بدأت البلدان بإعطاء الأولوية للصحة في جهودها الرامية إلى حماية الناس من آثار تغير المناخ، ولكن لم يتمكن إلا ربع البلدان المشمولة بالمسح الذي أجرته مؤخراً منظمة الصحة العالمية (المنظمة) من تنفيذ خططها أو استراتيجياتها الوطنية بشأن الصحة وتغير المناخ تنفيذاً كاملاً. وتفيد البلدان بأن نقص التمويل وتأثير جائحة كوفيد-19 وقصور قدرات الموارد البشرية تشكّل عقبات رئيسية أمام إحراز التقدم في هذا المضمار.
بيد أن التقرير عن المسح العالمي للمنظمة بشأن الصحة وتغير المناخ لعام 2021 خلص إلى أن أكثر من ثلاثة أرباع البلدان المشمولة بالمسح قد وضعت خططاً أو استراتيجيات وطنية بشأن الصحة وتغير المناخ، أو تعكف حالياً على وضع تلك الخطط أو الاستراتيجيات.
وتوجد الآن لدى نحو 85% من البلدان جهات اتصال معينة مسؤولة عن الصحة وتغير المناخ في وزارات الصحة، في حين أنشأت وزارات الصحة في 54% من البلدان آلية لأصحاب المصلحة (فرق عمل أو لجان مثلاً) معنية بالصحة وتغير المناخ.
وأجرت، أو تجري حالياً، نحو ثلثي البلدان المشمولة بالمسح تقييماً لتغير المناخ ومدى تضرر الصحة به والتكيف معه، بينما تدرج جميع البلدان تقريباً (94%) الاعتبارات الصحية في مساهماتها المُحدّدة وطنياً في اتفاق باريس.
وتحدثت الدكتورة ماريا نيرا مديرة إدارة البيئة وتغير المناخ والصحة في المنظمة قائلة: "إن مسح المنظمة الجديد يبرز عدد البلدان التي بقيت من دون دعم وغير مستعدة للتعامل مع الآثار الصحية لتغير المناخ. ونحن هنا في الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف من أجل حث العالم على تزويد البلدان المحتاجة بدعم أفضل، وضمان قيامنا معاً بعمل أفضل لحماية الناس من أكبر تهديد محيق بصحة الإنسان نواجهه اليوم."
ويلحق الضرر الأشد لعجز البلدان عن حماية الصحة من تغير المناخ بفئاتها الأكثر حرماناً، بما فيها الأقليات الإثنية والمجتمعات الفقيرة والمهاجرون والمشردون وكبار السن والعديد من النساء والأطفال.
وأضافت الدكتورة نيرا قائلةً: "إن الحجج الصحية لزيادة العمل المناخي واضحة جداً، ويمكن مثلاً تجنب نسبة 80٪ تقريباً من الوفيات الناجمة عن تلوث الهواء إذا ما خفّضت مستويات تلوث الهواء الحالية إلى المستويات المُحدّدة في دلائل المنظمة بشأن نوعية الهواء".
ويرى مسح المنظمة أن نقص التمويل ما زال العقبة الكبرى التي تعترض تنفيذ الخطط الوطنية بشأن الصحة وتغير المناخ تنفيذاً كاملاً، وهو ما أشارت إليه 70% من البلدان (بعد أن كانت نسبتها 56% في عام 2019). وتمثل القيود المفروضة على الموارد البشرية ثاني أكبر عقبة أمام التنفيذ، في حين أشار نحو ثلث البلدان إلى انعدام التعاون بين القطاعات كعائق رئيسي.
ويفيد نحو نصف البلدان بأن طارئة كوفيد-19 قد أبطأت عجلة التقدم المُحرز في التصدي لتغير المناخ بسبب تحويل الكوادر الصحية والموارد لأغراض التصدي للجائحة، ولا تزال تهدّد قدرات السلطات الصحية الوطنية على وضع الخطط بشأن الضغوط والصدمات الصحية المتصلة بالمناخ والتأهب لمواجهتها.
ويشير التقرير أيضاً إلى احتمال ضياع فرصة تحديد وتعظيم الفوائد الصحية الناتجة عن جهود التكيف مع تغير المناخ وتخفيف آثاره في قطاعات أخرى، والتي كان يمكن أن تسهم في تحقيق تعافٍ نظيف وصحي من جائحة كوفيد-19، حيث لم تُدرج المحدّدات الهيكلية والاجتماعية للصحة، مثل التعليم والمساواة ونوع الجنس وتخطيط المناطق الحضرية والإسكان والطاقة وشبكات النقل، إلا في أقل من نصف الآليات المنشأة المتعددة القطاعات.
وقد صدر أول تقرير في هذه السلسلة عام 2019، ويبين هذا التقرير الثاني لمحة سريعة قيّمة عن التقدم الإجمالي الذي أحرزته الحكومات في التصدي للمخاطر الصحية لتغير المناخ.
