بينما انتشر فيروس كورونا المستجد بشكل سريع في جميع أنحاء العالم منذ بداية العام، ما زالت المعلومات المضللة، التي تتسبب في تفاقم الفاشية، تنتشر على الإنترنت بسرعة أكبر من انتشار فيروس كورونا نفسه.
إن هذا السيل الهائل من المعلومات يقوض الجهود المبذولة لاحتواء الفاشية، وينشر الذعر والارتباك اللذيْن لا داعي لهما، ويعزز الانقسام في الوقت الذي يعد فيه التضامن والتعاون ضروريين لإنقاذ الأرواح وإنهاء الأزمة الصحية.
وهناك فيض من نظريات المؤامرة الغامضة، تتراوح بين مزاعم بأن الفيروس هو محاولة مقصودة لإخلاء العالم من سكانه والنية في إشعال فتيل حرب بيولوجية عالمية. وهذان المثالان هما مجرد عينة من النظريات الخاطئة التي تنتشر بسرعة البرق على الإنترنت. وهذه الظاهرة تشهدها جميع بلدان العالم، وبلغات يتجاوز عددها بكثير مجموع اللغات الرسمية للأمم المتحدة.
ولا يقتصر هذا التحدي على المجتمع الصحي. إن انتشار المعلومات المضللة على الإنترنت، والتي تشمل مجالات تتراوح من السياسة إلى التنشئة، يشكل أحد التحديات الكبرى في عصرنا هذا. وفي سياق طوارئ الصحة العمومية الراهنة، يمكن للتضليل أن يقوض جهود مكافحة المرض واحتوائه، وأن يؤدي إلى عواقب مهددة للحياة.
وبالنسة لعامة الناس في الصين وفي مختلف أنحاء العالم، فإنه من حق الجميع الحصول على معلومات دقيقة عن كيفية حماية أنفسهم وعائلاتهم من فيروس كورونا المستجد.
وفي هذا الصدد، فإن منظمة الصحة العالمية تؤدي دورًا مهمًا لتلبية هذه الحاجة الماسة.
وبالموازاة مع عمل المنظمة مع الحكومات والباحثين والعلماء على تحديد كيفية انتشار فيروس كورونا وطرق علاجه، فإنها تتصدى أيضًا للسيل الهائل من الشائعات والأساطير والمعلومات المضللة.
وتستخدم المنظمة، بوصفها الهيئة الدولية الرائدة في مجال الصحة، موقعها الإلكتروني ومنصات التواصل الاجتماعي لنشر معلومات عن الصحة العمومية في جميع أنحاء العالم.
وتقف شركات التواصل الاجتماعي في الخطوط الأمامية في مواجهة التحدي المتعلق بالمعلومات، فيما تحظى منظمة الصحة العالمية بدعم شركات مثل غوغل وفايسبوك وبينترست وتيك توك وتينسنت، وغيرها.
وقد أطلقت غوغل إنذار النجدة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، والذي ييسّر الوصول إلى مواردنا المتعلقة بفيروس كورونا عند البحث عنها بواسطة محرك بحث غوغل. ويشمل ذلك نصائح متعلقة بالأمن، وآخر المستجدات عن الاستجابة للفاشية، والموارد التقنية وأحدث المعلومات التي تنشرها المنظمة على منصة تويتر.
وعلاوة على ذلك، فإن مقاطع الفيديو المنشورة على منصة يوتيوب المملوكة لشركة غوغل، والتي تزعم أنها تقدم معلومات عن فيروس كورونا، أُحيطت الآن بلافتة تعيد توجيه المستخدمين إلى البوابة الإلكترونية لنظمة الصحة العالمية.
وبالمثل، إذا أدخلت كلمة فيروس كورونا في محرك البحث على فايسبوك، فإن أولى النتائج التي تظهر على شاشتك تحث المستخدمين في معظم بلدان العالم على زيارة الموقع الإلكتروني لمنظمة الصحة العالمية للحصول على أحدث المعلومات.
