الملاحظات الافتتاحية التي أدلى بها المدير العام لمنظمة الصحة العالمية في الإحاطة الإعلامية يوم 27 حزيران/ يونيو 2025

27 حزيران/يونيو 2025

عمتم صباحاً ومساءً أينما كنتم،

تنشر المنظمة اليوم تقرير الفريق الاستشاري العلمي المعني بمنشأ المُمرِضات المستجدة، أو فريق المنظمة الاستشاري، عن أصول كوفيد-19.

ويشرّفنا أن تنضم إلينا اليوم رئيسة فريق المنظمة الاستشاري، الدكتورة ماريتجي فينتر، التي ستعرض علينا في غضون بضع دقائق النتائج التي توصل إليها الفريق.

ولكن لنتناول أولاً بعض المستجدات عن المشاكل الصحية الأخرى حول العالم.

ترحب المنظمة بوقف إطلاق النار المتفق عليه بين إسرائيل وجمهورية إيران الإسلامية، ويحدونا الأمل في أن يستمر بينهما.

فقد أبلغت إيران عن وفاة أكثر من 600 شخص وإصابة 5000 شخص آخرين بجروح، بينما أبلغت إسرائيل عن وفاة 28 شخصاً وإصابة أكثر من 3200 شخص آخرين بجروح.

كما وثقت المنظمة في الفترة الواقعة بين يومي الثالث عشر والخامس والعشرين من حزيران/ يونيو شن تسع هجمات على مرافق الرعاية الصحية في إسرائيل وخمس هجمات في إيران، ممّا أثر على الخدمات الصحية وأسفر عن تسجيل وفيات وإصابات في صفوف العاملين الصحيين والمرضى.

وستواصل المنظمة العمل مع إسرائيل وإيران، بما يشمل رصد المخاطر الإشعاعية والنووية.

وقد شاركت المنظمة خلال هذا الأسبوع في تدريب على الطوارئ النووية نظمته الوكالة الدولية للطاقة الذرية لاختبار قدرات البلدان في مجال التأهب للطوارئ والاستجابة لها وتحديد المجالات التي يلزمها تحسين.

وتشهد في الوقت نفسه غزة وضعاً يتعدى وصفه بأنه كارثي.

فلا يوجد سوى 17 مستشفى يعمل جزئياً من أصل 36 مستشفى في جميع أنحاء القطاع، كما لا يوجد أية مستشفيات عاملة في شمال غزة أو رفح.

وقُتل كذلك في الأسبوعين الماضيين 500 شخص أثناء سعيهم إلى الحصول على مساعدات غذائية في مواقع وطرق عسكرية لتوزيع الأغذية غير تابعة للأمم المتحدة، مما أدى إلى زيادة مفاجئة في الإصابات وإلحاق خسائر فادحة بالمستشفيات الموجودة في مدينة غزة التي تنضب فيها بسرعة إمدادات الوقود والمياه والإمدادات الطبية.

ويُلاحَق الجميع في الوقت نفسه بشبح الجوع الذي يتسبب في إضعافهم وإسقاطهم في براثن المرض وزيادة تعرضهم للخطر. وقد شهد هذا العام منذ مطلعه إدخال 112 طفلاً يومياً، في المتوسط، إلى المستشفى لعلاج سوء التغذية الحاد الذي يعانون منه.

ولكن المنظمة تمكنت في الأيام الأخيرة من استعادة إمدادات الوقود من مستودعاتنا لدعم المستشفيات.

كما تمكنت خلال الأشهر القليلة الماضية من تزويد المرافق الصحية والجهات المقدمة لخدمات الإسعاف والجهات الشريكة بأكثر من 1,7 مليون لتر من إمدادات الوقود.

وسلمت المنظمة كذلك خلال هذا الأسبوع وللمرة الأولى منذ يوم 2 آذار/ مارس إمدادات طبية أساسية محملة في تسع شاحنات، بما فيها وحدات الدم.

وستُوزع تلك الإمدادات على المستشفيات ذات الأولوية في الأيام المقبلة وهناك المزيد منها في الطريق، ولكنها ليست سوى غيض من فيض نظراً لوجود احتياجات صحية هائلة.

وقد قدمت المنظمة منذ بدء النزاع الدعم لإجلاء أكثر من 7300 مريض من قطاع غزة.

