داء الفيلقيّات

6 أيلول/سبتمبر 2022

حقائق رئيسية

  • حُدِّدت بكتريا الفَيلَقِيَّة المُسْتَرْوِحَة (L. pneumophila) لأول مرة في عام 1977 باعتبارها السبب وراء إحدى فاشيات الالتهاب الرئوي الوخيم بمركز للمؤتمرات في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1976.  
  • الشكل الأكثر شيوعاً لسريان بكتريا الفيلقيّة (Legionella) هو استنشاق الرذاذ الملوث الناتج بالاقتران مع عمليات رشّ أو ضخّ أو نفث المياه من مصادر المياه الملوثة. كما قد تحدث العدوى عن طريق رشف مياه ملوّثة أو ثلج ملوّث، لاسيّما لدى مرضى المستشفيات القابلين للتأثّر.  
  • تتراوح فترة حضانة داء الفيالقة ما بين يومين و10 أيام (على أنّه سُجِّلت فترة تصل إلى 16 يوماً في بعض الفاشيات).  
  • هناك علاجات مضادة لداء الفيالقة، ولكن لا يوجد في الوقت الراهن لقاح مضادّ له.
  • تحدث الوفاة على إثر التهاب رئوي متفاقم مصحوب بقصور تنفُّسي و/أو صدمة وقصور عضوي متعدِّد. 
  • إذا لم يعالَج داء الفيالقة فإنه يسوء عادةً خلال الأسبوع الأول.
  • من بين الحالات المبلَغ عنها، هناك 75-80% فوق 50 عاماً، و60-70% من الذكور.


لمحة عامة

تتباين وخامة داء الفيلقيات من اعتلال حموي طفيف إلى شكل وخيم وفتّاك أحياناً من أشكال الالتهاب الرئوي، وينجم عن التعرّض لأنواع بكتريا الفيلقيّة الموجودة في المياه والخلائط الزراعية الملوثة. 

وكثيراً ما تُصَنَّف حالات داء الفيلقيات باعتبارها مكتسبة في المجتمع المحلي أو مرتبطة بالسفر أو بالمستشفيات تبعاً لنوع التعرُّض.

وعلى النطاق العالمي، تعدّ بكتريا الفَيلَقِيَّة المُسْتَرْوِحَة المنقولة بالماء أكثر الأسباب شيوعاً لحالات الإصابة بما فيها الفاشيات. وعادةً ما توجد بكتريا الفَيلَقِيَّة المُسْتَرْوِحَة والأنواع المتصلة بها في البحيرات والأنهار والجداول المائية والينابيع الحارة وغيرها من المسطّحات المائية. وقد توجد أنواع أخرى من بينها بكتريا الفَيلَقِيَّةُ اللونغبيشِيَّة (L. longbeachae) في الخلائط الزراعية.

وقد حُدِّدت بكتريا الفَيلَقِيَّة المُسْتَرْوِحَة لأول مرة في عام 1977 باعتبارها السبب وراء إحدى فاشيات الالتهاب الرئوي الوخيم بمركز للمؤتمرات في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1976. ويتم منذ ذلك الحين ربطها بالفاشيات المتصلة بالنظم المائية الاصطناعية الرديئة الصيانة.

ورغم أن الجرعة المُعدِية غير معروفة، يمكن افتراض أنها منخفضة لدى الأشخاص القابلين للتأثّر، حيث حدثت إصابات بالمرض بعد حالات تعرّض قصيرة وعلى مسافة 3 كيلومترات أو أكثر من مصدر الفاشيات. وتعتمد احتمالات الإصابة بالمرض على تركيزات بكتريا الفيلقيّة في مصدر المياه، وإنتاج ونثر الرذاذ، والعوامل المُضيفة مثل العمر والحالات الصحيّة السابقة وفَوعة السلالة المعيّنة لبكتريا الفيلقيّة. ومعظم حالات العدوى لا تسبِّب الإصابة بالمرض.

