الصحة النفسية في العمل

28 أيلول/سبتمبر 2022

حقائق رئيسية

  • العمل اللائق مفيد للصحة النفسية.
  • تردي بيئات العمل- بما فيها تلك المتسمة بالتمييز وعدم المساواة، وأعباء العمل المفرطة، وضعف المشاركة في القرارات المتعلقة بالعمل وانعدام الأمان الوظيفي - يشكل خطرا على الصحة النفسية.
  • تشير التقديرات إلى أن 15٪ من البالغين في سن العمل عانوا من اضطراب نفسي في عام 2019.
  • على الصعيد العالمي، يُهدر نحو 12 مليار يوم عمل كل عام بسبب الاكتئاب والقلق وهو ما يكلف الاقتصاد تريليون دولار أمريكي سنويا من الإنتاجية المهدرة. 
  • توجد إجراءات فعالة للوقاية من مخاطر الصحة النفسية في العمل، وحماية وتعزيز الصحة النفسية في العمل، ودعم العاملين الذين يعانون من اعتلالات الصحة النفسية.

نظرة عامة

يزاول نحو 60٪ من سكان العالم عملا (1). ولجميع العاملين الحق في بيئة آمنة وصحية في العمل. يمكن للعمل أن يحمي الصحة النفسية. ويدعم العمل اللائق الصحة النفسية الجيدة من خلال إتاحة:

  • مصدر للرزق؛
  • الإحساس بالثقة ووضوح الهدف والقدرة على الإنجاز؛
  • فرصة لإقامة علاقات إيجابية والاندماج في المجتمع؛
  • ممارسة أنشطة روتينية منظمة، من جملة فوائد أخرى عديدة. 

وبالنسبة للأشخاص الذين يعانون من اعتلالات الصحة النفسية، يمكن أن يساهم العمل اللائق في تعافيهم واندماجهم، وتحسين مستوى ثقتهم وتفاعلهم الاجتماعي.

ولا تعدّ بيئات العمل الآمنة والصحية حقاً أساسياً فحسب، بل يرجح أيضا أن تفضي إلى خفض التوتر والنزاعات في العمل إلى الحد الأدنى وأن تحسّن استبقاء الموظفين وأداء العمل والإنتاجية. وخلاف ذلك، يمكن أن يؤثر نقص الهياكل الفعالة والدعم في العمل، وخاصة للمتعايشين مع اعتلالات الصحة النفسية، على قدرة الفرد على الاستمتاع بعمله وحسن أدائه؛ ويمكن أن يحدّ من حضور الأفراد في العمل بل قد يحرمهم حتى من الحصول على وظيفة أصلا. 

المخاطر على الصحة النفسية في مكان العمل 

يمكن أن تعزى المخاطر على الصحة النفسية في العمل، التي تسمى أيضا المخاطر النفسية والاجتماعية، إلى متطلبات  الوظيفة أو الجدول الزمني للعمل، أو الخصائص المحددة لمكان العمل أو فرص التطور الوظيفي من بين أمور أخرى.

ويمكن أن تشمل المخاطر على الصحة النفسية في العمل ما يلي: 

  • نقص استخدام المهارات أو عدم امتلاك المهارات الكافية للعمل؛
  • أعباء العمل المفرطة أو وتيرته، ونقص الموظفين؛
  • العمل لساعات طويلة أو في أوقات غير معتادة أو غير مرنة؛
  • عدم التحكم في تصميم الوظيفة أو عبء العمل؛
  • ظروف العمل المادية غير الآمنة أو المتردية؛
  • وجود ثقافة تكرس السلوكيات السلبية في المؤسسة؛
  • الدعم المحدود من الزملاء أو تسلط المشرفين؛
  • العنف أو المضايقة أو التنمر؛
  • التمييز والإقصاء؛
  • عدم وضوح الدور الوظيفي؛
  • الترقية الناقصة أو المفرطة؛
  • انعدام الأمان الوظيفي، أو عدم كفاية الأجور، أو ضعف الاستثمار في التطوير الوظيفي؛
  • التضارب بين متطلبات المنزل/ العمل. 

