحقق مكاسب صحية متواضعة. وعلى النقيض من ذلك، يمكن تقديم 90% من الخدمات الصحية الأساسية في إطار الرعاية الصحية الأولية؛ ونقدّر أن الاستثمار في الرعاية الصحية الأولية يمكن أن يزيد من متوسط العمر المتوقع في العالم بما يصل إلى 7‚6 سنوات بحلول عام 2030.
نحن بحاجة إلى نقلة نوعية من أجل تسريع وتيرة التقدُّم نحو التغطية الصحية الشاملة، مع زيادة كبيرة في الاستثمارات في مجال الرعاية الصحية الأولية في جميع البلدان، سواء كانت من ذات الدخل المرتفع أو المتوسط أو المنخفض. فقد شهدنا ضعف الرعاية الصحية الأولية على الصعيد العالمي.
وما ندعو إليه البلدان على وجه الأهمية الحاسمة هو ضمان ألا تترتب على التماس الرعاية الصحية صعوباتٌ مالية. ولذلك يتمثل هدف الأمانة في دعم 25 بلداً من أجل وضع حد للصعوبات المالية المتزايدة الناجمة عن إنفاق الأفراد على الصحة من جيوبهم، بحلول عام 2025.
وتتمثل الأولوية الثالثة في حماية الصحة، من خلال توطيد أسس الهيكل العالمي للتأهب للطوارئ الصحية والاستجابة لها والقدرة على الصمود أمامها.
وقد أعدّت الأمانة، استجابةً لطلب من المجلس التنفيذي، وبالتشاور مع الدول الأعضاء، مقترحاً لهيكل عالمي منصف وشامل ومتسق. ويلخص هذا المقترح أكثر من 300 توصية منبثقة عن استعراضات متنوعة للاستجابة العالمية للجائحة، ويبني عليها. وسيتيح الاتفاق الدولي، الذي تتفاوض حوله الدول الأعضاء حالياً، إطاراً قانونياً حيوياً شاملاً يتضمن 10 توصيات ضمن ثلاثة مجالات رئيسية.
فأولاً، نحتاج إلى إطار حوكمة متسق وشامل وخاضع للمساءلة. وثانياً، نحتاج إلى نُظم وأدوات أقوى للوقاية من الطوارئ الصحية وكشفها والاستجابة سريعاً لها. وثالثاً، نحتاج إلى التمويل الكافي والمؤثر على الصعيدين المحلي والدولي.
وترتكز هذه المقترحات على الحاجة إلى تقوية منظمة الصحة العالمية واستدامة تمويلها لتتبوأ مكانتها في صلب الهيكل العالمي للأمن الصحي. وسأعود إلى هذه النقطة بعد لحظات. والأمانة تتطلع إلى تلقي آرائكم وملاحظاتكم بشأن هذا الهيكل المقترح، ولكن الأهم من ذلك أنها تتطلع إلى العمل معكم على بناء هذا الهيكل.
وتتمثل استراتيجيتنا الرابعة في تمكين إحراز التقدُّم، من خلال تسخير العلم والبحوث والابتكار والبيانات والتكنولوجيات الرقمية.
فالتقدُّم في مجالي العلم والبحوث يطرق أبواب المجهول والمستحيل، ويعزز فهمنا ويفتح لنا آفاقاً جديدة. والابتكارات في المنتجات الصحية وتقديم الخدمات تعطينا الأمل في التغلب على التحديات التي بدت ذات يوم عصيّة على الحل.
أما التطور في مجالي البيانات الضخمة وتعلّم الآلة فيساعدنا على تحديد من يتخلف على الركب وأين تكمن أكبر الثغرات، وعلى رصد التقدم الذي نحرزه في بلوغ غاياتنا. وتتيح لنا التكنولوجيات الرقمية بدورها إمكانات هائلة لتقديم الخدمات الصحية بطرق جديدة لمزيد من الأفراد، لاسيما في الأماكن التي يصعب الوصول إليها.
وللحاق بركب غايات "المليارات الثلاثة" وأهداف التنمية المستدامة، علينا أن نسرّع خطانا ونوسّع نطاق استفادتنا من العلم والبحوث والابتكارات والتكنولوجيات الرقمية.
ويكمن مفتاح ذلك كله في الإنصاف: فأفضل العلوم والتكنولوجيات هي تلك التي تُحدث الفرق الأكبر في حياة الناس الأكثر تخلفاً عن الركب. ولا يمكن أن نترك ذلك للحظ أو لحسن النية أو لقوى السوق. لذلك تقترح الأمانة للسنوات الخمس القادمة دعم تطبيق خمس ابتكارات على الأقل يفيد كل ابتكار منها خمسة ملايين شخص على الأقل.