السبب

العوامل المسبِّبة للمرض هي بكتريا الفيلقيّة الناشئة عن مياه أو خليط زراعي. والسبب الأكثر شيوعاً للإصابة بالمرض هو أنواع بكتريا الفَيلَقِيَّة المُسْتَرْوِحَة التي تعيش في المياه العذبة والموجودة في البيئات المائية الطبيعية على نطاق العالم. بيد أن النظم المائية الاصطناعية التي تهيّئ بيئات تساعد على نموّ وسريان بكتريا الفيلقيّة تمثِّل أكثر المصادر المحتملة للإصابة بالمرض.    

وتعيش البكتريا وتنمو في النظم المائية التي تتراوح درجات حرارتها من 20 إلى 50 درجة مئوية (35 درجة مئوية كحد أمثل). ويمكن أن تبقى بكتريا الفيلقيّة على قيد الحياة وتنمو كطفيليات في نطاق الحيوانات الأَوالي الطليقة، وداخل الأغشية الحيوية التي تنمو في النظم المائية. وقد تسبِّب حالات عدوى عن طريق إصابة الخلايا البشرية باستخدام آلية مماثلة لتلك المستخدمة لإصابة الحيوانات الأَوالي بالعدوى.  

السريان

الشكل الأكثر شيوعاً لسريان بكتريا الفيلقيّة هو استنشاق رذاذ ملوّث من المياه الملوثة. وتشمل مصادر الرذاذ التي تم ربطها بسريان بكتريا الفيلقيّة أبراج التبريد الخاصة بتكييف الهواء، ونظم المياه الساخنة والباردة، وأجهزة الترطيب، وأحواض الجاكوزي. كما يمكن أن تحدث العدوى عن طريق رشف مياه ملوّثة أو ثلج ملوّث، لاسيّما لدى مرضى المستشفيات القابلين للتأثُّر، وعن طريق تعرّض المواليد أثناء الولادات المائية. ولم يُبلغ حتى الآن عن أي سريان مباشر للعدوى من البشر إلى البشر. 

مدى انتشار المرض

يُعتقَد أن الإصابات بداء الفيالقة تحدث في جميع أنحاء العالم.

ويتفاوت معدل الإصابة بداء الفيالقة تفاوتاً شاسعاً طبقاً لمستوى الترصُّد والإبلاغ. ولما كانت بلدان كثيرة تفتقر إلى الوسائل الملائمة لتشخيص العدوى أو لا تملك قدراً كافياً من نظم الترصُّد، فإن معدّل الإصابة غير معروف. وفي أوروبا وأستراليا والولايات المتحدة الأمريكية يتم كشف نحو10-15 حالة في كل مليون نسمة سنوياً.   

ومن بين الحالات المُبلَغ عنها، هناك 75-80% فوق 50 عاماً و60-70% من الذكور. وتشمل عوامل الخطر الأخرى المسببة لداء الفيلقيّات المكتسب في المجتمع المحلي والمرتبط بالسفر التدخين، ووجود تاريخ للإفراط في الشرب، والأمراض المرتبطة بالرئتين، وكبت المناعة، والأمراض التنفّسيّة أو الكلويّة المُزمِنة. 

أما عوامل الخطر المسببة للالتهاب الرئوي المكتسب في المستشفيات فتتمثل في الجراحات الحديثة، والتَنبيب أي عملية وضع أنبوب في الرُّغامَى، والتهوية الميكانيكيّة، والرشف، ووجود أنابيب أنفيّة معويّة، واستعمال معدّات العلاج التنفّسي. والمُضيفون الأكثر قابليّة للتأثُّر هم المرضى المنقوصو المناعة، بمن فيهم من خضعوا لعمليّات زرع أعضاء ومرضى السرطان وأولئك الذين يتلقّون علاجاً بالكورتيكوستيرويد.

ويعد التأخُّر في التشخيص وإعطاء العلاج الملائم بالمضادات الحيويّة، إلى جانب تقدُّم العمر ووجود اعتلالات متزامنة، مؤشرات تنبئ بالوفاة بداء الفيالقة.  

