الكلمة الافتتاحية التي أدلى بها المدير العام لمنظمة الصحة العالمية في الإحاطة الإعلامية - 23 تموز/يوليو

23 تموز/يوليو 2025

صباح الخير ومساء الخير أينما كنتم،

يواجه 2.1 مليون شخص محاصرون في منطقة الحرب في غزة قاتلاً آخر ينضاف إلى القنابل والرصاص، ألا وهو المجاعة.

ونشهد الآن ارتفاعاً رهيباً في الوفيات المرتبطة بسوء التغذية.

ومنذ 17 تموز/يوليو، أصبحت مراكز علاج سوء التغذية الحاد ممتلئة عن آخرها، ودون إمدادات كافية لتوفير التغذية الطارئة.

وفي عام 2025، سجلت منظمة الصحة العالمية 21 حالة وفاة مرتبطة بسوء التغذية عند الأطفال دون سن الخامسة.

وتتجاوز معدلات سوء التغذية الحاد في العالم نسبة 10%، وتعاني من سوء التغذية أكثر من 20% من النساء الحوامل والمرضعات اللواتي خضعن للفحص، ويعانين في معظم الأحيان من سوء التغذية الحاد.

وتتسارع أزمة الجوع بسبب انهيار خطوط الإمداد بالمساعدات والقيود المفروضة على الوصول.

وتواجه 95% من الأسر في غزة نقصاً حاداً في المياه، حيث يقل الاستهلاك اليومي بكثير عن الحد الأدنى اللازم للشرب والطهي والنظافة الصحية.

وقد تعذَّر على الأمم المتحدة وشركائها في المجال الإنساني إيصال أي مواد غذائية إلى قطاع غزة منذ نحو 80 يوماً متتالياً - من أوائل آذار/مارس حتى منتصف أيار/مايو 2025 - بسبب الحصار المطبق على وصول الإمدادات الإنسانية والتجارية.

وقد استؤنفت منذئذ عمليات إيصال المواد الغذائية بوتيرة متقطعة، لكنها لا تزال أقل بكثير مما يلزم لبقاء السكان على قيد الحياة.

ويخبرنا الآباء أن أبناءهم يبكون من شدة الجوع حتى النوم.

وقد أصبحت مواقع توزيع المواد الغذائية أماكن للعنف.

ففي الفترة من 27 أيار/مايو إلى 21 تموز/يوليو، قُتل 1026 شخصاً في غزة أثناء محاولتهم الحصول على الطعام من تلك المواقع، وفق ما أفادت به السلطات الصحية.

ونحو 90٪ من أراضي غزة تخضع الآن لأوامر إخلاء أو تقع داخل مناطق عسكرية إسرائيلية.

والمستشفيات، التي من يفترض أن تكون ملاذاً آمناً، تتعرض لهجمات متكررة، ولم يعد الكثير منها عاملاً.

وحتى تلك التي لا تزال عاملة تشتغل بقدرة محدودة للغاية بسبب الهجمات المتكررة ونقص الوقود والإمدادات الطبية وصعوبة الوصول إليها.

وفي يوم الاثنين، تعرض موظفو منظمة الصحة العالمية لإطلاق نار في مدينة دير البلح.

واستهدفت هجمات مقار إقامة موظفي منظمة الصحة العالمية، مما عرّض الموظفين وأسرهم، بمن فيهم الأطفال، للخطر.

واقتحم الجيش الإسرائيلي تلك المقار وأجبر النساء والأطفال على إخلاء المكان سيراً على الأقدام في خضم النزاع الدائر.

 وقُيِّد الموظفون الذكور وأفراد أسرهم بالأصفاد وجردوا من ملابسهم واستجوبوا.

ولا يزال أحد الزملاء قيد الاحتجاز. وندعو إلى الإفراج عنه فوراً.

وقد تم إجلاء 32 شخصاً، بينهم نساء وأطفال، إلى مكتب لمنظمة الصحة العالمية على حدود منطقة النزاع.

وتعرض مستودعنا الرئيسي الذي يحتوي على أدوية ومستلزمات حيوية لأضرار بالغة.

وباعتبار منظمة الصحة العالمية الوكالة الصحية الرئيسية للأمم المتحدة، فقد بات وجودها في غزة يواجه مزيدا من التهديدات، مما يعرقل الجهود الرامية إلى الإبقاء على النظام الصحي المنهار ويجعل البقاء على قيد الحياة أبعد عن متناول أكثر من مليوني شخص.

وعلى الرغم من ذلك، ستبقى منظمة الصحة العالمية ووكالات الأمم المتحدة الأخرى في غزة. فالتزامنا راسخ.

