عمتم صباحاً ومساءً أينما كنتم، 

بالأمس صُدمت المنظمة وشعرت بالأسى إثر تلقيها لخبر وفاة الدكتور فاوستين ندوغوليلي، المدير الإقليمي المنتخب لأفريقيا، عن عمر يناهز 55 عاماً، وتركه ورائه لزوجة وثلاثة أطفال. 

وكانت اللجنة الإقليمية لأفريقيا قد رشحت الدكتور ندوغوليلي، المنحدر من جمهورية تنزانيا المتحدة، لشغل منصب المدير الإقليمي في آب/ أغسطس من هذا العام. 

كما كان مقرراً أن ينظر مجلس المنظمة التنفيذي أثناء اجتماعاته في شباط/ فبراير من العام المقبل في تعيين الدكتور الراحل. 

وعليه أتقدم بأحر التعازي إلى أسرة الدكتور ندوغوليلي وأصدقائه، وإلى جمهورية تنزانيا المتحدة برلماناً وشعباً. 

=== 

وتشرفت كذلك في مؤتمر قمة قادة مجموعة العشرين المعقود في البرازيل خلال الأسبوع الماضي بالإعلان عن حصيلة الجولة الاستثمارية الأولى للمنظمة إلى جانب فخامة الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا. 

وتسعى هذه الجولة الاستثمارية إلى حشد الموارد اللازمة لتنفيذ الاستراتيجية العالمية للمنظمة للمساعدة في الحفاظ على سلامة العالم وإنقاذ أرواح 40 مليون شخص على مدى السنوات الأربع المقبلة. 

وبفضل عقد سلسلة من الأحداث، تعهدت حتى الآن 70 جهة بتزويد المنظمة بأموال قيمتها 1,7 مليار دولار أمريكي. 

ويوجد من بين هذه الجهات المتعهدة 39 جهة متبرعة طوعاً لأول مرة للمنظمة، منها 21 بلداً متوسط الدخل. 

كما قدمت مساهمات بعض البلدان التي هي من أفقر بلدان العالم لأن رأت الفرق الذي تستطيع المنظمة إحداثه في الميدان. 

وإضافة إلى اتفاقات وشراكات أخرى بشأن التمويل، يمكننا الآن الاعتماد على ما لا يقل عن 3,8 مليار دولار أمريكي، أو 53٪ من المساهمات الطوعية اللازمة لعملنا خلال السنوات الأربع المقبلة. 

وهذا إنجاز كبير فعلاً، لأنه لم يتسن التنبؤ على مدى عقود من الزمن إلا بقدر ضئيل من إجمالي ميزانية المنظمة. 

فالتمويل المتأتي من الجولة الاستثمارية يعزز قدرتنا على التنبؤ بالتمويل ومرونته وعلى الاستجابة بسرعة للتهديدات الصحية الآخذة في التطور باستمرار في كل أنحاء العالم. 

وبذا أعرب عن شكري لجميع البلدان والشركاء على المساهمات المقدمة. 

=== 

ودعوني انتقل الآن إلى فاشيات جدري القردة.

فقد اجتمعت لجنة الطوارئ يوم الجمعة الماضي وأبلغتني بأن فاشيات جدري القردة المندلعة في أفريقيا ما زالت تشكّل طارئة صحية عامة تثير قلقاً دولياً، وقد قبلتُ تلك المشورة. 

كما أصدرت لجنة الطوارئ يوم أمس توصيات مؤقتة محدثة وردت فيها بعض التوصيات الجديدة ومُدّد فيها العمل بتوصيات أخرى أو أُدخلت تعديلات عليها. 

وقد قلنا مراراً وتكراراً إننا لا نتعامل مع فاشية واحدة ناجمة عن فيروس واحد، بل مع عدة فاشيات ناجمة عن سلالات أو فروع حيوية مختلفة أحادية السلف من الفيروس تؤثر على مجموعات مختلفة في أماكن عديدة. 

وأبلغ حتى الآن من هذا العام 20 بلداً أفريقياً عن أكثر من 14 ألف حالة مؤكدة، منها 55 وفاة. 

وتبين أن هناك نسبة تزيد على 75٪ من جميع الحالات المؤكدة والوفيات المُبلغ عنها في أفريقيا خلال هذا العام قد لحقت بجمهورية الكونغو الديمقراطية التي انتشرت فيها الآن فاشية للفيروس من الفرع الحيوي 1ب في ست مقاطعات، بما فيها العاصمة كينشاسا. 