ولكن منذ أن فرضت إسرائيل حصارها يوم 18 آذار/ مارس، لم يسمح لنا إلا بإجلاء سوى 294 مريضاً، وهو عدد جد قليل مقارنة بما يزيد على 000 10 شخص ما زال يلزمهم إجلاء طبي.

وتعرب المنظمة عن شكرها لكل من إيطاليا والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة على استقبال المرضى الذين تم إجلاؤهم.

كما تدعو المنظمة إلى إتاحة إمدادات الغذاء والماء والوقود والمساعدات الطبية وغيرها من المعونات على أوسع نطاق وبجميع الطرق الممكنة.

===

والآن انتقل إلى أزمة السودان المنسية.

فالحرب الأهلية الدائرة في البلد تتسبب في قتل الناس لتعذر حصولهم على الخدمات الصحية والأدوية.

كما تتسبب أعمال القتال المستمر في تشريد عدد كبير من الناس يفوق عددهم أي أزمة أخرى شهدها العالم. فالمرافق الصحية إما عاطلة عن العمل أو لا تقدم سوى خدمات رعاية محدودة.

والأمراض آخذة في الانتشار بخطى سريعة. وتواصل الكوليرا انتشارها في جميع ولايات السودان باستثناء ولاية واحدة، وتثير زيادة حالات الإصابة بها القلق في ولاية الخرطوم.

وبفضل الدعم المقدم من المنظمة، تمكنت وزارة الصحة من استكمال حملة تطعيم ضد الكوليرا استمرت لمدة 10 أيام واستفاد منها أكثر من مليوني شخص في ولاية الخرطوم، ونحن نشهد فعلاً بوادر تدل على تحسن الوضع.

وتعمل المنظمة وشركاؤها على تعزيز جهود الاستجابة في ولايات أخرى وتقصي الخيارات الكفيلة بتعزيز الاستجابة في ولايتي دارفور وكردفان اللتين يتعذر الوصول إليهما، وذلك من خلال إيصال الإمدادات واللقاحات والأدوية المضادة للكوليرا التي تمس الحاجة إليها.

وخلال الأسبوع الماضي فقط، تعرض مستشفى المجلد الكائن في غرب كردفان لهجمات أسفرت عن قتل 40 مدنياً، منهم أطفال وعاملون صحيون.

وبدوري أحث العالم على ألا ينسى شعب السودان. فلابد من حماية العاملين في المجال الإنساني والمدنيين في كل الأوقات.

ويلزمنا تمويل عاجل، ويلزمنا كذلك الوصول إلى الأماكن للتأكد من حصول الناس على الرعاية الصحية التي تلزمهم. والأهم من ذلك كله أن شعب السودان بحاجة إلى السلام.

===

وكنت يوم الأربعاء من هذا الأسبوع في بروكسل لحضور مراسم تجديد موارد تحالف غافي للقاحات.

فاللقاحات هي من بين أقوى الابتكارات في التاريخ.

وكانت المنظمة قد أسست في عام 1974 البرنامج الموسع للتمنيع لتسخير قوة اللقاحات من أجل صلاح العالم.

وقد ساعد البرنامج منذ ذلك الحين في إنقاذ أرواح 154 مليون شخص تقريباً.

كما انخفضت منذ عام 2000 وفيات الأطفال دون سن الخامسة بما يزيد على النصف على صعيد العالم، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى قوة اللقاحات وعمل تحالف غافي.

لذا فقد شعرت بتفاؤل كبير لأن الجهات المانحة تعهدت بالتبرع بمبلغ أكثر من 9 مليارات دولار أمريكي دعماً لعمل تحالف غافي على مدى السنوات الخمس المقبلة.

وإضافة إلى ذلك، توظف البلدان المنفذة لعمل التحالف استثمارات بمبلغ قياسي قدره 4 مليارات دولار أمريكي في برامج التمنيع الوطنية على مدى السنوات الخمس المقبلة.

وهذه أخبار سارة للغاية في وقت عصيب تمر به الصحة العالمية إبان التخفيضات الحادة التي شهدتها المعونات ونشر معلومات مغلوطة ومضللة عن مأمونية اللقاحات.