وبالموازاة مع ذلك، فإن خبراء المنظمة في مجال التواصل الاجتماعي يعملون على مدار الساعة على نشر معلومات وقائعية بعدة لغات بهدف إطلاع الجمهور المعني بمستجدات الوضع وعدم تركه أمام فراغ تكون فيه المعلومات المضللة المعلومات المحدثة الوحيدة المتاحة لديه.
وبالنظر إلى أن 99٪ من جميع حالات الإصابة بفيروس كورونا سُجّلت في الصين، فإن منظمة الصحة العالمية تسعى جاهدة إلى تبادل نصائح دقيقة وقابلة للتطبيق باللغة الصينية. وتؤدي مؤسسة تينسنت دورًا حيويًا في هذا المجال، حيث توفر أدوات رقمية عن طريق تطبيق ويب تشات، وتروج يوميا لمقالات منظمة الصحة العالمية ومعلوماتها ومعلوماتها المصورة، كما تتعاون معها في التحقق من الشائعات.
ولا تقتصر جهود المنظمة على وسائل التواصل الاجتماعي، بل تعمل أيضا مع الصحفيين ووسائل الإعلام التقليدية في مختلف أنحاء العالم، حيث تنظم مؤتمرات صحفية يومية لضمان وصول المراسلين إلى المعلومات الصحيحة واستخدامها. وتقع على وسائل البث الإذاعي والصحافة المكتوبة مسؤولية تفضيل الصحة العمومية عن العناوين الرئيسية المثيرة التي تنشر الذعر بين الناس.
وفي حين هناك ضرورة ملحة للتصدي للادعاءات الخاطئة بشأن فيروس كورونا، فإن مكافحة التضليل في مجال الصحة العمومية لا تتوقف عند هذه الفاشية الجديدة.
وتوفّر المعلومات للجمهور في بيني وبوتيمبو، وغيرهما من المناطق، بغرض حمايته من فيروس الإيبولا بالموازاة مع جهود نشر اللقاح. وقد كان لتبديد الأساطير وتقديم البيّنات دور حيوي في التغلب على الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، مثل الحصبة وشلل الأطفال، أو إذكاء الوعي بالمخاطر المرتبطة بالسجائر الإلكترونية.
وستواصل منظمة الصحة العالمية الترويج للمعلومات الموثوقة وإقامة شراكات مع شركات التكنولوجيا والعمل مع وسائل الإعلام لضمان حصول الناس على معلومات وقائعية وإفشال نظريات المؤامرة وتصحيح المعلومات الخاطئة على وجه السرعة، من أجل حماية الصحة العمومية وتعزيزها.
وبالإضافة إلى ذلك، لابد من وضع استراتيجية أوسع نطاق من أجل فضح العلوم الزائفة وتعزيز الثقة في جميع المجالات، ويتراوح ذلك من التطعيم إلى المؤسسات العمومية. إن التضليل يزدهر في السياقات التي تكون فيها الثقة بالسلطات ضعيفة. ويجدر الاطلاع على تقرير صادر في عام 2019 عن المجلس العالمي المعني برصد التأهّب، وهو تقرير نافذ البصيرة يؤكد أهمية كل من التماسك الاجتماعي والثقة في تعزيز فعالية تدابير الاستجابة.
وفي سياق فاشية المرض السريعة التطور، هناك خيط رفيع بين نشر معلومات مضللة بشكل متعمد وإعادة نشر ادعاءات خاطئة قد تكون مضرة، ولئن كان ذلك بحسن النية. ويجب على الحكومات وشركات التكنولوجيا أن تضطلع بدورها في محاربة الحالة الأولى، ولكن من واجب كل واحد منا، سواء كنّا محررين في إحدى الصحف أو مستخدمي حسابات شخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، أن نتحلى باليقظة حيال المعلومات التي نتبادلها ونروج لها.
إن مآل فاشية فيروس كورونا سيتوقف على توفير المعلومات الصحيحة للأشخاص الذين يحتاجون إليها. لذا، تبادل معلوماتك بحكمة وانقر بحذر ولا تمدّ المتصيدين على الإنترنت بالمعلومات.