كلمة المدير العام لمنظمة الصحة العالمية في الاجتماع الرابع والثلاثين الرفيع المستوى: التعددية على مفترق طرق: التحديات والمسارات المؤدية إلى السلام - 24 أيلول/سبتمبر 2025

24 أيلول/سبتمبر 2025

الرئيسة المشاركة للمركز السيدة فايرا فايك فرايبيرغا، رئيسة لاتفيا سابقاً، 

أصحاب الفخامة الرؤساء ورؤساء الوزراء، 

صديقي الأمين العام روفشان مرادوف، 

أصحاب السعادة، 

الضيوف الكرام، الزملاء والأصدقاء الأعزاء، 

أشكر مركز نظامي غنجوي الدولي على جمعنا مرة أخرى. 

في افتتاح المناقشة العامة يوم أمس، طلبت منا رئيسة الدورة الثمانين للجمعية العامة، السيدة أنالينا بيربوك، أن نتخيل كيف سيكون العالم من دون الأمم المتحدة. 

لا منظمة الصحة العالمية ولا الأمم المتحدة التي ننتمي إليها مثالية. 

لكن لا يوجد بديل. وبدون هذه المؤسسات، سيكون العالم مكانا أكثر خطورة وغير متكافئ ومجزأ. 

لنتخيل حجم الخسائر لو لم تكن هناك منظمة الصحة العالمية: 

في عالم لا تحترم فيه الفيروسات الحدود، من سيراقب تفشي الأمراض وينسق الاستجابة العالمية؟ 

وخلال جائحة كوفيد-19، كان يمكن أن نشهد وضعاً أسوأ بكثير من عدم المساواة في توزيع اللقاحات لولا شراكة مرفق كوفاكس التي كانت المنظمة جزءاً منها. 

وكان من الممكن أن نفقد ملايين الأرواح ليس فقط بسبب الفيروس، ولكن بسبب الفوضى وعدم المساواة. 

وإضافة إلى ذلك، كان الجدري سيظل مرافقاً لنا. 

وكان شلل الأطفال ليشل مئات الآلاف من الأطفال كل عام. 

وكنا سنفقد ملايين الأطفال بسبب أمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات. 

وبعيداً عن حالات الطوارئ، من كان سيتحدث باسم المليارات الذين يعيشون دون منفذ إلى الخدمات الصحية الأساسية؟ 

من كان سيرصد تلوث الهواء، أو يثبت أن العمل المناخي هو أيضا ضرورة صحية؟ 

وبطبيعة الحال، لا تقوم منظمة الصحة العالمية بأي من هذا العمل بمفردها. ففي كل مجال، نعمل مع مجموعة واسعة من الشركاء. 

ولكن من الصعب تخيل عالم لا تضطلع فيه منظمة الصحة العالمية بدورها الرائد والتنسيقي في الهيكل الصحي العالمي. 

ولا يتحقق أي من هذا العمل عن طريق الصدفة. بل يتحقق لأن العالم، من خلال منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة، اختار التعاون على العزلة. 

نعم، نواجه انتقادات، بعضها عادل والبعض الآخر ليس كذلك. البيروقراطية ونقص الكفاءة والافتقار إلى المرونة - هذه تحديات حقيقية. 

ولكن الحل ليس في تقويض أو إضعاف التعددية؛ بل في تقويتها. 

يجب أن نعزز المؤسسات التي تحافظ على تماسك النظام العالمي، لا أن نتخلى عنها في الوقت الذي نكون في أمسّ الحاجة إليها. 

وبالنسبة لمنظمة الصحة العالمية، فالإصلاح عملية مستمرة. عندما أصبحت مديرا عاما قبل أكثر من ثماني سنوات، قمنا بتصميم وتنفيذ أهم مجموعة من الإصلاحات في تاريخ المنظمة. 

وشملت إصلاحات في عملية تمويل المنظمة، مما ساعد على التخفيف من أثر اقتطاعات التمويل التي واجهناها هذا العام. 

التعددية ليست ترفاً - إنها ضرورة. 

لقد تشكلت منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة في أعقاب الحرب العالمية الثانية، اعترافاً بأن البديل الوحيد للصراع العالمي هو التعاون العالمي. 

وأصبح دستور منظمة الصحة العالمية أول صك للقانون الدولي يؤكد أن الصحة حقٌ أساسي من حقوق الإنسان. 

لكنها ذهبت إلى أبعد من ذلك، مؤكدةً أن الصحة أساسية لتحقيق السلام والأمن. 

ولا تزال هذه القناعة ذات صلة اليوم كما كانت قبل 77 عاما. 

ففي هذه الحقبة المنقسمة والمثيرة للانقسام، تعدّ الصحة أحد المجالات القليلة التي يمكن للبلدان التي تتنافس سياسياً واقتصادياً أن تعمل فيها معاً لبناء نهج مشترك إزاء التهديدات المشتركة. 

ومن أوضح الأدلة على ذلك الاتفاق بشأن الجوائح، الذي اعتمدته الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية في جمعية الصحة العالمية في أيار/مايو العام الجاري. 

فبعد ثلاثة أعوام ونصف من المفاوضات، أظهرت دول العالم أنه لا يزال من الممكن للبلدان أن تعمل معا، وأن تجد أرضية مشتركة لهدف مشترك. 

لقد كان اعتماد الاتفاق تاريخياً حقاً، حيث أظهر أن التعددية بكامل صحتها وعافيتها.   

ومنظمة الصحة العالمية، شأنها شأن الأمم المتحدة، هي منبر لكل بلد فيه صوت - كبيرا كان أم صغيرا، وغنيا كان أم فقيرا. إنه المكان الذي لا نجعل فيه الصحة امتيازاً ، بل حقاً. 

لذلك، دعونا لا ننسى ما حققناه معاً. دعونا لا نسمح للإحباط أن يعمينا عن التقدم. ودعونا نجدد الالتزام بفكرة أنه من خلال الوقوف معا، يمكننا التغلب على التحديات التي لا يمكن لأي دولة أن تواجهها بمفردها. 

شكراً لكم.