ولا تتطلب حماية الأطفال من الأمراض التي تهدد حياتهم توفير اللقاحات فحسب - بل تستدعي الثقة في هذه اللقاحات.

ومن الضروري أن يفهم الآباء والمربون والعاملون الصحيون وقادة المجتمع المعلومات المتعلقة باللقاحات بوضوح. 

فعندما يعرف الناس الحقائق، يستطيعون اتخاذ قرارات أفضل وأكثر موثوقية.

وتشكل الادعاءات الكاذبة وتشويه البينات العلمية خطورة في هذا الصدد. 

وتنظر المنظمة إلى مأمونية اللقاحات على أنها مسألة أساسية في القرارات التي نتخذها.

كما تتطلع المنظمة إلى مواصلة شراكتها مع تحالف غافي للاستفادة من قصص النجاح التي حققناها وإيصال المزيد من اللقاحات إلى عدد أكبر من الأطفال بوقع أسرع من أي وقت مضى.

===

ونعود الآن إلى موضوعنا الرئيسي لهذا اليوم، ألا وهو تقرير فريق المنظمة الاستشاري عن أصول كوفيد-19.

فقد كانت جائحة كوفيد-19 أوخم طارئة صحية شهدها القرن.

وحصدت، بحسب التقديرات، أرواح 20 مليون شخص، وخسرت الاقتصاد العالمي ما لا يقل عن 10 تريليونات دولار أمريكي، وسببت اضطرابات اجتماعية وسياسية جسيمة.

ولا يمكننا أن نتحدث عن كوفيد-19 وكأنه قد أنتهى، لأن الفيروس ما زال موجوداً حتى وإن مرت الأزمة.

وهو مستمر في التطور وفي الفتك بالناس، وهناك الملايين الذي ما زالوا يعانون من مشاكل صحية لاحقة للإصابة بكوفيد أو الكوفيد الطويل الأجل.

وقد لقنت هذه الجائحة العالم الكثير من الدروس المؤلمة، كما قامت المنظمة وشركاؤنا وبلدان كثيرة على مدى السنوات الخمس الماضية بتنفيذ العديد من المبادرات استجابة لتلك الدروس.

فقمنا بإنشاء مركز المنظمة لتحليل المعلومات عن الأوبئة والجوائح في ألمانيا؛ وبرنامج نقل تكنولوجيا لقاحات الرنا المرسال في جنوب إفريقيا؛ والمركز العالمي للتدريب على التصنيع الحيوي في جمهورية كوريا؛ ومجمع المنظمة البيولوجي هنا في سويسرا؛ والشبكة المؤقتة للتدابير الطبية المضادة؛ وفريق الاستجابة للطوارئ الصحية العالمية؛ كما تعاوننا مع البنك الدولي في إنشاء صندوق مكافحة الجوائح؛ وإنجاز الكثير من الأعمال.

ومثلما تعلمون، فقد اعتمدت الدول الأعضاء في المنظمة أثناء انعقاد جمعية الصحة العالمية بالعام الماضي حزمة تعديلات على اللوائح الصحية الدولية؛

واعتمدت أيضاً في الشهر الماضي، وبعد ثلاث سنوات ونصف السنة من المفاوضات المكثفة، اتفاق المنظمة بشأن الجوائح - وهو صك تاريخي من صكوك القانون الدولي لكي ينعم العالم بمزيد من الأمن من الجوائح.

وقد تعلمنا الكثير عن جائحة كوفيد-19 على مدى السنوات الخمس الماضية، ولكن يظل هناك سؤال واحد حاسم الأهمية عنها لم نجب عليه بعدُ، ألا وهو: كيف بدأت الجائحة.

ومن الضروري فهم الكيفية الي تبدأ بها أي فاشية أو وباء أو جائحة لمنع اندلاع الفاشيات في المستقبل.

كما يمثل ذلك واجباً أخلاقياً تجاه من تحصد تلك الفاشيات أرواحهم.

وكانت جمعية الصحة العالمية قد كلفت المنظمة في أواخر عام 2020 بمهمة دراسة أصول كوفيد-19.

وقمت شخصياً في عام 2021 بإنشاء فريق المنظمة الاستشاري العلمي المعني بمنشأ المُمرِضات المستجدة، أو فريق المنظمة الاستشاري - وهو فريق دولي متعددة التخصصات يضم في عضويته 27 خبيراً مستقلاً.