ويعمل أكثر من نصف القوى العاملة في العالم في الاقتصاد غير النظامي (2)، الذي يفتقر إلى الحماية التنظيمية للصحة والسلامة. وغالبا ما يعمل هؤلاء العمال في بيئات عمل غير آمنة، ولساعات طويلة، ولا يحصلون سوى على قدر ضئيل من الحماية الاجتماعية أو المالية أو لا يحصلون عليها بتاتا، ويتعرضون للتمييز، ويمكن لهذه العوامل جميعها أن تؤثر على الصحة النفسية. 

وعلى الرغم من أن المخاطر النفسية والاجتماعية قد تكون موجودة في جميع القطاعات، فإن بعض العاملين يتعرضون لها أكثر من غيرهم، بسبب نوع عملهم أو مكان وأسلوب عملهم. وغالبا ما يعمل العاملون في مجال الصحة أو العمل الإنساني أو الطوارئ في وظائف تنطوي على خطر تعريضهم بشكل أكبر لأحداث سلبية يمكن أن تؤثر سلبا على الصحة النفسية.

وتنطوي حالات الركود الاقتصادي أو الطوارئ الإنسانية وطوارئ الصحة العامة على مخاطر مثل فقدان الوظائف أو عدم الاستقرار المالي أو تدني فرص العمل أو زيادة البطالة. 

ويمكن أن يشكل العمل بيئةً تفاقم القضايا الأوسع نطاقا التي تؤثر سلباً على الصحة النفسية، بما في ذلك التمييز وعدم المساواة على أساس عوامل مثل العرق أو الجنس أو الهوية الجنسانية أو الميل الجنسي أو الإعاقة أو الأصل الاجتماعي أو وضع المهاجر أو الدين أو العمر.

ويرجح أن يُستبعد الأشخاص الذين يعانون من اعتلالات الصحة النفسية الشديدة من فرص العمل، وعندما يعملون بالفعل، فيرجح أن يتعرضوا لعدم المساواة في بيئة العمل. وتشكل العطالة خطراً على الصحة النفسية. وقد باتت البطالة وانعدام الأمان الوظيفي والمالي وفقدان الوظائف مؤخرا من عوامل الخطر المرتبطة بمحاولات الانتحار.

الصحة النفسية في مكان العمل 

يمكن للحكومات وأرباب العمل والمنظمات التي تمثل العاملين وأرباب العمل وغيرهم من أصحاب المصلحة المسؤولين عن صحة العاملين وسلامتهم أن يساعدوا على تحسين الصحة النفسية في العمل من خلال اتخاذ إجراءات ترمي إلى:

  • الوقاية من اعتلالات الصحة النفسية المرتبطة بالعمل عن طريق الوقاية من المخاطر على الصحة النفسية في العمل؛
  • حماية وتعزيز الصحة النفسية في مكان العمل؛
  • دعم العاملين الذين يعانون من اعتلالات الصحة النفسية للمشاركة والازدهار في العمل؛
  • تهيئة بيئة مواتية للتغيير.

وينبغي اتخاذ إجراءات لمعالجة الصحة النفسية في العمل بمشاركة هادفة من العمال وممثليهم والأشخاص الذين لديهم تجربة في اعتلالات الصحة النفسية. 

الوقاية من اعتلالات الصحة النفسية المرتبطة بالعمل

ترتبط الوقاية من اعتلالات الصحة النفسية في العمل بإدارة المخاطر النفسية والاجتماعية في مكان العمل. وتوصي المنظمة أرباب العمل بالقيام بذلك من خلال تنفيذ تدخلات مؤسسية تستهدف مباشرة ظروف العمل وبيئاته. ويقصد بالتدخلات المؤسسية تلك التي تقيّم مخاطر مكان العمل على الصحة النفسية وتخفف من حدتها أو تعدلها أو تزيلها. وتشمل التدخلات المؤسسية، على سبيل المثال، توفير ترتيبات عمل مرنة، أو تنفيذ أطر للتعامل مع العنف والتحرش في العمل.