الأعراض

داء الفيلقيّات مصطلح عام يصف أشكال العدوى الرئويّة وغير الرئويّة ببكتريا الفيلقيّة. 

ويعدّ الشكل غير الرئوي (داء بونتياك) أحد الاعتلالات الحادة التلقائيّة الشفاء الشبيهة بالأنفلونزا ويستمرّ عادةً ما بين يومين و5 أيام. وتتراوح فترة الحضانة من بضع ساعات إلى 48 ساعة. وتتمثّل الأعراض الرئيسية في ارتفاع الحرارة والقشعريرة والصداع والتوعُّك وألم العضلات (الألم العضلي). ولا يرتبط هذا النوع من العدوى بحدوث وفيات.   

وتتراوح فترة حضانة داء الفيالقة، وهو الشكل الرئوي، ما بين يومين إلى 10 أيام (وإن كانت قد سُجِّلت فترة تصل إلى 16 يوماً في بعض الفاشيات). وفي المرحلة الأولى، تتمثّل الأعراض في ارتفاع الحرارة وفقدان الشهية والصداع والتوعُّك والنُوام. كما قد يصاب بعض المرضى بألم عضلي وإسهال وتخليط. وعادةً ما يبدأ الأمر كذلك بسعال طفيف، وإن كانت نسبة كبيرة قد تصل إلى 50% من المرضى يمكن أن يعانوا من البلغم. ويحدث البلغم المشوب بالدم أو نَفث الدم لدى حوالي ثلث المرضى. وتتراوح وخامة المرض ما بين سعال طفيف وحتى التهاب رئوي سرعان ما يصبح فتّاكاً. وتحدث الوفاة على إثر التهاب رئوي متفاقم مع قصور تنفّسي و/أو صدمة وقصور متعدّد الأعضاء.         

وعادةً ما يتفاقم داء الفيالقة إذا لم يُعالَج خلال الأسبوع الأول. وعلى غرار عوامل الخطر الأخرى المسببة للالتهاب الرئوي الوخيم، تتمثّل مضاعفات داء الفيلقيّات الأكثر شيوعاً في القصور التنفُّسي والصدمة والقصور الكلوي الحاد والمتعدّد الأعضاء. ويتطلّب التعافي في كل الأحوال علاجاً بالمضادات الحيوية، وعادةً ما يكتمل بعد عدة أسابيع أو أَشهُر. وفي حالات نادرة، يمكن أن يؤدّي الالتهاب الرئوي المتفاقم الوخيم أو العلاج غير الفعّال للالتهاب الرئوي إلى عقابيل دماغيّة.  

ويتوقّف معدل الوفاة الناتجة عن داء الفيالقة على وخامة المرض، وملاءمة العلاج الأوّلي بمضادات الميكروبات، والسياق الذي اكتُسِبَت فيه بكتريا الفيلقيّة، والعوامل المُضيفة (على سبيل المثال، عادةً ما يكون المرض أكثر خطورةً لدى المرضى المصابين بكبت المناعة). وقد يرتفع معدّل الوفاة ليتراوح من 40 إلى 80% لدى المرضى غير المعالَجين من كبت المناعة، ويمكن خفضها إلى ما بين 5 و30% بفضل التدبير العلاجي الملائم للحالة وتبعاً لوخامة العلامات والأعراض السريرية. وعلى وجه العموم، فإن معدّل الوفاة يتراوح عادةً من 5 إلى 10%.

الاستجابة

هناك علاجات مضادة لداء الفيالقة، ولكن لا يوجد في الوقت الراهن لقاح مضادّ له.

والشكل غير الرئوي من أشكال العدوى تلقائي الشفاء ولا يتطلب تدخُّلات طبيّة، بما في ذلك العلاج بالمضادات الحيوية. ويحتاج المرضى المصابون بداء الفيالقة عادةً إلى علاج بالمضادات الحيوية عقب التشخيص. 