وقد أُنشيء فريق المنظمة الاستشاري للنهوض بولايتين: أولاهما وضع إطار بشأن أنواع الدراسات التي ينبغي إجراؤها لفهم مصدر المُمرضات الناشئة أو المعاودة للنشوء المسببة للأوبئة أو التي قد تسببها.

وفرغ فريق المنظمة الاستشاري من إنجاز هذا الجزء الأول من عمله في العام الماضي.

أما ولايته الثانية فهي المضي قدماً في دراسة أصول كوفيد-19، وهو عمل يواصل الفريق إنجازه بالتوازي مع الجزء الأول من ولايته على مدى السنوات الأربع الماضية.

واليوم تنشر المنظمة تقرير فريقها الاستشاري، وأود أن أدعو رئيسة الفريق، الدكتورة ماريتجي فينتر، إلى عرض النتائج التي توصل إليها.

والدكتورة فينتر هي أستاذة متميزة ورئيسة البحوث المتعلقة باللقاحات وترصد التهديدات الفيروسية الناشئة في إطار اتباع نهج الصحة الواحدة بجامعة ويتواترسراند الكائنة في جوهانسبرغ ، جنوب إفريقيا.

ماريتجي، تفضلي الكلمة لك.

[الدكتورة فينتر تخاطب وسائل الإعلام]

أشكرك دكتورة فينتر جزيل الشكر على قيادتك لفريق المنظمة الاستشاري على مدى السنوات الأربع الماضية.

ونحن ندرك أن هذه المهمة صعبة للغاية لأنها تتناول مشكلة معقدة جداً ومثيرة للجدل في أغلب الأحيان.

كما أعرب عن شكري لكل واحد من أعضاء فريق المنظمة الاستشاري البالغ عددهم 27 عضواً على ما كرسوه من وقت وخبرة لتحقيق هذا الإنجاز العلمي البالغ الأهمية.

ونحن نعلم أن أعضاء الفريق لم يتفقوا على كل المسائل، وهو أمر متوقع.

فقد استقال أحد أعضاء الفريق في وقت سابق من هذا الأسبوع، وطلب ثلاثة أعضاء آخرين منه حذف أسمائهم من التقرير.

وأسهم فريق المنظمة الاستشاري في تحسين فهم أصول كوفيد-19، ولكن الكثير من المعلومات اللازمة لإجراء تقييم كامل لجميع الفرضيات المطروحة لم تُقدم.

وتدرك المنظمة أن الصين قد أطلعتنا على بعض هذه المعلومات، ولكن ليس كل المعلومات التي طلبناها.

ورغم طلباتنا المتكررة الموجهة إلى الصين، فإنها لم تقدم مئات المتواليات الجينية المستمدة من الأفراد الذين أُصيبوا بكوفيد-19 في مطلع اندلاع الجائحة، ومعلومات أكثر تفصيلاً عن الحيوانات المُباعة في أسواق مدينة ووهان، وكذلك معلومات عن الأعمال المُنجزة وظروف السلامة البيولوجية في المختبرات الموجودة في تلك المدينة.

كما أن المنظمة على علم بالتقارير الاستخباراتية التي أعدتها حكومات أخرى في جميع أنحاء العالم عن أصول كوفيد-19. وقد طلبنا أيضاً الاطلاع على تلك التقارير.

ولم تتمكن المنظمة ولا فريقها الاستشاري حتى الآن من الاطلاع على تلك التقارير أو البيانات التي تستند إليها.

ويجب في ظل الظروف الراهنة أن تظل جميع الفرضيات مطروحة على الطاولة، بما فيها انتقال العدوى من الحيوان إلى الإنسان وتسرب الفيروسات من المختبرات.

وبدورنا نواصل مناشدة الصين وأي بلد آخر لديه معلومات عن أصول كوفيد-19 أن يتبادل تلك المعلومات علناً بما يصب في مصلحة حماية العالم من الجوائح المقبلة.

وتظل المنظمة وفريقها الاستشاري على استعداد لتقييم أية معلومات أخرى مستجدة، كما نظل ملتزمين بمواصلة إنجاز هذا العمل العلمي الحيوي وإتمامه.

طارق، أُعيد إليك الكلمة.