كما انتشر الفرع الحيوي 1ب من الفيروس في أربعة بلدان مجاورة على النحو التالي: 

أُبلغ في بوروندي عن أكثر من 2000 حالة، معظمها في المناطق الحضرية؛ 

ويوجد في أوغندا 649 حالة ناجمة عن الوباء الآخذ في الانتشار بسرعة، وخاصة في العاصمة كمبالا؛ 

وتأكدت في رواندا 37 حالة وفي كينيا 19 حالة؛ 

كما أُبلغ عن ظهور حالات في 8 بلدان أخرى على الأقل من بلدان أفريقيا والأمريكتين وأوروبا. 

وتواصل المنظمة ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في أفريقيا وشركاؤنا دعم البلدان في الاستجابة لهذه الفاشيات ومنع اندلاع المزيد منها بموجب خطتنا القارية المشتركة بشأن التأهب والاستجابة للفاشيات. 

ونحن نواصل معاً تعزيز "العناصر الخمسة" للاستجابة للفاشية، ألا وهي: 

التنسيق: 

والتعاون في مجال ترصد الحالات وكشفها؛ 

وحماية المجتمع المحلي؛ 

وتوفير رعاية سريرية مأمونة ويمكن توسيع نطاقها؛ 

واتخاذ تدابير مضادة تشمل اللقاحات. 

وجرى التعهد حتى الآن بتوفير ستة ملايين جرعة لقاح مضادة للمرض، منها 1,6 مليون جرعة جاهزة لتوزيعها بحلول نهاية العام. 

كما جرى تطعيم 000 56 شخص تقريباً في 7 مقاطعات من جمهورية الكونغو الديمقراطية التي يستعد فيها مسؤولو الشؤون الصحية لإعطاء جرعة ثانية من اللقاح والبدء بشن حملة التطعيم في كينشاسا خلال هذا الأسبوع. 

ولكن ما زالت هناك تحديات كثيرة ماثلة أمامنا في مجال السيطرة على هذه الفاشيات. 

ويلزمنا لكي نسيطر عليها قطع التزام سياسي أقوى بتوسيع نطاق أنشطة الاستجابة للفاشيات؛ 

وتلزمنا أيضاً خطط مزودة بموارد كاملة بشأن التأهب والاستجابة؛ 

كما يلزمنا مزيد من المساهمات لاتخاذ تدابير طبية مضادة، بما فيها وسائل التشخيص واللقاحات. 

ويلزمنا كذلك أن تستمر البلدان المتضررة والشركاء في العمل والتعاون على أساس الشفافية. 

=== 

وترحب المنظمة بوقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان الذي دخل حيز النفاذ يوم أمس، ويحدونا أمل كبير في أن يحظى هذا الوقف بالاحترام ويتحول إلى سلام دائم بين البلدين. 

ورغم توقف أعمال القتال في الوقت الحالي، فإن الاحتياجات الصحية ضخمة وسوف تتزايد أكثر فأكثر. 

لأن هذه الاحتياجات باتت أكثر إلحاحاً الآن مع قدوم فصل الشتاء. 

فقبل عام في غزة، كان جميع المشردين تقريباً بسبب النزاع يحتمون في المباني العامة أو بأفراد أسرهم. 

ولكن تعيش الآن نسبة 90٪ منهم في خيام. 

ممّا يعرضهم للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي وغيرها من الأمراض. 

ومن المتوقع أن تتسبب برودة الطقس والأمطار والفيضانات في تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية. 

كما يتسبب في الوقت نفسه الحصار المفروض باستمرار على شمال غزة في الحد من دخول الموارد الأساسية، بما فيها البطانيات والوقود والغذاء، التي يعاني القطاع فعلاً من نقص إمدادتها كلها. 

وقامت المنظمة وجهاتها الشريكة في هذا الأسبوع بزيارة استغرقت ثلاثة أيام إلى شمال غزة. وزار الفريق المُوفد 13 مرفقاً صحياً شملت 5 مستشفيات. 

ووقف أعضاء الفريق على زيادة كبيرة في أعداد المرضى المصابين برضوح وأمراض مزمنة يلزمهم علاج منها. 

وثمة نقص حاد في الأدوية الأساسية، ويعاني العاملون الصحيون من ضغوط نفسية كبيرة. 

وتبذل المنظمة وجهاتها الشريكة كل ما في وسعها - أي كل ما تسمح لنا إسرائيل بالقيام به - لتقديم الخدمات والإمدادات الصحية. 

وتمثل الاستعانة بفرق الطوارئ الطبية المكونة من مهنيين صحيين من جميع أنحاء العالم ممّن تطوعوا للخدمة واحدة من أهم الطرق لتحقيق ذلك. 

