ما هي السموم الطبيعية؟
السموم الطبيعية هي مركبات سامة تُنتجها الكائنات الحية بطريقة طبيعية. وهذه السموم ليست مضرّة للكائنات نفسها ولكنها قد تكون سامة للمخلوقات الأخرى، بما في ذلك البشر، عندما تؤكل. وهذه المركبات الكيميائية متنوعة من حيث هياكلها وتختلف وظائفها البيولوجية
ويتفاوت مدى سميتها.
فبعض السموم تنتجها النباتات كآلية دفاع طبيعية ضد الضواري أو الحشرات أو الكائنات الدقيقة، أو بسبب الكائنات الدقيقة، كالعفن، التي تنتشر فيها استجابة للضغوط المناخية (مثل الجفاف أو الرطوبة الشديدة).
وتتمثل مصادر السموم الطبيعية الأخرى في الطحالب المجهرية والعوالق الموجودة في المحيطات وأحياناً في البحيرات، والتي تنتج مركبات كيميائية سامة للبشر وليس للأسماك أو الصدفيات التي تأكل هذه الكائنات المنتجة للسموم. وعندما يأكل الناس الأسماك أو الصدفيات
التي تحتوي على هذه السموم يمكن أن يصابوا سريعاً بالمرض.
وفيما يلي وصف لبعض السموم الطبيعية الأكثر انتشاراً التي قد تعرض صحتنا للخطر.
الذيفانات البيولوجية المائية
تسمى السموم التي تكونها الطحالب في مياه المحيطات وفي المياه العذبة سموم طحلبية. وتنشأ السموم الطحلبية أثناء تزهير أنواع معينة من الطحالب الموجودة في الطبيعة. وتزيد احتمالات احتواء الصدفيات مثل بلح البحر والاسكالوب والمحار على هذه السموم مقارنة بالأسماك. ويمكن أن تسبب السموم الطحلبية الإسهال والنخز والشلل وآثار أخرى في الإنسان أو الثدييات أو الأسماك. ويمكن أن تُحتجز السموم الطحلبية في الصدفيات والأسماك أو أن تلوث مياه الشرب. وهي عديمة المذاق والرائحة ولا يمكن التخلص منها بالطهي أو التجميد.
ويُعد التسمم بالسيكواتيرا مثالاً آخر، وينشأ عن استهلاك الأسماك الملوثة بالدينوفلاجلات التي تنتج السيكواتوكسينات. وبعض الأسماك يُعرف عنها أنها تأوي السيكواتوكسينات مثل العقام والهامور والعصمودي والإسقمري الملكي. وتتضمن أعراض التسمم بالسيكواتيرا
الغثيان والقيء والأعراض العصبية مثل الشعور بالنخز في أصابع اليدين والقدمين. ولا يوجد حالياً علاج محدد للتسمم بالسيكواتيرا.
الغلوكوزيدات السيانوجينية
الغلوكوزيدات السيانوجينية هي سموم نباتية (مواد كيميائية سامة تنتجها النباتات) توجد في 2000 نوع من النباتات على الأقل، ويُستخدم عدد من هذه الأنواع كغذاء في بعض مناطق العالم. وتكتسي الكسافا والذرة الرفيعة والفواكه ذات النواة وجذور الخيزران، أهمية خاصة كأغذية تحتوي على الغلوكوزيدات السيانوجينية. وتتوقف السمية المحتملة للنبات السيانوجيني في المقام الأول على احتمال أن يؤدي استهلاكه إلى تركيز السيانيد بدرجة سامة للبشر الذين يتعرضون له. وقد تشمل العلامات السريرية الدالة على التسمم الحاد بالسيانيد في البشر ما يلي: سرعة التنفس وانخفاض ضغط الدم والدوخة والصداع وآلام المعدة والقيء والإسهال والتخليط العقلي والزراق مع النفضان والاختلاجات التي تتبعها غيبوبة نهائية. ويمكن أن تحدث الوفاة الناجمة عن التسمم بالسيانيد عندما يتجاوز مستوى السيانيد الحدود التي يمكن للشخص أن يتخلص منها.