حماية وتعزيز الصحة النفسية في العمل

ترتبط حماية الصحة النفسية وتعزيزها في العمل بتعزيز القدرات على تبيّن اعتلالات الصحة النفسية في العمل والتعامل معها، وهذا الأمر منوط خاصة بالأشخاص المشرفين على الآخرين، مثل المديرين.

ولحماية الصحة النفسية، توصي المنظمة بما يلي:

  • تدريب المديرين بشأن الصحة النفسية، وهو ما يساعد المديرين على التعرّف على علامات الاضطراب العاطفي لدى الموظفين العاملين تحت إشرافهم والاستجابة لها؛ ويبني مهارات التعامل مع الآخرين مثل التواصل المفتوح والإنصات؛ ويحسّن فهم تأثير ضغوط العمل على الصحة النفسية وكيفية إدارتها؛
  • تدريب العاملين في مجال التثقيف والتوعية بالصحة النفسية، لتحسين المعارف المتعلقة بالصحة النفسية والحد من الوصم المرتبط باعتلالات الصحة النفسية في العمل؛
  • تنفيذ تدخلات لفائدة الأفراد من أجل بناء المهارات اللازمة لإدارة الإجهاد والحدّ من أعراض الصحة النفسية، بما في ذلك التدخلات النفسية والاجتماعية وفرص النشاط البدني الترفيهي.   

دعم العاملين الذين يعانون من اعتلالات الصحة النفسية من أجل إشراكهم وازدهارهم في العمل

يحق للأشخاص الذين يعانون من اعتلالات الصحة النفسية أن يشاركوا مشاركة كاملة وعادلة في العمل. وتتيح اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة اتفاقا دوليا لتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (بما فيها الإعاقة النفسية والاجتماعية)، بما في ذلك في العمل. وتوصي المنظمة بثلاثة تدخلات لدعم الأشخاص الذين يعانون من اعتلالات الصحة النفسية في الاستفادة من مكاسب العمل والحفاظ عليها والمشاركة في العمل:

  • ترتيبات تيسيرية معقولة في العمل تكيف بيئات العمل مع قدرات واحتياجات واختيارات العامل الذي يعاني من اعتلال من اعتلالات الصحة النفسية. وقد تشمل منح فرادى العاملين ساعات عمل مرنة، أو وقتا إضافيا لإكمال المهام، أو تعديل المهام للحد من الإجهاد، أو إجازة للمواعيد الصحية، أو اجتماعات داعمة منتظمة مع المشرفين.
  • برامج عودة إلى العمل تجمع بين الرعاية الموجهة في العمل (مثل الترتيبات التيسيرية المعقولة أو العودة التدريجية إلى العمل) ومواصلة تقديم الرعاية السريرية لدعم العاملين في العودة إلى عملهم على نحو هادف بعد غياب مرتبط باعتلالات الصحة النفسية، بالموازاة مع الحد من أعراض الصحة النفسية.
  • مبادرات توظيف مدعوم تساعد الأشخاص الذين يعانون من اعتلالات الصحة النفسية الشديدة على بدء عمل مدفوع الأجر والحفاظ على وقتهم في العمل من خلال الاستمرار في تقديم الصحة النفسية والدعم المهني. 

