WHO/A Fahrion
© الصورة

صحة الفم

17 آذار/مارس 2025

حقائق رئيسية

  • إن صحة الفم، رغم أنه يمكن الوقاية منها بشكل كبير، تشكل عبئاً صحياً كبيراً على العديد من البلدان وتؤثر على الناس طوال حياتهم، مما يسبب لهم الألم وعدم الراحة والتشوه، بل والوفاة.
  • تشير التقديرات إلى أن أمراض الفم تؤثر على ما يقرب من 3,7 مليارات شخص.
  • تسوس الأسنان (نخر الأسنان) غير المعالج هو المرض الصحي الأكثر شيوعاً وفقاً لعبء المرض العالمي لعام 2021.
  • الوقاية من أمراض صحة الفم وعلاجها مكلفان ولا تشملهما الخطط الوطنية لامتيازات التغطية الصحية الشاملة.
  • معظم البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل لا توفر خدمات كافية للوقاية من أمراض صحة الفم وعلاجها.
  • تنجم أمراض الفم عن مجموعة من عوامل الخطر القابلة للتغيير ومشتركة بين العديد من الأمراض غير السارية، بما في ذلك استهلاك السكر، وتعاطي التبغ، وتعاطي الكحول، وسوء النظافة الصحية، وما ترتكز عليه هذه العوامل من محددات اجتماعية وتجارية.

لمحة عامة

يمكن الوقاية إلى حد كبير من معظم أمراض صحة الفم، ويمكن علاجها في مراحلها المبكرة. وتتمثل معظم الحالات في تسوس الأسنان (نخر الأسنان)، وأمراض اللثة، وفقدان الأسنان وسرطانات الفم. وتشمل أمراض الفم الأخرى التي تكتسي أهمية للصحة العامة تشقق الشفة والحنك، ومرض آكلة الفم (مرض غنغريني حاد يبدأ في الفم ويؤثر في الغالب على الأطفال) وصدمات الفم والأسنان.

ويظل انتشار أمراض الفم الرئيسية يتزايد على الصعيد العالمي مع النمو العمراني والتغيرات في الظروف المعيشية. ويرجع ذلك في المقام الأول إلى عدم التعرض بالقدر الكافي للفلوريد (في إمدادات المياه ومنتجات نظافة الفم مثل معجون الأسنان)، وإلى توافر الأغذية التي تحتوي على نسبة عالية من السكر، وذلك بأسعار ميسورة، ونقص توافر خدمات رعاية صحة الفم في المجتمعات المحلية. وقد أدى تسويق الأغذية والمشروبات الغنية بالسكر، فضلاً عن التبغ والكحول، إلى تزايد استهلاك المنتجات التي تسهم في الإصابة بأمراض صحة الفم وغيرها من الأمراض غير السارية.

تسوس الأسنان (نخر الأسنان)

ينتج تسوس الأسنان عندما تتشكل اللويحات على سطح السن فتحول السكريات الحرة (جميع السكريات التي تضيفها الشركة المصنعة أو الطباخ أو المستهلك إلى الأطعمة، بالإضافة إلى السكريات الموجودة بشكل طبيعي في العسل وأنواع الشراب وعصائر الفاكهة) الموجودة في الأطعمة والمشروبات إلى أحماض تدمر السن بمرور الوقت. ويمكن أن يؤدي استمرار تناول كميات كبيرة من السكريات الحرة، وعدم التعرض للفلوريد بالقدر الكافي، وعدم إزالة اللويحات عن طريق تنظيف الأسنان بالفرشاة إلى تسوس الأسنان والألم بل وفقدان الأسنان والعدوى في بعض الأحيان.