الفيوروكومارينات
توجد هذه السموم في العديد من النباتات مثل العرق الأبيض (وهو وثيق الصلة بالجزر والمقدونس) والكرفس والموالح (الليمون والليمون الحامض والغريب فروت والبرغموت) وبعض النباتات الطبية. والفيوروكومارينات هي سموم ينتجها النبات استجابة للضغوط، مثل تعرضه للضرر المادي. ويمكن لبعض هذه السموم أن تسبب مشكلات معدية معوية في الأشخاص المعرضة لها. والفيوروكومارينات سامة ضوئياً، ويمكن أن تسبب تفاعلات جلدية وخيمة في ضوء الشمس (التعرض للأشعة فوق البنفسجية). وتحدث هذه التفاعلات في المقام الأول بعد التعرض الجلدي، ومع ذلك فقد بُلّغ عن حدوثها عقب استهلاك كميات كبيرة من خضروات معينة تحتوي على مستويات عالية من الفيوروكومارينات.
اللكتينات
تحتوي أنواع عديدة من البقول على سموم تسمى لكتينات، وتحتوي الفاصوليا الجافة على أعلى تركيز لها - ولاسيما الفاصوليا الحمراء. ويمكن لأربعة أو خمسة حبوب من الفاصوليا النيئة أن تسبب أعراض وخيمة تتمثل في آلام المعدة والقيء والإسهال. ويؤدي نقع البقول لمدة 12 ساعة على الأقل ثم غليها في الماء بشدة لمدة 10 دقائق على الأقل إلى تدمير اللكتينات. والفاصوليا الجافة المعلبة خضعت بالفعل لهذه العملية ولذا يمكن استهلاكها دون معالجة أخرى.
السموم الفطرية
ومعظم السموم الفطرية مستقرة كيميائياً وتتحمل عملية معالجة الأغذية. ويمكن لآثار السموم الفطرية الموجودة في الأغذية أن تكون حادة ويصاحبها أعراض الاعتلال الوخيم بل والموت الذي يحل سريعاً بعد استهلاك المنتجات الغذائية الشديدة التلوث. وتشمل الآثار الصحية الطويلة الأجل للتعرض المزمن للسموم الفطرية الإصابة بالسرطان وبالعوز المناعي.
السولانينات والشاكونين
تحتوي جميع النباتات من فصيلة الباذنجانيات التي تشمل الطماطم والبطاطس والباذنجان، على سموم طبيعية تسمى سولانينات وشاكونين (وهي من الجليكو ألكالويدات). وفي حين أن هذه السموم تكون مستوياتها عادة منخفضة، فإنها موجودة بتركيزات أكبر في البطاطس ذات البراعم والقشور المرّة والأجزاء الخضراء، وفي الطماطم الخضراء كذلك. وتنتج النباتات السموم نتيجة لتعرضها للضغوط مثل التكدّم والضوء فوق البنفسجي والكائنات الدقيقة ومهاجمة الآفات الحشرية والحيوانات آكلة العشب. وللحد من إنتاج السولانينات والشاكونين من الأهمية بمكان حفظ البطاطس في مكان مظلم وبارد وجاف، وعدم تناول الأجزاء الخضراء أو البراعم.
الفطر السام
قد تحتوي أنواع الفطر البري على عدد من السموم، مثل الموسيمول والموسكارين، اللذين يمكن أن يسببان القيء والإسهال والتخليط واضطرابات الرؤية وسيلان اللعاب والهلاوس. وتبدأ الأعراض في غضون فترة تتراوح ما بين 6 ساعات و24 ساعة أو أكثر بعد تناول الفطر. وعادة ما يرتبط التسمم المميت بتأخر ظهور الأعراض التي تكون شديدة الوخامة وتؤثر تأثيراً ساماً على الكبد والكلى والجهاز العصبي. ولا يؤدي الطهي أو التقشير إلى إبطال مفعول السموم. ويوصى بتجنب تناول الفطر البري إلا إذا تأكد أنه غير سام.
قلويات البيرولايزيداين
قلويات البيرولايزيداين هي سموم ينتجها نحو 600 نوع من النباتات. والمصدر النباتي الرئيسي لها هو الفصائل الحمحمية والنجمية والفراشية. وتمثل العديد من هذه النباتات أعشاباً يمكن أن تنمو في الحقول وأن تلوث المحاصيل الغذائية. ويمكن لقلويات البيرولايزيداين أن تسبب طيفاً من الآثار الصحية الضارة؛ ويمكن أن تكون شديدة السمية، ويشكل احتمال إضرار بعض هذه المواد بالدنا مثاراً رئيسياً للقلق، وقد يؤدي إلى الإصابة بالسرطان.
