معالي السيد أنوتين شارنفيراكول، نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة العامة في تايلند،
سعادة السيدة جوليا إيمان شاندور، سفيرة ناميبيا ورئيسة مجلس تنسيق برنامج الأمم المتحدة المشتَرَك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز،
سعادة السيدة ستيفاني سيدو، سفيرة فرنسا للصحة العالمية،
الأخت ويني بيانيكا، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة المشتَرَك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز،
أصحاب السعادة، الزملاء والأصدقاء الأعزاء،
لم يعد وباء فيروس نقص المناعة البشرية يتصدر عناوين الأخبار، بيد أن هذا الوباء العالمي لم ينته بعد. بل قد يكون الوضع عكس ذلك تماما.
وفي اليوم العالمي للإيدز، نحيي ذكرى من فقدناهم، ونلتزم بحماية من هم معرضون للخطر.
واليوم العالمي للإيدز إنما هو يوم واحد في العام، في حين أن هناك نحو 38 مليون شخص في العالم يتعايشون مع الفيروس كل يوم.
ورغم مضي أكثر من أربعين عاما منذ أن ظهر هذا الفيروس المستجد، فقد أصيب بالفيروس في العام الماضي نحو 15 مليون شخص آخر، وتوفي نحو 700 ألف شخص بأسباب متعلقة للإيدز.
وهذا الواقع ليس قدراً محتوما.
نحن نعلم أنه بوسعنا أن نحسن أداءنا، لأننا حققنا تقدما حقيقيا في العقدين الماضيين منذ أن عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة دورتها الأولى بشأن فيروس نقص المناعة البشرية.
ويتلقى حاليا أكثر من 28 مليون شخص في العالم علاجا بمضادات الفيروسات القهقرية.
وقد حققت ثمانية بلدان أهداف 90-90-90 المتعلقة بالاختبار والإتاحة والكبت الفيروسي بحلول نهاية عام 2020، وتقترب عدة بلدان من بلوغ الأهداف 95-95-95 الجديدة المحددة في الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإيدز لهذا العام.
وقد أصبحت بوتسوانا آخر بلد- وأول بلد في أفريقيا يتحمل أكبر العبء- يطلب من المنظمة إشهادا على مضيه في المسار الصحيح نحو القضاء على انتقال فيروس نقص المناعة البشرية من الأم إلى وليدها.
وتراجعت معدلات الوفيات المرتبطة بالإيدز بمقدار المصف منذ عام 2010.
ومع ذلك، ولئن كنا قد حققنا الكثير، فلا يزال أمامنا طريق طويل.
وحتى قبل تفشي جائحة كوفيد-19، شهد التقدم في الاستجابة لفيروس نقص المناعة البشرية وتمويلها تراجعا مضطردا.
والحال أن كثيرا من فئات السكان الأكثر عرضة للإصابة لم تحصل على خدمات اختبار فيروس نقص المناعة البشرية والوقاية منه ورعاية المصابين به، حتى وإن كانت هذه الفئات تواجه أيضا الوصم والتمييز الشديدين.
وقد فاقمت جائحة كوفيد-19 من هذه الأوضاع، نتيجة انقطاع الخدمات الصحية الأساسية، ومنها تلك المتعلقة بفيروس نقص المناعة البشرية.
ومما يزيد الأمر تعقيدا أن الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية معرضون بوجه خاص للإصابة بكوفيد-19.
وأصل أزمة الإيدز يكمن في انعدام المساواة.
ولدينا الأدوات لإنهاء وباء الأيدز، إذا أحسنّا استخدامها.
وفي يوم الإثنين، أصدر برنامج الأمم المتحدة المشتَرَك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز تحذيرا واضحا بأننا سنشهد -إن لم نتخذ إجراءات فعلية- حدوث نحو 7.7 مليون وفاة بسبب الإيدز على مدى السنوات العشر المقبلة.
وإذا كنا قد تمكّنا من الوفاء بغايات الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإيدز للفترة من عام 2021 إلى عام 2026، والالتزام باستراتيجيات المنظمة المتعلقة بقطاع الصحة العالمية، فإنه من الممكن إنقاذ أرواح 4.6 ملايين شخص.
دعوني أعرض عليكم ثلاث أولويات لجميع البلدان.
أولا، إعادة الالتزام بإنهاء فيروس نقص المناعة البشرية بجعله أولوية في السياسة والميزانية.
وهذا يعني الوقاية من حالات العدوى الجديدة، وزيادة إتاحة العلاج لمن يحتاجونه، والوفاء بالوعد المقطوع لمن يخضعون للعلاج، بكفالة استمرار الحصول على أفضل العقاقير المضادة للفيروسات القهقرية بدون انقطاع.
ويشكل النداء من أجل العمل الذي تطلقه المنظمة وشركاؤها اليوم لتوفير أدوية محسنة وأكثر أمانا للحوامل مثالا على السبل التي يمكننا بها أن نفي بهذا الوعد.
ثانيا، في مواجهة جائحة كوفيد-19، علينا أن نستأنف تقديم الخدمات الصحية الأساسية، حتى يحصل كل فرد في كل مكان على خدمات الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية وكوفيد-19 واختبار الكشف عنهما وعلاجهما ورعاية المصابين بهما.
وثالثا، تركيز الجهود على فئات السكان المهمشة التي تركت وراء الركب.
ومن حق من فقدوا أرواحهم بسبب فيروس نقص المناعة البشرية وكوفيد-19 ومن لا يزالون يواجهون تهديد هذين المرضين، من حقهم علينا أن نعمل نحو تحقيق نظم صحية أكثر استدامة وأقدر على الصمود لحماية مجتمعاتنا المحلية في الوقت الحاضر والمستقبل.
ويجب أن يتخذ هذان الفيروسان والمعاناة التي سبباها بمثابة حافز لنا جميعا على مواصلة السعي نحو تحقيق التغطية الصحية الشاملة، حتى يتسنى لجميع الأفراد، في جميع البلدان والمجتمعات المحلية، أن يحصلوا على جميع الخدمات الصحية التي يحتاجونها، للتصدي لجميع التهديدات الصحية التي تواجههم.
وشكرا لكم.