استعادة الحركة والأمل في الموصل

8 تشرين الأول/أكتوبر 2018

كانت فاطمة خضر ذا النون نائمة في سريرها ليلةَ أن تعرض منزلها للقصف.

"استيقظتُ على دوي القصف. أردت أن أنهض، ولكني لم أستطع. شعرت أنني قد أُصِبت بالشلل."

زكمتْ رائحةُ بارودِ القذائف أنفَ فاطمة، وعلا صوت المصابين حولها بالصراخ، وعلا صوتها معهم. وغطى هدير القنابل على أصواتهم.

تقول فاطمة: "لم يدرك أبواي في البداية أننا تعرضنا للإصابة. وأخذا يتفقدان المصابين ومن كان منهم في حاجة إلى المساعدة، ولكنهم في الوقت نفسه لم يتبينوا أننا قد أُصبنا."

وعندما عثر والدا فاطمة عليها ظنا في بادئ الأمر أنها أُصيبت بالشلل من جرّاء الخوف. ثم فحص حالتها أحد جيرانهم، وهو طبيب، ورأى أنها كانت في حاجة إلى علاج فوري، ولذا حملها أبوها وإخوتها إلى خارج المنزل في بطانية وانطلقوا بالسيارة مسرعين بها إلى المستشفى.

"كانت الشوارع خالية ولكن عمها الكثير من الخوف في الوقت ذاته؛ وسُمِع أزيز الطائرات المحلقة. وكان المسلحون يقيمون حواجز على الطرق ويسألونهم عن وجهتهم."

حياةٌ انقلبت رأساً على عقب

كانت فاطمة تدرس كي تصبح معلمة، بيد أن خططها تعطلت في تلك الليلة، وانتابها الخوف إلى الأبد. وعادت فاطمة إلى بيتها بعد أن تلقت العلاج في المستشفى، ورقدت بلا حراك يعتصرها الاكتئاب لسبعة أشهر، مقتنعةً أنها لن تستطيع السير مطلقاً مرةً أخرى.

تقول فاطمة: "عندما أصبحت معاقةً، انقلبت حياتي رأساً على عقب. ولم أكن أدرك الحياة من حولي. فكنت إذا حدثني أحد أرد عليه، ولكن دون انتباه أو تركيز."

بيد أن أسرة فاطمة، ولا سيما أشقاؤها الأربعة، رفضت أن تتخلى عن الأمل. فكانوا يشجعونها على الوقوف، مراراً وتكراراً، مستندةً بجسدها إليهم. وكانت في كل مرة تنهار.

"كانوا يقولون لي سوف يُكتب لكِ الشفاء بفضل إرادتك، ولكني لم أكن أصدق أحداً منهم. لم أكن أصدق أسرتي. لم أكن أصدق طبيبي. ولم أشعر بأنني سأتحسن أبداً.

ولكن إصرار إخوتها أتى بثماره. فتمكنت فاطمة من الوقوف لثوانٍ قليلة عابرة.

وقالت: "لقد كنت أشعر بالراحة والسعادة."

خطوات نحو الشفاء

بعد ذلك التطور، نُصِحت فاطمة بالخضوع لعلاج تأهيلي، وخطر ببالها أن ليس لديها ما تخسره.

وهي الآن تواصل قطع خطواتها على مهل صوب التعافي، حيث تصحبها والدتها مرةً كل يومين إلى مستشفى التأهيل بنينوى المدعوم من المنظمة والموجودة في غرب الموصل.

وحتى الوصول إلى المستشفى يُشكل معاناة جسدية. ففطمة تسير ببطؤٍ مستعينة بمشاية عبر مجمع المستشفى وصولاً إلى جناح التأهيل، حيث يتعامل مع حالتها معالج كي يبني قوتها الجسمانية، وتقوم بركوب دراجة ثابتة وتؤدي تمارين البطن.

لقد دمرت سنوات الصراع معظم المرافق الطبية الموجودة في الموصل، وترزح المستشفى تحت ضغط هائل – يتم فحص نحو 100 مريض في وحدة التأهيل يومياً.

"يقول الدكتور ماهر السماق: "إن وقتنا لا يكفي عدد الناس، ولكننا نبذل قصارى جهدنا."

وكثير من المرضى يحتاجون إلى أطراف بديلة، وحيث لا توجد بالمستشفى وحدة للأطراف البديلة، تسنى بفضل الدعم المقدم من المنظمة دفع ثمن الكراسي المتحركة، ويمكن هذا الدعم من نقل المرضى إلى السليمانية لتركيب الأطراف البديلة لهم.

ويتوقع الأطباء المتابعون لحالة فاطمة، والذي يستشعرون الرضا عن تقدم حالتها، أنه سيُكتب لها التعافي التام وأن الحياة التي تحلم بها ستغدو حقيقة. وكلما زادت قدرتها على الحركة، زاد أملها في المستقبل.

تقول فاطمة: " سوف أواظب على المجيء إلى هنا على أمل أن تتحسن حالتي وأن أُشفى. وأنا أشعر بالتحسن، وأشعر أنه يمكنني معاودة السير مرةً أخرى. إنني في حالة من السعادة."

ويُذكر أن الدعم المقدم من المنظمة لخدمات التأهيل في العراق مُموَّل من تبرعات سخية من الحكومة الإيطالية.

وتدعم إيطاليا خدمات التأهيل لذوي الإعاقة الجسدية - بالإنكليزية