وتكون قلويات البيرولايزيداين مستقرة أثناء المعالجة، واكتُشف وجودها في شاي الأعشاب والعسل والأعشاب والتوابل وغيرها من منتجات الأغذية مثل الحبوب ومنتجات الحبوب. ومع ذلك فإن تعرض الإنسان لها يعد محدوداً. ونظراً إلى ما يتسم به الموضوع من تعقيد
ولكبر عدد المركبات ذات الصلة، فإن المخاطر الصحية الإجمالية لم تُقدّر بعد بالكمال. وتعكف لجنة الدستور الغذائي المعنية بالملوثات في الأغذية المشتركة بين منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية، على وضع الإرشادات بشأن استراتيجيات
الإدارة لمنع النباتات المحتوية على قلويات البيرولايزيداين من دخول السلسلة الغذائية.
كيف يمكنني أن أحد من المخاطر الصحية الناجمة عن السموم الطبيعية إلى أدنى قدر؟
فيما يتعلق بالسموم الطبيعية من الأهمية بمكان ملاحظة إمكانية وجودها في أنواع مختلفة من المحاصيل والأغذية. وفي النظام الغذائي المتوازن والصحي، تكون مستويات السموم الطبيعية أدنى من عتبة السمية الحادة والمزمنة.
وللحد من المخاطر الصحية الناجمة عن السموم الطبيعية الموجودة في الأغذية يُنصح الأشخاص باتّباع ما يلي:
- عدم افتراض أن كل ما هو "طبيعي" يتسم تلقائياً بالمأمونية؛
- التخلص من الأغذية التي تعرضت للتكدّم والضرر أو التي أصبح لونها باهتاً والأغذية التي أصابها العفن على وجه الخصوص؛
- التخلص من أي أغذية لم تعد رائحتها أو مذاقها طازجاً، أو تغيّر مذاقها عن المعتاد؛
- عدم تناول أنواع الفطر البري أو أي نباتات برية إلا تلك التي تأكد أنها غير سامة.
استجابة المنظمة
تُعد منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة مسؤولة عن تقدير مخاطر السموم الطبيعية - الناجمة عن تلوث الأغذية - على الإنسان، وعن إصدار التوصيات بشأن وسائل الحماية الكافية.
وتُستخدم عمليات تقدير مخاطر السموم الطبيعية في الأغذية التي تُجريها لجنة الخبراء المشتركة بين منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية والمعنية بالمضافات الغذائية، من قِبل الحكومات وهيئة الدستور الغذائي (الهيئة الحكومية الدولية المعنية
بوضع المعايير الخاصة بالأغذية) لتحديد المستويات القصوى في الأغذية أو إسداء سائر النصائح بشأن إدارة المخاطر من أجل مكافحة التلوث أو الوقاية منه. ومعايير الدستور الغذائي هي المرجع الدولي لإمدادات الأغذية الوطنية وتجارة الأغذية، التي
يمكن بفضلها للأشخاص في كل مكان أن يكونوا على ثقة من أن الأغذية التي يشترونها تلبي المعايير المتفق عليها بشأن المأمونية والجودة، أينما أُنتجت.
وتحدد لجنة الخبراء المشتركة المعنية بالمضافات الغذائية مستوى المدخول من السموم الطبيعية الذي يمكن تحمّله.
وتتكون لجنة الخبراء المشتركة المعنية بالمضافات الغذائية أو أفرقة الخبراء العلمية المخصّصة المشتركة بين منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية من خبراء مستقلين دوليين يتولون إجراء استعراضات علمية لجميع الدراسات المتاحة وسائر البيانات
ذات الصلة بالسموم الطبيعية المحددة. ويمكن أن تتمثل حصيلة عمليات تقدير المخاطر الصحية هذه في أقصى مستوى للمدخول (التعرض) يمكن تحمّله، أو في إرشادات أخرى لتحديد مدى الشواغل الصحية (مثل هامش التعرض)، بما في ذلك النصائح بشأن تدابير إدارة
المخاطر للوقاية من التلوث ومكافحته، وبشأن الأساليب التحليلية وأنشطة الرصد والمكافحة.