أمراض دواعم الأسنان (اللثّة)

تؤثر أمراض اللثة على كل من الأنسجة التي تحيط بالأسنان وتلك التي تدعمها. ويتميز المرض بنزيف أو تورم في اللثة (التهاب اللثة) والألم وأحياناً رائحة الفم الكريهة. وعند الإصابة بأكثر أشكال المرض حدة، يمكن أن تخرج اللثة من الأسنان والعظام الداعمة، مما يخلخل الأسنان ويجعلها تسقط في بعض الأحيان. وتشير التقديرات إلى أن أمراض اللثة الوخيمة تمثل أكثر من مليار حالة في جميع أنحاء العالم (1). وتتمثل عوامل الخطر الرئيسية لأمراض اللثة في سوء نظافة الفم وتعاطي التبغ.

انعدام الأسنان (الفقد الكلي للأسنان)

يعدّ فقدان الأسنان عموماً المرحلة النهائية من تاريخ طويل لمرض فموي يتمثل بشكل أساسي في حالة تسوس متقدمة للأسنان ومرض لثة وخيم، ولكن قد ينتج أيضاً عن صدمة أو أسباب أخرى. ويصل معدل التفشي المتوسط عالمياً لفقدان الأسنان الكلي إلى قرابة 7% في صفوف الأشخاص البالغين من العمر 20 عاماً فأكثر. وترتفع النسبة إلى 23% في صفوف البالغين من العمر 60 عاماً فأكثر، حسب التقديرات. وقد تترتب على فقدان الأسنان آثار صادمةً نفسياً وضارة اجتماعياً ومقيدة وظيفياً.

سرطان الفم

يشمل سرطان الفم سرطانات الشفاه والأجزاء الأخرى من الفم والبلعوم الفموي وتحتل مجتمعةً المرتبة 13 بين أنواع السرطان الأكثر شيوعاً على الصعيد العالمي. ويقدر معدل الإصابة العالمي بسرطانات الشفاه وتجويف الفم بنحو 846 389 حالة جديدة و438 188 وفاة في عام 2022 (1). وسرطان الفم أكثر شيوعاً بين الرجال وكبار السن، وهو مميت بشكل أكبر للرجال مقارنةً بالنساء، ويتفاوت بشدة حسب الظروف الاجتماعية والاقتصادية.

ويعد تعاطي التبغ والكحول وجوز الأريقة (أوراق التنبول) من بين الأسباب الرئيسية لسرطان الفم. وفي أمريكا الشمالية وأوروبا، تعد عدوى فيروس الورم الحُليمي البشري مسؤولة عن ارتفاع نسبة سرطانات الفم بين الشباب.

صدمات الفم والأسنان

تنتج صدمة الفم والأسنان عن إصابة الأسنان والفم وتجويف الفم. وتشير التقديرات الأخيرة إلى أن مليار شخص يعانون من صدمات الفم والأسنان، ويبلغ معدل انتشارها بين الأطفال حتى سن 12 عاماً قرابة 20%. ويمكن أن تحدث صدمة الفم والأسنان بسبب عوامل فموية مثل عدم محاذاة الأسنان وعوامل بيئية (مثل الملاعب غير الآمنة وسلوك المخاطرة وحوادث الطرق والعنف). والعلاج مكلف وطويل وقد يؤدي أحياناً إلى فقدان الأسنان، مما يفضي إلى مضاعفات تتصل بنمو الوجه والنمو النفسي ونوعية الحياة.

مرض آكلة الفم

مرض آكلة الفم هو مرض غنغريني وخيم يصيب الفم والوجه. وهو يؤثر في الغالب على الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين وست سنوات ممن يعانون من سوء التغذية، أو يصابون بالأمراض المعدية، أو يعيشون في فقر مدقع مع سوء نظافة الفم أو مع ضعف أجهزة المناعة.

ويوجد مرض آكلة الفم في معظمه في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وإن كان قد أُبلغ أيضاً عن حالات في أمريكا اللاتينية وآسيا. ويبدأ مرض آكلة الفم في صورة آفة في الأنسجة الرخوة (قرحة) باللثة. ثم تتطور آفة اللثة الأولية لتصبح التهاب اللثة الناخر الحاد الذي يتطور بسرعة فيدمر الأنسجة الرخوة ويتواصل تطوره ليشمل الأنسجة الصلبة وبشرة الوجه.

