كلمة المدير العام لمنظمة الصحة العالمية في حفل العشاء المُقام في المنتدى الرفيع المستوى المعني بالتغطية الصحية الشاملة يوم 5 كانون الأول/ ديسمبر 2025

5 كانون الأول/ديسمبر 2025

معالي وزير المالية الموقر ساتسوكي كاتاياما،

معالي وزير الصحة والعمل والرعاية الاجتماعية الموقر كينيتشيرو أوينو،

السيد رئيس مجموعة البنك الدولي أجاي بانغا،

أصحاب السعادة والمعالي، الزملاء والأصدقاء الأعزاء،

عمتم مساءً (نطقها باليابانية)، يسعدني أن أعود إلى اليابان لحضور المنتدى المعني بالتغطية الصحية الشاملة وافتتاح مركز المعارف المتعلقة بالتغطية الصحية الشاملة يوم غد.

لقد طُلب إلي مناقشة التحديات التي نواجهها في مجال الصحة العالمية، وهي تحديات كثيرة، ولكني أود أن أبدأ باستعراض إنجازاتنا.

فغالباً ما ننشغل بالتحديات إلى درجة ننسى فيها مدى التقدم الذي أحرزناه.

فقد شهدنا على مدى الخمسة وعشرين عاماً الماضية إنجازات مذهلة في مجال الصحة العالمية.

وجرى بفضل التطعيم تجنب أكثر من 90 مليون وفاة؛

وانخفضت وفيات الأمهات بنسبة 40٪، كما انخفضت وفيات الأطفال دون سن الخامسة بأكثر من النصف وحالات الإملاص بأكثر من الثلث؛

وانخفضت كذلك الوفيات الناجمة عن فيروس العوز المناعي البشري بمقدار الثلثين وتلك الناجمة عن الملاريا بمقدار الثلث، والوفيات الناجمة عن السل بمقدار النصف، وتعاطي التبغ بنسبة 40٪.

ويعود الفضل في تحقيق هذه النتائج المذهلة إلى الجهود الجماعية التي بذلتها البلدان والمجتمعات بدعم من طائفة من الشركاء والمانحين والمجتمع المدني والباحثين والقطاع الخاص.

ولكننا نعلم جميعاً أن هذه المكاسب – وفرص إحراز المزيد من التقدم – معرضة للخطر.

فنحن نواجه تحديات متمثلة في الصراعات وانعدام الأمن، وفاشيات الأمراض، وانعدام المساواة، والعبء المتزايد للأمراض غير السارية والاضطرابات النفسية، والزيادة المستمرة في مقاومة مضادات الميكروبات، والتهديد الهائل لتغير المناخ، والخطر الدائم للجوائح.

ورغم ما شهدناه من تقدم كبير منذ عام 2000 في ميدان تحقيق التغطية الصحية الشاملة، فإن التقدم المُحرز فيما يتعلق بمجالي التغطية بالخدمات والحماية المالية كليهما متعثر الآن على ما يبدو.

كما سببت التخفيضات الحادة في المساعدات الدولية هذا العام تعطّلات شديدة في الخدمات الصحية شهدتها بلدان كثيرة.

ولكنني واثق من أن هناك فرصة سانحة في ثنايا هذه الأزمة – فرصة سانحة للتخلي عن حقبة الاعتماد على المعونة واستهلال حقبة جديدة لتحقيق السيادة في مجال الصحة بالاستفادة من الموارد المحلية.

وبالمثل، ورغم أن المنظمة ومؤسسات الصحة العالمية تواجه عموماً تخفيضاً كبيراً في التمويل، فإنها هذه الأزمة تمثل أيضاً فرصة سانحة أخرى أمامنا لإعادة ضبط الوضع لكي يتسنى لنا تزويد البلدان بالدعم اللازم للانتقال إلى مرحلة تمويل نظمها الصحية محلياً.

كما يجب أن ندرك أن التحديات التي نواجهها الآن تختلف عن تلك التي واجهناها عند إنشاء البنية الهيكلية للصحة في العالم خلال السنوات الأولى من هذا القرن.

وبطبيعة الحال، ستظل الكثير من البلدان بحاجة إلى دعم ثنائي ومتعدد الأطراف. ولكن علينا أن نوضح أن الأموال الخارجية تكمل الموارد الداخلية ولا تستعيض عنها.

وتواصل المنظمة تزويد البلدان بالدعم اللازم لصون الخدمات الصحية الأساسية والانتقال في الوقت نفسه إلى مرحلة تعزيز النظم الصحية وتمويلها من مصادر محلية وحكومية.

كما ستقوم المنظمة في الأجل القصير بدعم البلدان في وضع حزم من المزايا الصحية الأساسية والميسورة التكلفة؛

وفرض ضرائب صحية على منتجات التبغ والكحول والمشروبات المُحلّاة بالسكر، أو زيادة الضرائب المفروضة عليها؛

وتعزيز التصنيع المحلي والمشتريات المجمعة والمبادرات الأخرى.

كما ستتمكن البلدان في الأجل الطويل من تعزيز آليات تقاسم المخاطر لتحسين الحماية المالية، بوسائل منها خطط التأمين الصحي الممولة من القطاع العام.

وقد أصدرت المنظمة في وقت سابق من هذا الشهر إرشادات جديدة بشأن كيفية تمكين البلدان من اتخاذ تدابير فورية وتنفيذ تحولات طويلة الأجل لإدارة التخفيضات الحادة في التمويل الخارجي والانتقال إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي.

والأهم من ذلك، يجب أن تُطور البنية الهيكلية للصحة في العالم لكي تتماشى مع النظم المحلية المُلبية لاحتياجات البلدان.

والأهم من ذلك كله أكثر من أي وقت مضى أن نعمل معاً بشكل وثيق في إطار استفادتنا من مزايانا النسبية دون تكرار الجهود أو المهام.

وسيعمل أيضاً افتتاح مركز المعارف المتعلقة بالتغطية الصحية الشاملة هنا في طوكيو على تقديم الدعم في مجال بناء القدرات وقطع الالتزامات السياسية وتحسين جمع البيانات اللازمة لاتخاذ القرارات. وسيبني كذلك جسوراً بين وزارتي الصحة والمالية لكي تتفقان في آرائهما وتعملان معاً على تعزيز الاستثمار المحلي في مجال الصحة.

ولا يوجد مكان لإقامة مركز المعارف المتعلقة بالتغطية الصحية الشاملة أفضل من اليابان، فهي من أفضل المدافعين عن التغطية الصحية الشاملة وأبرز مثال عالمي على كيفية تحقيق هذه التغطية بفضل الإرادة السياسية المستدامة والاستثمار المحلي.

ويواصل كيزو تاكيمي منذ فترة طويلة إنجاز أعمال تندرج في صميم هذا المجهود بدعم من وزارة الصحة والعمل والرعاية الاجتماعية ووزارة المالية لمساعدة البلدان على زيادة حيزها المالي في مجال الصحة.

وأعرب عن شكري مرة أخرى لليابان على قيادتها وشراكتها في وقت نعمل فيه معاً على مواجهة التحديات الماثلة أمامنا والوفاء بالوعد المقطوع بشأن تحقيق التغطية الصحية الشاملة في جميع البلدان.

كما سرّتني الالتزامات التي قطعها رئيس الوزراء الياباني ورئيس الوزراء السابق شينزو آبي في وقت سابق اليوم.

شكراً لكم (نطقها باليابانية)، أشكركم.