تدخلات الرعاية الصحية الذاتية

3 تشرين الأول/أكتوبر 2020

ماهي الرعاية الذاتية؟

تُعرّف منظمة الصحة العالمية الرعاية الذاتية على أنها قدرة الأفراد والأسر والمجتمعات المحلية على تعزيز الصحة والوقاية من المرض والحفاظ على الصحة الجيدة والتدبير العلاجي للأمراض والإعاقة بدعم من عامل صحي أو من دونه.

وتعترف بالأفراد كعناصر فاعلة في إدارة الرعاية الصحية الخاصة بهم في المجالات التي تشمل تعزيز الصحة؛ والوقاية من الأمراض ومكافحتها؛ والعلاج الذاتي؛ وتقديم الرعاية للأشخاص المعتمدين عليها؛ والرعاية التأهيلية، بما يشمل الرعاية التلطيفية.

ماهي تدخلات الرعاية الصحية الذاتية ومن الذي يستخدمها؟

تتمثل تدخلات الرعاية الصحية الذاتية في استخدام وسائل تستند إلى البيّنات وتشمل الأدوية من النوعية الجيدة والأجهزة الطبية و/أو الأدوات التشخيصية و/أو المنتجات الرقمية ويمكن تقديمها كليًا أو جزئيًا خارج الخدمات الصحية الرسمية ويمكن استخدامها مع أو من دون إشراف مباشر من موظفي الرعاية الصحية. ومنها، على سبيل المثال، وسائل منع الحمل بواسطة الحقن الذاتي ومعدّات أخذ العينات الذاتية للكشف عن فيروس الورم الحليمي البشري أو الفحوصات الذاتية للكشف عن فيروس العوز المناعي البشري.

ويمكن أن يكون المستخدمون على دراية جيدة ببعض التدخلات فيستخدمونها بارتياح وبشكل مستقل منذ البداية. في حين تحتاج بعض التدخلات الأخرى إلى المزيد من الإرشادات والدعم قبل أن تُقبل وتُستخدم بصورة مستقلة. وينبغي ربط تدخلات الرعاية الصحية الذاتية بالنظام الصحي ودعمها لضمان مساءلة النظام الصحي.

ويلجأ إلى تدخلات الرعاية الصحية الذاتية الأفراد ومقدمو الرعاية للأشخاص المعتمدين عليها. وقد يكون لاختيارهم تلك التدخلات مبررات إيجابية من قبيل، التيسير أو خفض التكلفة أو تمكين الأفراد أو لملاءمتها بصورة أفضل مع القيم أو أنماط الحياة اليومية أو لأن التدخل قد يوفر الخيارات والاختيارات المرغوب فيها. غير أنهم قد يختارون أيضًا تدخلات الرعاية الصحية الذاتية لتجنب النظام الصحي بسبب غياب الجودة (مثل الوصم من قبل مقدمي الخدمة) أو تعذر الوصول إليها (في الأوضاع الإنسانية على سبيل المثال). وتضطلع تدخلات الرعاية الصحية الذاتية بدور مهم لا سيما في مثل هذه الحالات، لأنه قد لا يكون ممكنا البتة وصول الأشخاص إلى الخدمات الصحية.

نطاق المشكلة

غالبًا ما تفتقر الفئات المهمشة والضعيفة مثل الفقراء أو السكان الأصليين أو المهاجرين، إلى الخدمات الصحية الجيدة. علاوة على النقص في اليد العاملة المقدر بـما يبلغ 18 مليون عامل صحي بحلول عام 2030 الذي سينتج عن انخفاض متوقع في التمويل الدولي في مجال الصحة، ناهيك عن أن شخص واحد من أصل كل 5 أشخاص من سكان العالم يعاني في الوقت الراهن من الأزمات الإنسانية، مما يجعل الحاجة ملحة لإيجاد استراتيجيات مبتكرة تتجاوز استجابة قطاع الصحة التقليدية.

وغالبًا ما يكون مقدمو الرعاية الصحية أكبر المستفيدين من الرعاية الذاتية، إذ إنها تخوّل لهم خدمة أكبر عدد من المرضى بالموارد القائمة وتعميم مهاراتهم السريرية حيث تشتد الحاجة إليها.