تهيئة بيئة مواتية للتغيير

يمكن للحكومات وأرباب العمل، بالتشاور مع أصحاب المصلحة الرئيسيين، أن يساعدوا على تحسين الصحة النفسية في العمل من خلال تهيئة بيئة مواتية للتغيير. وهذا يعني عمليا تعزيز:

  • القيادة والالتزام بالصحة النفسية في العمل، بسبل منها مثلا دمج الصحة النفسية في العمل في السياسات ذات الصلة.
  • استثمار الأموال والموارد الكافية، بطرق منها مثلا وضع ميزانيات مخصصة للإجراءات الرامية إلى تحسين الصحة النفسية في العمل وإتاحة خدمات الصحة النفسية والتوظيف للمؤسسات التي تعوزها الموارد.
  • حقوق المشاركة في العمل، بطرق منها مثلا مواءمة قوانين ولوائح العمل مع الصكوك الدولية لحقوق الإنسان وتنفيذ سياسات عدم التمييز في العمل. 
  • دمج الصحة النفسية في العمل في جميع القطاعات، بسبل منها مثلا دمج الصحة النفسية في النظم القائمة بشأن السلامة والصحة المهنية.
  • مشاركة العاملين في عملية اتخاذ القرار، بسبل منها مثلا إجراء مشاورات هادفة وفي الوقت المناسب مع العاملين وممثليهم والأشخاص الذين عاشوا تجربة الإصابة باعتلالات الصحة النفسية.
  • تقديم أدلة على المخاطر النفسية والاجتماعية وفعالية التدخلات، بسبل منها مثلا ضمان استناد جميع الإرشادات والإجراءات المتعلقة بالصحة النفسية في العمل إلى أحدث الأدلة.
  • الامتثال للقوانين واللوائح والتوصيات، بسبل منها مثلا دمج الصحة النفسية في مسؤوليات هيئات تفتيش العمل الوطنية وغيرها من آليات الامتثال.   

استجابة المنظمة 

تلتزم المنظمة بتحسين الصحة النفسية في مكان العمل. وتبين استراتيجية المنظمة العالمية بشأن الصحة والبيئة وتغير المناخ و خطة عمل المنظمة الشاملة للصحة النفسية (2013-2030) المبادئ والأهداف واستراتيجيات التنفيذ ذات الصلة لإتاحة الصحة النفسية الجيدة في مكان العمل. وتتناول هاتان الوثيقتان المحددات الاجتماعية للصحة النفسية، مثل مستويات المعيشة وظروف العمل؛ والحد من الوَصْم والتمييز؛ وزيادة إتاحة الرعاية المسندة بالأدلة من خلال تطوير الخدمات الصحية، بما في ذلك إتاحة خدمات الصحة المهنية. وفي عام 2022، سلط تقرير المنظمة عن الصحة النفسية في العالم: تحويل الصحة النفسية للجميع، الضوء على مكان العمل كمثال رئيسي على بيئة تتطلب اتخاذ إجراءات تحويلية بشأن الصحة النفسية. 

وتقدم المبادئ التوجيهية للمنظمة بشأن الصحة النفسية في العمل توصيات مسندة بالأدلة بشأن تعزيز الصحة النفسية، والوقاية من اعتلالات الصحة النفسية، وتمكين الأشخاص الذين يعانون من اعتلالات الصحة النفسية من المشاركة والازدهار في العمل. وتغطي التوصيات التدخلات المؤسسية، وتدريب المديرين وتدريب العاملين، والتدخلات الفردية، والعودة إلى العمل، والحصول على عمل. ويقدم موجز السياسات المرفق الذي أعدته المنظمة ومنظمة العمل الدولية، "الصحة النفسية في العمل: موجز سياساتي"، إطارا عمليا لتنفيذ توصيات المنظمة. ويبين هذا الموجز تحديدا ما يمكن للحكومات وأصحاب العمل والمنظمات التي تمثل أرباب العمل والعاملين وغيرهم من أصحاب المصلحة القيام به لتحسين الصحة النفسية في العمل. 


المراجع

  1. World employment and social outlook - Trends 2022. Geneva: International Labour Organization; 2022 (https://www.ilo.org/global/research/global-reports/weso/trends2022/WCMS_834081/lang--en/index.htm (تم الاطلاع في 26 آب/أغسطس 2022)
  2. Women and men in the informal economy: a statistical picture. Geneva: International Labour Organization; 2018 (https://www.ilo.org/global/publications/books/WCMS_626831/lang--en/index.htm)، تم الاطلاع في 26 آب/أغسطس 2022)