الزملاء والأصدقاء الأعزاء،
إن صحة المراهقين وعافيتهم من أهم الاستثمارات التي يمكننا توظيفها من أجل إقامة مستقبلنا المشترك.
ويوجد اليوم 1,3 مليار مراهق تتراوح أعمارهم بين 10 سنوات و19 سنة في جميع أنحاء العالم.
وعندما يتمتع هؤلاء المراهقون بصحة جيدة ويحصلون على تعليم لائق ويزودون بما يمكنهم من مهارات، فإنهم يساعدون في إقامة اقتصادات أقوى ومجتمعات تنعم بقدر أكبر من الإنصاف والسلام الدائم.
ولهذا السبب فإن الاستثمار في صحة المراهقين هو ليس قضية صحية فحسب - بل ضرورة استراتيجية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وقد أحرزنا طوال العقدين الماضيين تقدماً كبيراً.
وانخفضت وفيات المراهقين بنسبة 27٪ في العالم بفضل زيادة إتاحة فرص التعليم وتحسين التغذية والحد من معدلات الإصابة بالأمراض المعدية.
ويوجد اليوم عدد كبير من الفتيات المسجلات في المدارس أكثر من أي وقت مضى، ممّا يمهد السبيل أمام تحقيق المزيد من المساواة بين الجنسين وجني حصائل أفضل في الحياة.
ولكن ما زالت هناك تحديات خطيرة ماثلة أمامنا.
فالأمراض غير السارية - مثل تلك الناجمة عن السمنة - آخذة في الازدياد.
وتمثل الآن حوادث المرور على الطرق السبب الرئيسي لوفاة المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و19 سنة.
كما ارتفعت معدلات المعاناة من مشاكل الصحة النفسية، وأصبح إيذاء النفس من بين الأسباب الخمسة الرئيسية لوفاة المراهقين.
وتزداد طينة هذه المشاكل بلّة بفعل الاستخدام الضار لوسائل التواصل الاجتماعي وتداعيات جائحة كوفيد-19.
وتتواصل معاناة الفتيات من أوجه عدم المساواة المنهجية بين الجنسين بسبب تزويجهن وحملهن في وقت مبكر، ممّا يحرمهن من اغتنام الفرص المتاحة لهن.
ويشعر المراهقون في كل مكان بآثار تغير المناخ من خلال موجات النزوح وانعدام الأمن الغذائي والتعرض لضغوط نفسية ناجمة عن القلق من ظروف البيئة.
كما يوجد في العالم الرقمي فجوة آخذة في الاتساع تسهم في تفاقم أوجه عدم المساواة هذه.
ومع أن بعض المراهقين محظوظون بتفاعلهم عبر الإنترنت، فإن الكثيرين منهم - وخاصة المنتمين منهم إلى مجتمعات محلية منخفضة الدخل - لا تُتاح أمامهم فرص الحصول على الخدمات الصحية والتحصيل العلمي وإحراز النجاح.
وهذه المشاكل لا تحترم الحدود، ويجب ألا تحترمها حلولنا أيضاً.
وتحتل المنظمة موقع الصدارة في تلبية احتياجات المراهقين من الصحة.
وبفضل تعاوننا مع شركائنا في الشراكة الصحية السداسية، فقد وضعت المنظمة خريطة طريق تسريع العمل العالمي من أجل صحة المراهقين!
وهي خريطة طريق عالمية وضعناها من أجل إقامة نظم صحية تلبي فعلاً احتياجات الشباب - بما فيها احتياجاتهم من خدمات الصحة الجنسية والإنجابية والصحة النفسية بطريقة مأمونة وخالية من الوصم ويسهل الحصول عليها.
كما دشّنا مبادرة العمل العالمي من أجل قياس صحة المراهقين.
لأننا ندرك أن حل المشاكل ينطوي على تقديرها أولاً. وهناك الكثير من المجالات المتعلقة بصحة المراهقين، وخصوصاً في الفضاء الرقمي، ما زالت تعاني نقصاً من حيث البحوث التي تُجرى بشأنها وإعداد التقارير عنها.
وتمثل المدارس جبهة أخرى حاسمة الأهمية. ولهذا السبب، فقد تعاونت المنظمة مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) وغيرها من المنظمات في وضع الإطار المعني بجعل كل مدرسة مدرسة معززة للصحة - وهو إطار عالمي لتحويل المدارس إلى مراكز لصون عافية الطلاب البدنية والنفسية والاجتماعية.
والأهم من ذلك كله أننا عاكفون على الإنصات إلى الشباب أنفسهم.
ودشّنا كذلك في عام 2023 مجلس الشباب التابع للمنظمة، وهو عبارة عن منصة للاستماع إلى آراء الشباب في تشكيل القرارات الصحية العالمية، وإسداء المشورة لقيادتنا، والمشاركة في تصميم مبادرات جديدة.
ويسعدنا العمل مع الشركاء الذين يتولون قيادة عملية التغيير، ونعرب عن شكرنا لمؤسسة بوتنار على الشراكة الاستراتيجية التي تربطنا بها.
ونحن ملتزمون معاً بتوسيع نطاق استجاباتنا من خلال تحقيق التغطية الصحية الشاملة وتعزيز النظم الصحية، لأن العائدات المحققة من ذلك هائلة.
وبذا أدعو جميع شركائنا إلى العمل معاً - بشكل عاجل وتعاوني - لأن الخيارات التي نتيحها الآن لن تشكل مستقبل هذا الجيل فحسب، بل مستقبل كل الأجيال القادمة.
وشكراً لكم.