ووفقاً لأحدث التقديرات (من عام 1998) يوجد 000 140 حالة جديدة من مرض آكلة الفم سنوياً. وما لم يُعالج المرض فإنه يؤدي إلى الوفاة في 90٪ من الحالات (7). ويعاني الناجون من تشوه شديد في الوجه، ويجدون صعوبة في التحدث والأكل، ويكابدون وصمة اجتماعية، ويحتاجون إلى جراحة معقدة وإلى إعادة تأهيل. وعند اكتشاف مرض آكلة الفم في مرحلة مبكرة، يمكن إيقاف تطوره بسرعة من خلال النظافة الأساسية والمضادات الحيوية وتحسين التغذية.

تشقق الشفة والحنك

فلوح الوجه والفم، وهي أكثر العيوب الخلقية القحفية الوجهية شيوعاً، تسجل انتشاراً عالمياً مقداره حالة ولادة واحدة من بين كل 1000 أو 1500 حالة، مع تباين واسع في مختلف الدراسات والمجموعات السكانية (2). ويشكل الاستعداد الوراثي سبباً رئيسياً في الإصابة به. بيد أن لسوء تغذية الأمهات وتعاطي التبغ والكحول والسمنة أثناء الحمل دوراً أيضاً في هذا الشأن. وفي البيئات المنخفضة الدخل، يوجد معدل وفيات مرتفع في فترة ما بعد الولادة. وإذا عولجت شقوق الشفة والحنك بشكل صحيح عن طريق الجراحة، تصبح إعادة التأهيل الكاملة ممكنة.

عوامل الخطر

تشترك معظم أمراض الفم وحالاته في عوامل خطر قابلة للتغيير مثل تعاطي التبغ وتعاطي الكحول واتباع نظام غذائي غير صحي غني بالسكريات الحرة الشائعة في الأمراض الأخرى غير السارية (مثل أمراض القلب والأوعية الدموية  والسرطان والأمراض التنفسية المزمنة وداء السكري).

وبالإضافة إلى ذلك، تبين أن مرض السكري مرتبط ارتباطاً متبادلاً مع الإصابة بأمراض اللثة وتطورها (2). وتوجد أيضاً علاقة سببية بين ارتفاع استهلاك السكر وداء السكري والسمنة وتسوس الأسنان.

التفاوتات في مجال صحة الفم

تؤثر أمراض الفم تأثيراً غير متناسب على الفقراء وأفراد المجتمع المحرومين اجتماعياً. وتوجد صلة قوية ووثيقة للغاية بين الوضع الاجتماعي والاقتصادي (الدخل والمهنة والمستوى التعليمي) وانتشار أمراض الفم ووخامتها. وتستمر هذه الصلة موجودة من الطفولة المبكرة إلى كبر السن وتتجلى بين جميع الفئات السكانية في البلدان ذات الدخل المرتفع والمتوسط والمنخفض.

الوقاية

يمكن الحد من عبء أمراض الفم وغيرها من الأمراض غير السارية من خلال تدخلات الصحة العامة بالتصدي لعوامل الخطر الشائعة.

وتشمل هذه التدخلات ما يلي:

  • التشجيع على اتباع نظام غذائي متوازن جيداً ومنخفض السكريات الحرة وغني بالفواكه والخضروات، وتفضيل اتخاذ الماء مشروباً رئيسياً؛
  • التوقف عن استخدام جميع أشكال التبغ، بما فيها مضغ جوز الأريقة؛
  • الحد من تعاطي الكحول؛
  • التشجيع على استخدام معدات الحماية عند ممارسة الرياضة وركوب الدراجات الهوائية والدراجات النارية للحد من احتمالات إصابة الوجه.

ويعدّ التعرض الكافي للفلوريد عاملاً أساسياً من عوامل الوقاية من تسوس الأسنان.