ويجب حماية وكالات الأمم المتحدة أثناء عملها في مناطق النزاع.

وتدعو منظمة الصحة العالمية إلى توفير حماية فعالة لموظفي الأمم المتحدة ومرافقها والمدنيين والرعاية الصحية، من أجل تدفق المساعدات دون عوائق. ومرة أخرى، ندعو إلى الإفراج غير المشروط عن الرهائن.

===

الوضع في سورية مقلق للغاية أيضاً.

ولا يزال الوصول إلى السويداء مقيداً بشدة، مما زاد من صعوبة إيصال المساعدات المنقذة للأرواح.

المستشفى الرئيسي مكتظ ويواجه نقصاً حاداً في الموظفين والكهرباء والإمدادات.

ونحن نتابع الأحداث عن كثب ونعمل على التحقق من التقارير الواردة بشأن هجمات على مرافق الرعاية الصحية، بما في ذلك هجمات على العاملين الصحيين والمرضى وسيارات الإسعاف والمرافق الصحية.

يجب ألا تُستهدف مرافق الرعاية الصحية تحت أي ظرف من الظروف.

وينبغي حماية الصحة دائماً؛ ومن الضروري إيصال المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومستمر إلى غزة وسورية وجميع مناطق الأزمات الإنسانية.

===

أود الآن أن أتناول بإيجاز الادعاءات الأخيرة بشأن منظمة الصحة العالمية وتعديلات اللوائح الصحية الدولية والاتفاق بشأن الجوائح.

دعوني أكون واضحاً تماماً.

أولاً، اللوائح الصحية الدولية وتعديلاتها والاتفاق بشأن الجوائح - كلها كانت اقتراحات من دولنا الأعضاء وهي من تفاوضت عليها واعتمدتها. وهذا هو أسلوب عمل منظمة الصحة العالمية. هي ملك للبدان، لجميع الدول الأعضاء الـ194.

ثانياً، ليس لمنظمة الصحة أي سلطة حتى تملي على الدول ما تفعله. ولا يمكننا فرض حظر السفر أو الإغلاق أو إلزامية التطعيم أو أي نوع آخر من التدابير. ولا نسعى إلى ذلك.

وهذا مبيّن بوضوح في وثيقتنا التأسيسية، دستور منظمة الصحة العالمية.

مهمتنا إنما هي تقديم توصيات ومبادئ توجيهية مسندة بالأدلة، ودعم البلدان في حماية وتحسين صحة سكانها.

بيد أن كيفية تنفيذ البلدان لتلك المشورة أو ما إذا كانت ستنفذها أم لا، كان دائماً وسيظل دائماً متروكاً لها، بناءً على مبادئها التوجيهية وقواعدها الوطنية.

وهذا يسري على كل ما نقوم به، سواء كانت مبادئ توجيهية لوقف التدخين، أو تحسين التغذية، أو الوقاية من الأمراض ومكافحتها -كل ما نقوم به.

ويسري هذا المبدأ أيضًا على اللوائح الصحية الدولية، بل إن الاتفاق الجديد بشأن الجوائح يتضمن قسمًا محددًا ينص على ذلك بوضوح – وهو المادة 22.

 ثالثًا، لدينا إطار عمل واضح وشامل للغاية لدرء أي تدخل غير مبرر من شركات الأدوية وغيرها من كيانات القطاع الخاص.

 وبطبيعة الحال، فإننا نعمل معها، كما ينبغي، ولكن لدينا ضمانات واضحة للغاية وضعت بالتعاون مع دولنا الأعضاء.

والآن، سأعرض عليكم في عجالة تحديثاً عن الاتفاق بشأن الجوائح، ولا سيما الفريق العامل الحكومي الدولي.

هذا الفريق العامل، المؤلف من دولنا الأعضاء، أنشأته جمعية الصحة العالمية، وكُلف بالتفاوض بشأن ملحق إتاحة الممرضات وتقاسم المنافع، من بين أمور أخرى، لمساعدة العالم على الاستجابة بقدر أكبر من الفعالية للتهديدات الصحية في المستقبل.

وسيجتمع الفريق العامل على مدار العام بهدف تقديم الملحق النهائي إلى جمعية الصحة العالمية المقبلة في أيار/مايو 2026.

ويستند الاتفاق بشأن الجوائح، الذي تفاوضت عليها دولنا الأعضاء على مدى ثلاث سنوات، إلى الدروس المستفادة من جائحة كوفيد-19 لتحسين التعاون والتنسيق من أجل عالم أكثر أمانًا للجميع.

===

أنتقل الآن من التهديدات التي قد تواجهنا في المستقبل إلى التهديدات الحالية.