ويمكن مواجهة التهديد الذي تمثّله بكتريا الفيلقيّة للصحّة العامة عن طريق تنفيذ خطط لسلامة المياه من جانب السلطات المسؤولة عن سلامة المباني أو سلامة النظم المائيّة. ويجب أن تختصّ هذه الخطط على وجه التحديد بالمبنى أو النظام المائي، وينبغي أن تُسفر عن استحداث تدابير للمكافحة ورصدها بانتظام في مواجهة المخاطر المحددّة، بما في ذلك بكتريا الفيلقيّة. ورغم أن إزالة مصدر العدوى ليست ممكنة في كل الأحوال، فإن بالإمكان الحدّ من المخاطر بدرجة كبيرة.

وتعتمد الوقاية من داء الفيالقة على تطبيق تدابير للمكافحة من أجل التقليل إلى أدنى حد من نموّ بكتريا الفيلقيّة ونَثر الرذاذ. وتشمل هذه التدابير الصيانة الجيّدة للأجهزة، بما في ذلك تنظيفها وتطهيرها بانتظام وتطبيق تدابير أخرى ماديّة (الحرارة) أو كيميائيّة (مبيدات الآفات الأحيائية) لتقليل نموِّها إلى الحدّ الأدنى. وفيما يلي بعض الأـمثلة على ذلك:

  • صيانة أبراج التبريد وتنظيفها وتطهيرها بانتظام مع إضافة مبيدات الآفات الأحيائيّة بشكل متكرِّر أو مستمرّ؛
  • تركيب أجهزة لمنع التَبَعثُر بغية الحدّ من نثر الرذاذ المنبعث من أبراج التبريد؛    
  • الحفاظ على مستوى كافٍ من مبيدات الآفات الأحيائيّة مثل الكلور في أحواض الجاكوزي، جنباً إلى جنب مع عمليات تصفية وتنظيف كاملة للنظام بمجمله مرّةّ أسبوعيّاً على الأقل؛  
  • إبقاء نظم المياه الساخنة والباردة نظيفة والقيام إما بالحفاظ على درجة حرارة المياه الساخنة فوق 50 درجة مئوية (مما يتطلّب أن تكون درجة حرارة المياه الخارجة من وحدة التسخين عند 60 درجة مئوية أو فوقها) والمياه الباردة تحت 25 درجة مئوية وأدنى من 20 درجة مئوية كحدٍّ أمثل، أو كبديل معالجتها بأحد مبيدات الآفات الأحيائيّة المناسبة للحدّ من نموّ هذه البكتريا، لاسيما في المستشفيات وغيرها من أماكن الرعاية الصحيّة ومرافق رعاية المسنّين؛    
  • تقليل الركود عن طريق شطف مياه الصنابير غير المستعملة في المباني كل أسبوع.

ومن شأن تطبيق مثل هذه الضوابط أن يحدّ بدرجة كبيرة من مخاطر التلوّث ببكتريا الفيلقيّة ويمنع حدوث حالات وفاشيات عارضة. وقد يتطلّب الأمر اتّخاذ تدابير احترازيّة إضافية فيما يخصّ المياه والثلج المقدَّمَين إلى المرضى القابلين للتأثُّر بشدّة في المستشفيات، بمن فيهم أولئك الذين يكونون عُرضةً لمخاطر الرشف (على سبيل المثال، قد تكون آلات صنع الثلج مصدراً لبكتريا الفيلقيّة ولا ينبغي استعمالها من قِبَل المرضى القابلين للتأثُّر بشدّة). 

ويجب أن تقترن تدابير المكافحة والوقاية بقدر ملائم من اليقظة من جانب الممارسين العامّين ودوائر الخدمات الصحيّة المجتمعيّة بغرض كشف الحالات. 

وتتيح منظّمة الصحّة العالميّة موارد تقنيّة تدعم التدبير العلاجي لداء الفيلقيات ومكافحته، كما تقدّم المشورة إلى الدول الأعضاء عند طرح استفسارات محدّدة.