اليوم العالمي للصحة النفسية فرصة لشحذ شعورنا بالانتماء إلى المجتمع وتطبيع الحديث عن الصحة النفسية

10 تشرين الأول/أكتوبر 2022

نشرت منظمة الصحة العالمية ("المنظمة") في عام 2022 مؤلفها المرجعي في مجال الصحة النفسية، وهو التقرير العالمي عن الصحة النفسية، الذي يقدّم خطة للحكومات والأوساط الأكاديمية والمهنيين الصحيين والمجتمع المدني والجهات الأخرى التي تطمح إلى دعم العالم في إحداث تحوّل في الصحة النفسية.  

وقد أسهب التقرير في تناول مسألة الوصم، حيث يتعرض الأشخاص المصابون باضطرابات نفسية لأشكالٍ من الوصم والتمييز وانتهاكات حقوق الإنسان المستشرية في المجتمعات ونظم الرعاية في كل مكان. ولذلك جاء تقرير لجنة "لانسيت" المعنية بإنهاء الوصم والتمييز في مجال الصحة النفسية اليوم في حينه ولقي قبولا حسناَ، ولكن كيف يمكنه أن يحدث فارقاً؟  

يتخذ الوصم وجوهاً متعددة. وكثيرا ما نربطه بكيفية تعاملنا مع بعضنا البعض. غير أن ذلك لا يعدو كونه جانباً واحداً فقط من القضية، إذ هناك أيضا مشكلة مستترة تتمثل في الشعور بالعار الذي ترسخه المعاناة من اضطرابات الصحة النفسية. ولذلك، علينا أن نطبّع الحديث عن الصحة النفسية واضطراباتها المتعددة، لأن الوصم هو السلسة التي تصل بين حلقات اضطرابات الصحة النفسية جميعها.  

ومن مواطن القوة في تقرير المنظمة العالمي عن الصحة النفسية أنه يتضمن قصصاً متنوعة يسردها أشخاص يعيشون تجربة اضطرابات الصحة النفسية. ونحن ممتنون لأكثر من 30 شخصاً شاركونا قصصاً عن مثابرتهم وصمودهم. فشجاعتهم في سرد قصصهم تستحق الثناء والتواضع أمامها؛ ولن نتعلم كيف نقدم الدعم على نحو أفضل ونطبّع الحديث عن هذه المواضيع إلا بالاستماع إلى المزيد من التجارب المماثلة. 

وينطبق الأمر نفسه على المبادئ التوجيهية بشأن الصحة النفسية في العمل، التي أصدرتها المنظمة مؤخرا. فهناك نحو 12 مليار يوم عمل تُهدر سنوياً بسبب الاكتئاب والقلق، وهو ما يدعو المبادئ التوجيهية الجديدة إلى التوصية باتخاذ إجراءات للتصدي للمخاطر على الصحة النفسية في مكان العمل مثل أعباء العمل الثقيلة، والسلوكات السلبية، وغيرها من العوامل التي تكدر الصفو في العمل.  

فكل أسبوع يحمل معه تحدياً جديداً لصحتنا النفسية الفردية والجماعية، من النزاعات إلى الأمراض وتغير المناخ التي تستدعي التعامل مع صحتنا النفسية بأشكال جديدة من المرونة. وما لم نعبّر عن هذه الصعوبات ونفهمها، فستظل الحلول التي نقدمها ترقيعية.  

ومن أجل وضع هدف طموح لليوم العالمي للصحة النفسية لهذا العام، هناك أربع أولويات تود المنظمة إحداث أثر فيها:

  • تمويل خدمات الصحة النفسية – تشير التقديرات إلى أن البلدان تنفق أقل من 2٪ من ميزانية الرعاية الصحية على خدمات الصحة النفسية. وبالنظر إلى وجود نحو مليار شخص مصاب باضطراب نفسي في عام 2019، فإن الخدمات تعاني من نقص كبير في الموارد.
  • الارتقاء بمهاراتنا ومهارات مقدمي الرعاية من خلال فهم الصحة النفسية، وفهم التجارب الشخصية وكيفية تقديم الدعم على نحو كامل. ويعد التدريب الإلكتروني للمنظمة على الحقوق والجودة في مجال الصحة النفسية  نقطة بداية مهمة. وقد صُمم هذا التدريب لتحسين جودة الرعاية في مجال الصحة النفسية والخدمات ذات الصلة وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقات النفسية والاجتماعية والذهنية والإدراكية.
  • إعطاء الأولوية للصحة النفسية من خلال الرعاية الذاتية، وتحليل ممارسات مكان العمل لضمان ازدهار الموظفين وضمان رعاية مجتمعية قوية للصحة النفسية.
  • الاستماع إلى أصوات الأشخاص الذين مروا بتجارب اضطرابات الصحة النفسية، كي نتعلم من خبرتهم أفضل السبل لدعمهم ورعايتهم.  

وعادة ما تكون اضطرابات الصحة النفسية مؤلمة والمؤسف أن الوصم لا يزيدها إلا وجعاً. فلنعتنق الكلمات الحكيمة لموضوع اليوم العالمي للصحة النفسية هذا العام ونجعل الصحة النفسية والرفاه للجميع أولوية عالمية حقاً.  

المؤلفون

Dr Dévora Kestel

Director
Mental Health and Substance Abuse
World Health Organization