ويجب التشجيع على تنظيف الأسنان بالفرشاة مرتين يومياً باستخدام معجون أسنان يحتوي على الفلوريد (من 1000 إلى 1500 جزء في المليون).

إتاحة الخدمات الصحية

يعني التوزيع غير المتكافئ للمهنيين في مجال صحة الفم ونقص المرافق الصحية المناسبة لتلبية احتياجات السكان في معظم البلدان أن فرص الحصول على خدمات صحة الفم الأولية غالباً ما تكون منخفضة. ويمكن أن تشكل تكاليف رعاية صحة الفم المدفوعة من الأموال الخاصة حواجز رئيسية أمام الحصول على الرعاية. ويعد دفع تكاليف رعاية صحة الفم الضرورية من بين الأسباب الرئيسية للنفقات الصحية الكارثية؛ مما يؤدي إلى زيادة خطر الإفقار والمشقة الاقتصادية.

استجابة منظمة الصحة العالمية

وافقت جمعية الصحة العالمية على قرار بشأن صحة الفم في عام 2021 في أثناء جمعية الصحة العالمية الرابعة والسبعين. ويوصي القرار بالتحول من النهج العلاجي التقليدي إلى نهج وقائي يشمل الترويج لصحة الفم داخل الأسرة والمدارس وأماكن العمل، ويشمل تقديم الرعاية الجامعة والشاملة في الوقت المناسب في إطار نظام الرعاية الصحية الأولية. ويؤكد القرار أنه ينبغي إدراج صحة الفم بقوة في جدول أعمال الأمراض غير السارية، وأنه ينبغي إدراج التدخلات الخاصة برعاية صحة الفم في البرامج الوطنية لامتيازات التغطية الصحية الشاملة. 

واستجابةً للتكليف الصادر في القرار، وضعت الأمانة الاستراتيجية العالمية بشأن صحة الفم، التي اعتمدتها جمعية الصحة العالمية في أيار/مايو 2022 (المقرر الإجرائي ج ص ع75(11)). وأدرجت الأمانة خطة العمل العالمية بشأن صحة الفم للفترة 2023-2030 في التقرير الموحد عن الأمراض غير السارية، الذي اعتمدته جمعية الصحة العالمية السادسة والسبعون في عام 2023 (القرار ج ص ع76-9). وتتضمن خطة العمل مجموعة إجراءات للدول الأعضاء وأمانة المنظمة والشركاء الدوليين ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص.

وفي عام 2024، أسفر أول اجتماع عالمي على الإطلاق تعقده المنظمة بشأن صحة الفم من 26 إلى 29 تشرين الثاني/نوفمبر في بانكوك، تايلند، عن اعتماد إعلان بانكوك بعنوان "لا صحة دون صحة الفم". ويدعو الإعلان إلى رفع أهمية أمراض الفم إلى أولوية صحية عامة عالمية، مؤكداً التزام الدول الأعضاء بالقرار التاريخي الذي اعتُمد عام 2021 عن صحة الفم، والذي أدرج الوقاية من أمراض الفم ومكافحتها ضمن برامج الأمراض غير السارية والتغطية الصحية الشاملة والبيئة. ويشدّد القرار على ضرورة تقوية النُظم الصحية باتّباع نُهُج للرعاية الصحية الأولية تضع في صميمها الاستدامة البيئية والتكيف مع المناخ.

 

المراجع

1- Ferlay J, Ervik M, Lam F, Laversanne M, Colombet M, Mery L, Piñeros M, Znaor A, Soerjomataram I, Bray F (2024). Global Cancer Observatory: Cancer Today. Lyon, France: International Agency for Research on Cancer. https://gco.iarc.who.int/today

2- Salari N, Darvishi N, Heydari M, Bokaee S, Darvishi F, Mohammadi M. Global prevalence of cleft palate, cleft lip and cleft palate and lip: A comprehensive systematic review and meta-analysis. J Stomatol Oral Maxillofac Surg. 2021;S2468-7855(21)00118X. doi:10.1016/j.jormas.2021.05.008.