وقد قدمت المنظمة حتى الآن الدعم في مجال نشر 45 فرقة من 25 منظمة شريكة. 

كما قدمت الفرق أكثر من مليوني استشارة منذ كانون الثاني/ يناير من هذا العام. 

ولكن أقول مرة أخرى إن الحل النهائي لهذه المعاناة لا يكمن في تقديم المساعدات بل في إحلال السلام. وأقول مرة أخرى كذلك أن السلام هو أفضل دواء. 

=== 

وشهد يوم الاثنين من هذا الأسبوع استهلال الحملة السنوية التي تشنها المنظمة لمدة 16 يوماً بشأن تسليط الضوء على العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي يؤثر على واحدة على الأقل من كل ثلاث نساء وفتيات في العالم. 

فهذا العنف يلحق الضرر بالنساء من جميع البلدان والثقافات، ولكن بعضهن أكثر عرضة لخطره - وخصوصاً من يعشن منهن في أماكن تشهد حروباً ونزاعات وطوارئ إنسانية أخرى. 

وغالباً ما يُستعمل العنف الجنسي كسلاح أثناء الحرب، مثلما هو الحال في السودان. 

وتقوم الجماعات المسلحة بإرهاب النساء والفتيات في منازلهن أو على طرق النزوح أو في الملاجئ المؤقتة أو عند المعابر الحدودية. 

ووردت تقارير تفيد باختطاف النساء والفتيات والاتجار بهن واستعبادهن جنسياً وتشويه أعضائهن التناسلية وزواج الصغيرات منهن. 

وتواجه العديد من الناجيات عقبات كأداء في الحصول على الخدمات الصحية وخدمات الدعم الأساسية – بسبب تدمير البنية التحتية، أو خطر التنقل عبر مناطق النزاع، أو الخوف من الوصم والانتقام. 

وقد دأبت المنظمة طوال السنوات الست الماضية على العمل في مجال التصدي للعنف القائم على نوع الجنس في 30 بلداً تشهد طوارئ إنسانية، وقامت كذلك بوضع مبادئ توجيهية وتدريب العاملين الصحيين على التعامل مع حالات الاغتصاب والعنف المنزلي. 

كما زودنا وزارات الصحة والجهات الشريكة بالدعم اللازم لتدريب 000 10 عامل صحي على الأقل في مجال تقديم الرعاية السريرية التي تركز على الناجيات. 

وتقع على عاتق جميع الأطراف المتنازعة مسؤولية منع العنف ضد النساء والفتيات وإنهائه، لأن بالإمكان منعه وهو ليس حتمياً بأي حال من الأحوال. 

=== 

وأخيراً، يصادف يوم الأحد المقبل اليوم العالمي للإيدز. 

ويحمل موضوع هذا العام عنوان "السير على طريق إعمال حقوق الإنسان" الذي يذكرنا بالأهمية الحاسمة لحقوق الإنسان في التصدي لفيروس العوز المناعي البشري. 

وقد قطعنا منذ إقامة أول يوم عالمي للإيدز في عام 1988 شوطاً طويلاً في زيادة إتاحة خدمات الوقاية من فيروس العوز المناعي البشري وتشخيصه وعلاج المصابين به. 

ولكن هذه المكاسب معرضة للخطر فعلاً بعد أن شهدت معدلات تقليل حالات العدوى والوفيات الجديدة الناجمة عن الفيروس توقفاً في وتيرتها. 

ومع أن هناك 30 مليون شخص تقريباً يحصلون الآن على العلاج بالأدوية المضادة للفيروسات القهقرية، فإنه يوجد 9 ملايين شخص غيرهم يلزمهم هذا العلاج ولا يستطيعون الحصول عليه. 

وما زال هناك أكثر من نصف هؤلاء، أي قرابة 5 ملايين شخص، لا يعرفون أنهم مصابون بالفيروس. 

ويوجد الكثير من هذه الفجوات فيما بين فئات السكان الرئيسية المعرضة للتهميش أو التجريم أو التمييز ضدها: الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال ومتعاطو المخدرات عن طريق الحقن ومغايرو الهوية الجنسانية ونزلاء السجون. 

ولعل الوسيلة الأنجع لسد تلك الفجوات والوصول إلى فئات السكان هذه هي الاعتراف بحقوق الإنسان واحترامها، التي هي حقوقهم. 

فلنسلك معاً في اليوم العالمي للإيدز الطريق الصحيح – ألا وهو طريق إعمال حقوق الإنسان. 

مارغريت أُعيد إليك الكلمة.