والأولوية الخامسة هي النهوض بالأداء، من خلال بناء منظمة قوية تحقق النتائج ومتمكنة من أداء دورها القيادي في ميدان الصحة العالمية.
فقد كشفت الجائحة لماذا يحتاج العالم إلى منظمة صحة عالمية أقوى وأشدّ تمكيناً ومموّلة تمويلاً مستداماً. وقد عبّر الكثيرون منكم عن ذلك بعبارات بليغة، وأشكركم على ذلك جزيل الشكر.
وأرحّب بتوصية الفريق العامل المعني بالتمويل المستدام بشأن زيادة الاشتراكات المقدّرة لتغطي نسبة 50% من الميزانية الأساسية على مدار العقد القادم. وأودّ أن انتهز هذه لفرصة لأشكر بيورن كوميل على قيادته الفذّة، وأشكر جميع أعضاء هيئة الفريق العامل والدول الأعضاء كافةً على دعمكم.
كما أودّ أن أرحب بالتوصية الداعية إلى النظر في نموذج لتجديد الموارد وتوسيع قاعدة تمويلنا وتوفير المزيد من التمويل المرن لميزانيتنا البرمجية.
فمن شأن هذه التوصيات أن تحدث تحوّلاً شاملاً في منظمتنا. وقد أكّدت على مدى أشهر عديدة أن إصلاح تمويل المنظمة إما أن يكون الآن أو لا يكون أبداً. وإذا اعتمدت جمعية الصحة هذه قراراً بهذا الشأن، وهو ما آمل أن يكون، فستكونون قد أجبتم على هذا السؤال، واخترتم الآن.
أشكر جميع الدول الأعضاء على التزامها على مدار العام الماضي وانخراطها في المفاوضات. كانت مهمة صعبة، ولكننا أنجزناها. ونحن نقرّ ونقبل بأن زيادة الثقة تقترن بزيادة المسؤولية.
والأمانة ترحب بتوصية الفريق العامل بمواصلة تعزيز الحوكمة والشفافية والمساءلة والكفاءة والامتثال، ونتطلع إلى العمل مع فريق العمل التابع للدول الأعضاء للمُضي قُدماً على هذا المسار. وسوف نعمل ليلاً نهاراً لتحقيق النتائج في هذه المجالات.
وتتمثل إحدى الأولويات الرئيسية للسنوات الخمس القادمة في مواصلة تعزيز عملنا في المكاتب القُطرية. وأؤكد لكم أن كل الطرق تؤدي إلى البلدان، وفقاً لأولويات البلدان نفسها.
السيد الرئيس، أصحاب السعادة، الزملاء والأصدقاء الأعزاء،
لقد نظرنا وراءنا، إلى حيث كنا نقف؛ ونظرنا أسفلنا، إلى حيث نقف الآن؛ ونظرنا أمامنا، إلى حيث ينبغي أن نذهب.
وأدعوكم الآن إلى النظر إلى الأعلى. كيف سنتغلب على التحديات العديدة التي تواجهنا ونحقق الغايات التي رسمناها لأنفسنا؟ نحتاج من أجل ذلك إلى بيانات جيدة، وإلى تخطيط جيد، وإلى علوم جيدة، وإلى التزام سياسي راسخ. ولكن ما نحتاج إليه أكثر من ذلك كله هو الأمل، الإيمان بأن الأمور يمكن أن تسير نحو الأفضل.
وكما قال فخامة رئيس كرواتيا، السيد ميلانوفيتش، يوم أمس، فإن رئيس أول جمعية صحة عالمية، عُقدت في عام 1948، كان كرواتياً، وهو الدكتور أندريا شتامبار. وكان الدكتور شتامبار بعيد الرؤية، وأحد مهندسي دستور المنظمة، بما في ذلك ديباجتها الخالدة. وفي الخطاب الأول الذي ألقاه أمام جمعية الصحة العالمية الأولى قبل 74 عاماً، قال الدكتور شتامبار:
من الواضح أن ليس بمقدورنا حل المشاكل الصحية بالطريقة نفسها في جميع البلدان. فلكل بلدٍ خصائصه، وما قد يبدو نافعاً لبلدٍ ما قد لا يكون كذلك لبلد آخر. ولكن ثمة حقيقة واحدة تنطبق على الجميع، وهي أن الصحة حق جوهري لكل فرد.
وهذا الحق في الصحة هو ما ناضلت لأجله المنظمة على مدار ثلاثة أرباع قرن من الزمن. وهو ما سنواصل النضال لأجله في المستقبل؛ وهو ما سأناضل شخصياً من أجله، لأن الصحة حق جوهري من حقوق الإنسان. وهي غاية في حد ذاتها، ووسيلة لتحقيق التنمية.
شكراً جزيلاً لكم وأتطلع إلى عملنا معاً. شكراً على ثقتكم ودعمكم.