عمتم صباحاً ومساءً أينما كنتم، 

لقد نشرت المنظمة يوم الثلاثاء من هذا الأسبوع التقرير العالمي عن السل لهذا العام الذي يفيد بأن عام 2023 شهد تشخيص حالات جديدة للإصابة بالسل لدى 8,2 مليون شخص - وهو أعلى رقم من الحالات سُجّل منذ أن بدأت المنظمة برصد السل في العالم خلال عام 1995. 

وانخفض عدد الوفيات الناجمة عن السل للعام الثاني على التوالي بفضل التحسن المستمر في إتاحة خدمات الوقاية من السل وتشخيص المصابين به وعلاجهم بعد حالات الانقطاع التي سببتها جائحة كوفيد-19 في تلك الخدمات. 

ويبين التقرير للمرة الأولى تقديرات عن الآثار المالية للسل في البلدان ويفيد بأن نصف الأسر المتضررة من المرض تواجه تكاليف صحية كارثية بسببه، ما يعني أنها تنفق نسبة تزيد على 20٪ من دخلها السنوي على تشخيصه وعلاجه. 

والسل مرض سببه الحرمان لا محالة، فهو يؤثر تأثيراً غير متناسب على أفقر الناس في 30 بلداً مثقلاً بعبئه. كما يوجد ثمانية بلدان تستأثر لوحدها فقط بثلثي إجمالي حالات السل والوفيات الناجمة عنه، وهي: الهند وإندونيسيا والصين والفلبين وباكستان ونيجيريا وبنغلاديش وجمهورية الكونغو الديمقراطية. 

وما زال السل المقاوم للأدوية المتعددة يشكل تحدياً خطيراً أيضاً. وقد ارتفعت معدلات نجاح علاج المصابين بهذا السل إلى 68٪، ولكن عدد المرضى الذي شُخصت إصابتهم به وعُولجوا منه قل عن النصف، بحسب التقديرات. 

وتشير التقديرات كذلك إلى أن حوالي ربع سكان العالم يحملون عدوى بكتيريا السل، بيد أن معظمهم لا يُصابون بمرض السل فعلاً. 

وتصل نسبة الناس الذين تنشط لديهم عدوى المرض ويُصابون بالسل فعلاً إلى 10٪، ويرد ذلك غالباً إلى نقص التغذية وعدوى فيروس العوز المناعي البشري والاضطرابات الناجمة عن تعاطي الكحول وداء السكري والتدخين، وخصوصاً فيما بين الرجال. 

ولعل ذلك أحد الأسباب التي تفسر إصابة 55٪ من الرجال بالسل، بينما لا تُصاب به إلا نسبة 33٪ من النساء و12٪ من الأطفال والمراهقين الشباب. 

وكان زعماء العالم في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال العام الماضي قد قطعوا التزامات ملموسة لتحسين إتاحة خدمات الوقاية من السل وتشخيص المصابين به ورعايتهم لحماية الأسر من آثاره المالية؛ وتطوير لقاح جديد مضاد للمرض؛ وزيادة التمويل اللازم لتنفيذ أنشطة مكافحة السل وإجراء البحوث المتعلقة به. 

وتحث المنظمة جميع البلدان والشركاء على الوفاء بتلك الالتزامات. وإن الحقيقة القائلة إن السل ما زال يتسبب في قتل وإمراض الكثير من الناس أمر مؤسف لأننا نمتلك الأدوات اللازمة للوقاية منه وكشفه وعلاجه والقضاء عليه. 

=== 

وانتقل الآن إلى فاشيات جدري القردة (الإمبوكس) في أفريقيا. 

فقد جرى حتى الآن تطعيم أكثر من 000 50 شخص ضد الإمبوكس في جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا بفضل التبرع بالأدوية المقدمة من الولايات المتحدة والمفوضية الأوروبية. 

كما قامت المنظمة في الشهر الماضي، بالتعاون مع مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في أفريقيا والائتلاف المعني بابتكارات التأهب لمواجهة الأوبئة وتحالف غافي للقاحات ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، بإنشاء آلية إتاحة لوازم مكافحة الإمبوكس وتوزيعها - آلية الإتاحة - دعماً لإتاحة لقاحات الإمبوكس بإنصاف وفي الوقت المناسب. 

وتتولى آلية الإتاحة توزيع 000 900 جرعة تقريباً من اللقاحات خلال هذا الأسبوع لتسعة بلدان بناءً على احتياجاتها في مجال الصحة العامة - وخصوصاً منها التي تشهد ارتفاعاً كبيراً في معدلات انتقال فيروس المرض من الفرع الحيوي الأحادي السلف 1ب. 

وستُبلّغ البلدان اليوم بتوزيع اللقاحات، وستعلن المنظمة وشركاؤنا عن التفاصيل قريباً. 

وهذه هي الدفعة الأولى المكونة من حوالي ستة ملايين جرعة لقاح نتوقع أن تكون متاحة بحلول نهاية عام 2024. 

وتستعمل هذه اللقاحات في سياق اتباع نهج تدريجي وفي إطار تطبيق الاستراتيجية العالمية والقارية الشاملة. 

وأعرب عن شكري للبلدان والجهات الشريكة التي تبرعت بهذه اللقاحات، وهي: كندا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي و12 دولة عضوة فيه وتحالف غافي للقاحات. 

وهذه الخطوة هي خطوة هامة على طريق مكافحة فاشيات الإمبوكس في إطار خطة الاستجابة الاستراتيجية المشتركة بين المنظمة ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في أفريقيا. 