التحديات

 من المهم التأكد، قبل التوصية باعتماد تدخلات الرعاية الصحية الذاتية المحددة في النظم الصحية، من توفر البيّنات على أنها ستكون مجدية فيما يخص الحصائل الصحية وأنها لن تسبب أي ضرر على المستويين الفردي والجماعي. 

ويعد الاستخدام غير المأمون للمنتجات غير المنظمة أو الرديئة النوعية أو المعلومات الصحية المغلوطة أو غير الواضحة أو تعذر الوصول إلى موظفي الرعاية الصحية و/أو المرافق الصحية من التحديات المحتملة التي ينبغي معالجتها عند الترويج لهذه التدخلات أو طلبها. ويكمن أحد أكبر التحديات في الوقت الحالي، في ضمان إتاحة المنتجات لأولئك الذين يحتاجون إليها، والتأكد من أنها لن توقع عبئا ماليا إضافيا على الأفراد.

وكما هو شأن سائر الخدمات الصحية، تستلزم تدخلات الرعاية الصحية الذاتية أن يكون محور تنفيذها الإنصاف واحترام حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين والمحددات الاجتماعية للصحة. وسيكون توفير بيئة تمكينية آمنة وداعمة أمرًا أساسيا للأشخاص الذين قد يجهلون حقهم في الصحة أو الذين لا يستطيعون الحصول على الخدمات التي يحتاجون إليها، بمن فيهم، الفئات السكانية الضعيفة والمهمشة وفئة المسجونين والفئات المحرومة اجتماعياً واقتصادياً أي أولئك الذين يسجّلون أسوأ الحصائل الصحية عل الصعيد العالمي.

الأثر العالمي

تقدم تدخلات الرعاية الصحية الذاتية حلاً لدعم تحقيق الأهداف المليارية الثلاثية لمنظمة الصحة العالمية التي ترمي إلى تحسين التغطية الصحية الشاملة والوصول إلى الأشخاص في الحالات الإنسانية وتحسين الصحة والرفاه. ولعل إتاحة تدخلات الصحة الجنسية والإنجابية التالية كخيارات إضافية، يكون لها التأثير الصحي الكبير على المستويات الفردية والمحلية والمجتمعية:

وسائل منع الحمل عن طريق الحقن الذاتي تساعد على خفض حالات الحمل غير المرغوب فيها سنويا لما مجموعه 74 مليون امرأة وفتاة تعيش في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل

أخذ العينات الذاتية لفيروس الورم الحليمي البشري الذي يسبب سرطان عنق الرحم لتحسين الكشف عن هذا الفيروس يمكن أن يزيد من فرص الكشف عن عدد الحالات الجديدة سنويًا ويقلل بالتالي معدل الوفيات الناجمة عن سرطان عنق الرحم.

الفحص الذاتي للكشف عن فيروس العوز المناعي البشري يمكن أن يضمن الحصول المبكر على الرعاية والعلاج إذا اقتضت الضرورة ويخفض معدل الوفيات التي بلغ عددها العام الماضي 000 770 حالة وفاة بسبب الإصابة بأمراض مرتبطة بالإيدز.

جمع العينات ذاتيا فيما يخص الأمراض المنقولة جنسيًا (مثل المتدثرة و/أو داء السيلان) يمكن أن يحسن عمليات الفحص ويوصل إلى العلاج إذا اقتضت الضرورة ذلك.

التدبير الذاتي للإجهاض باستخدام الدواء يخفض عدد الوفيات في صفوف النساء اللائي يفارقن الحياة يوميا بسبب ممارسة الإجهاض غير المأمون.

استجابة منظمة الصحة العالمية

تقرّ المنظمة بقيمة تدخلات الرعاية الصحية الذاتية وإسهاماتها المحتملة في النظم الصحية وبالتقدم السريع المحرز في الخدمات والسلوكيات والمعلومات التي يمكن أن يقوم بها الأفراد. ويدعم إطار المنظمة بشأن تدخلات الرعاية الصحية الذاتية النهج المبتكرة ويعززها بصفتها سبلا لتسريع تحقيق التغطية الصحية الشاملة وأهداف التنمية المستدامة.

ويُعدّ أول إصدار للمبادئ التوجيهية الموحدة للمنظمة بشأن تدخلات الرعاية الذاتية في المجال الصحي خطوة تضع الناس في مركز الرعاية الصحية مع العمل على ضمان إتاحة التدخلات الجيدة لهم ومواصلة مساءلة النظام الصحي.

مختارات