يُظهر أحدث تقرير سنوي لمنظمة الصحة العالمية واليونيسف عن تقديرات التغطية الوطنية بالتمنيع في العالم تقدماً وتحديات ملحة في الوقت ذاته.

ورغم النمو المتواضع في التغطية باللقاحات على الصعيد العالمي، يقدَّر أن نحو 14.3 مليون طفل لم يتلقوا قط جرعة واحدة من أي لقاح، في حين لم يتلق ملايين آخرون سوى تغطية جزئية.

وليس من المستغرب أن الأطفال الذين يعيشون في أكثر من عشرين بلداً متأثراً بالنزاعات أو الطوارئ الإنسانية معرضون بوجه خاص وبشدة لخطر الحرمان من التطعيمات المنقذة للأرواح.

ففيما يتعلق بالحصبة، وهي من أكثر مسببات الأمراض المعدية في العالم، ورغم ارتفاع التغطية العالمية قليلاً مقارنة بالعام الماضي، فإن أكثر من 30 مليون طفل لم يتلقوا الجرعات الكاملة التي يحتاجونها من اللقاح المضاد للحصبة.

وفي عام 2024، شهدت 60 دولة فاشيات كبيرة للحصبة - أي ما يناهز ضعف العدد المسجل في عام 2022.

 وفي حين أن نقص الوصول إلى اللقاحات يمثل أحد المشاكل الرئيسية، فإن التردد في تلقي اللقاحات يشكل أيضا مصدر قلق واسع النطاق لدى البعض.

ولدى منظمة الصحة العالمية ومنظمات الصحة العامة الأخرى معلومات مفصلة متاحة على موقعنا الإلكتروني لمساعدة الأسر على فهم اللقاحات، التي أنقذت ملايين الأرواح منذ تطوير لقاح الجدري قبل أكثر من 200 عام.

===

في هذا الصدد، يسعدني أن أشارككم بعض الأخبار عن ابتكار رائد آخر.

 في الأسبوع الماضي، أطلقت منظمة الصحة العالمية دليلاً جديداً بشأن استخدام دواءLenacapavir - وهو دواء وقائي مبتكر - يمكن أن يساعد في قلب مسار انتشار فيروس العوز المناعي البشري.

وتستمر الحماية من فيروس العوز المناعي البشري بواسطة Lenacapavir الذي يعطى عن طريق الحقن لمدة ستة أشهر ويقي هذا الدواء من أكثر من 96% من الإصابات الجديدة.

وتعمل منظمة الصحة العالمية وشركاؤها مع تسعة بلدان اعتمدت هذا الدواء في مرحلة مبكرة حتى يتمكن نحو مليوني شخص من الحصول على دواء Lenacapavir بسعر أقل متفاوض عليه.

وتعمل ست شركات مصنعة للأدوية الجنيسة على تطوير دواء Lenacapavir، وبحلول عام 2027، ستصبح النسخ الجنيسة متاحة على نطاق أوسع.

  وتعمل منظمة الصحة العالمية مع البلدان التي اعتمدت هذا العلاج في مرحلة مبكرة والشركاء العالميين لجعل استخدام دواء Lenacapavir حقيقة واقعة، بسبل منها نشر مبادئ توجيهية بشأنه وإخضاعه لعملية التأهيل المسبق.

===

هناك المزيد من الأخبار السارة بشأن الجهود العالمية للقضاء على الأمراض.

تعتز منظمة الصحة العالمية بالإشهاد على خلو سورينام من الملاريا.

وبذلك يصل عدد البلدان والأقاليم التي حصلت على هذا الإشهاد إلى 47 بلدًا، وهناك بلدان أخرى ستلحق.

وقد صدّقنا مؤخراً على القضاء على التراخوما باعتبارها مشكلة صحية عامة في كل من بوروندي والسنغال، ليصل إجمالي عدد البلدان التي قضت على مرض استوائي مهمل واحد على الأقل إلى 57 بلداً.

===

أخيراً، يوم الجمعة الموافق 25 تموز/يوليو هو اليوم العالمي للوقاية من الغرق.

وفي كل عام، يفقد مئات الآلاف من الأشخاص حياتهم بسبب الغرق. ومعظم هذه الوفيات يمكن الوقاية منها، وغالباً ما تقع في أوساط الأطفال والشباب في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.

وتعمل منظمة الصحة العالمية في جميع أنحاء العالم لدعم البلدان والمجتمعات المحلية والآباء والأمهات لاتخاذ تدابير منخفضة التكلفة ومسندة بالأدلة لإنقاذ الأرواح وحماية الأجيال القادمة.

شكراً لكم.