ومن الضروري التأكيد على أن التطعيم لا يمثل سوى جزءاً واحداً من تلك الخطة، جنباً إلى جنب مع الجهود المبذولة لكشف الحالات، وتتبع المخالطين، والوقاية من العدوى ومكافحتها، والرعاية السريرية، والإبلاغ عن المخاطر وإجراء الاختبارات. 

ورغم الارتفاع الكبير المشهود في معدلات إجراء الاختبارات هذا العام، لم تُختبر نسبة تراوحت بين 40 و50 في المائة من الحالات المشتبه فيها بجمهورية الكونغو الديمقراطية. 

وقد وافقت المنظمة في الأسبوعين الماضيين على إدراج اختبارين إضافيين في بروتوكول المنظمة للإذن بالاستعمال في حالات الطوارئ (بروتوكول الاستعمالات الطارئة) لزيادة إتاحة المنتجات المضمونة الجودة. 

كما نواصل عملنا مع شركات تصنيع هذه المنتجات والسلطات التنظيمية في البلدان المتضررة تسهيلاً لإجراءات تسجيل المنتجات محلياً أو إدراجها في بروتوكول الاستعمالات الطارئة. 

=== 

ودعونا ننتقل الآن إلى غزة. 

فقد أقرّ البرلمان الإسرائيلي، الكنيست، في هذا الأسبوع مشروعي قانونين يحظران على وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى – أو الأونروا - العمل في غزة. 

والأونروا واحدة من أكبر الجهات المقدمة للخدمات الصحية الأساسية في غزة، وهي تواصل تقديم الدعم الصحي والإنساني الحيوي لأكثر من سبعة عقود من الزمن. 

وتسدي آلاف الاستشارات الطبية وتقوم بتطعيم مئات الأطفال يومياً. 

ويعتمد العديد من الشركاء في مجال العمل الإنساني على شبكات الأونروا اللوجستية لإيصال الإمدادات إلى غزة ومنها إلى المناطق التي تلزمها مساعدة. 

وإن موظفي الأونروا الذين تعمل معهم المنظمة هم مهنيون صحيون وإنسانيون متفانون في أداء مهنتهم ممّن يعملون بلا كلل من أجل خدمة مجتمعاتهم المحلية في ظل ظروف يتعذر تصورها. 

ولكن قرار إسرائيل بفرض قيود على عمليات الأونروا يتعارض مع التزامات إسرائيل ومسؤولياتها ويعرض حياة وصحة جميع المعتمدين على هذه الخدمات الأساسية للخطر. 

فهذا الحظر لن يؤدي إلى تمتع إسرائيل بمزيد من الأمن، بل سيهول معاناة سكان غزة ويزيد خطورة اندلاع فاشيات الأمراض. 

ودعوني أكون واضحاً في كلامي: لا يوجد بديل للأونروا ببساطة. 

ومن المقرر أن تبدأ غداً المرحلة الثالثة من حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في الجزء الشمالي من قطاع غزة، بعد تأجيلها الأسبوع الماضي بسبب القصف المكثف، وأوامر الإجلاء الجماعي، وتعذر إمكانيات الوصول أو ضمان التوصل إلى هدنة إنسانية. 

وقد تم ضمان الهدنة الإنسانية اللازمة لشن الحملة، على أن منطقة الهدنة قلّصت إلى حد كبير وهي مقصورة الآن على مدينة غزة. 

وسعت الحملة في مرحلتها الأخيرة إلى الوصول إلى ما يقدر بنحو 000 119 طفل دون سن العاشرة، ولكن من غير المرجح بلوغ تلك الغاية الآن بسبب تدهور الظروف في شمال غزة كل يوم. 

كما أوفدت المنظمة في الأسبوعين الماضيين 6 بعثات إلى شمال غزة لإيصال الإمدادات الطبية والأغذية لموظفي المستشفيات والمرضى عندما سُمِح لها بذلك، وكذلك الوقود اللازم لمواصلة تشغيل المولدات. 

وبعد قتال عنيف وفرض الحصار وشن الغارات في الأيام الأخيرة، تحول مستشفى كمال عدوان من مستشفى يساعد مئات المرضى ويعمل فيه عشرات العاملين الصحيين إلى هيكل خاو. 

وقد ساعدت المنظمة في نقل المرضى المصابين بحالات خطيرة منه إلى مستشفيي ناصر والشفاء اللذين يمكنهم فيهما الحصول على رعاية أعلى مستوى. ولا يوجد الآن في مستشفى كمال عدوان إلا بضع عشرات من المرضى الذي يرعاهم عدد ضئيل من الموظفين. 

وأسفرت هجمة شنّت على أحد طوابق المستشفى والحريق الذي اندلع بسببها عن تدمير بعض الإمدادات التي سلمناها إلى المستشفى. ونحن نحاول الوصول إلى موظفي المستشفى للحصول على مزيد من المعلومات. 

ولنعرف المزيد، ينضم إلينا اليوم ممثل المنظمة في الأرض الفلسطينية المحتلة، الدكتور ريك بيبركورن، الذي يحدثنا من شمال غزة. 

ريك، تفضّل الكلمة لك. 

[الدكتور بيبركورن يخاطب وسائل الإعلام] 

شكراً جزيلاً لك ريك ولجميع زملائنا في المنظمة ولكل الشركاء في مجال العمل الإنساني الذين يعملون في ظل ظروف يتعذر تصورها. 

ولكن أقول مرة إن الحل النهائي لهذه المعاناة لا يكمن في تقديم المساعدات بل في إحلال السلام. 

فضيلة، أعيد إليك الكلمة.