أمّا السيدة تارا نيفيل، المسؤولة التقنية في إدارة البيئة وتغير المناخ والصحة في المنظمة، والمؤلفة الرئيسية للتقرير عن المسح، فتحدثت قائلة: "يكمن التحدي الآن في إزالة العقبات التي تحول دون تمكّن البلدان من وضع الخطط في صيغتها النهائية وتنفيذها.
ملاحظة للمحررين:
يقدم التقرير المتعلق بالمسح العالمي لمنظمة الصحة العالمية (المنظمة) بشأن الصحة وتغير المناخ لعام 2021 لمحة سريعة قيّمة عن التقدم الإجمالي الذي أحرزته الحكومات في التصدي للمخاطر الصحية لتغير المناخ. والهدف من النتائج المتعلقة بالمؤشرات الرئيسية للصحة وتغير المناخ هو تمكين راسمي السياسات من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن تنفيذ السياسات والخطط؛ وتحديد الثغرات التي تتخلل الأدلة؛ وتكوين فهم أفضل للعقبات التي تحول دون تحقيق أولويات التكيف والقدرة على الصمود في قطاع الصحة وتعظيم الفوائد الصحية الناتجة عن الجهود المبذولة للتخفيف من آثار تغير المناخ على نطاق القطاع ككل في الوقت نفسه.
وتجري الاستجابة الصحية لتغير المناخ في سياق استمرار جائحة كوفيد-19، واستمرار التدهور البيئي وضياع التنوع البيولوجي، واستشراء أوجه التفاوت الاجتماعي والاقتصادي، ونقص الاستثمارات المزمن في النظم الصحية. وحيث تتوفر البيانات، يهدف التقرير إلى التوصل إلى استنتاجات عن هذه التحديات المترابطة فيما بينها.
روابط ذات صلة
التقرير الكامل: مسح المنظمة بشأن الصحة وتغير المناخ
البرنامج الصحي للدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف
الفعاليات الصحية المُقامة في الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف
لمزيد من المعلومات، يرجى الاتصال على العناوين التالية:
في غلاسكو، في الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف
آرثر وينز، منظمة الصحة العالمية، واتساب: +4915163113879، wynsa@who.int
في جنيف:
سيريدوين جونسون، المنظمة، جنيف، منظمة الصحة العالمية، رقم الهاتف المحمول:
+41 795 789 678، johnsonce@who.int
النتائج الرئيسية
1- أجرى، أو يجري حالياً، نحو ثلثي البلدان (67%) المشمولة بالمسح تقييماً لتغير المناخ ومدى تضرر الصحة به والتكيف معه. ويُسترشد بنتائج التقييم في وضع السياسات والبرامج الصحية، ولكن تأثيرها ما زال محدوداً في تخصيص الموارد البشرية والمالية.
2- وضع، أو يضع حالياً، أكثر من ثلاثة أرباع البلدان (77%) المشمولة بالمسح خططاً أو استراتيجيات وطنية بشأن الصحة وتغير المناخ، ولكن قصور التمويل والقيود المفروضة على الموارد البشرية ومحدودية البحوث والأدلة والتكنولوجيات والأدوات تعيق التنفيذ.
3- يفيد حوالي نصف البلدان المشمولة بالمسح (52%) بأن جائحة كوفيد-19 أثرت بشكل كبير على عملها في مجال حماية الصحة من تغير المناخ وأدّت إلى تحويل الكوادر الصحية والموارد وإبطاء عجلة تنفيذ تدابير الحماية. ولم يستفد سوى ثلث البلدان المجيبة على المسح (33%) من هذه الفرصة المتاحة لإدراج الاعتبارات المتعلقة بتغير المناخ والصحة في خططها بشأن التعافي من جائحة كوفيد-19.
4- هناك تقدم مُحرز في تطوير جوانب التعاون بين القطاعات بشأن السياسات والبرامج المتصلة بالصحة وتغير المناخ. وتشتمل معظم أوجه التعاون هذه (>75% من الآليات المبلغ عنها في البلدان) على تمثيل أصحاب المصلحة أو القطاعات التي تتناول المحدّدات البيئية للصحة، مثل المياه المأمونة وخدمات الصرف الصحي والنظافة الصحية والهواء النقي وخدمات الأرصاد الجوية. ومستوى تمثيل أصحاب المصلحة أو القطاعات التي تركز على المحدّدات الهيكلية والاجتماعية للصحة، مثل التعليم وتخطيط المناطق الحضرية والإسكان والطاقة وشبكات النقل، هو الأقل شيوعاً (يتراوح بين 40 و50% من الآليات المبلغ عنها في البلدان).
5- تقلّ نسبة البلدان التي تدرج معلومات الطقس والمناخ في نظمها المعنية بالترصد الصحي للأمراض الحساسة لتغير المناخ عن 40٪. ومن الشائع أكثر أن تمتلك البلدان نظم ترصدّ صحي تسترشد بالمعلومات المتعلقة بالمناخ بالنسبة للأمراض المنقولة بواسطة النواقل أو المياه أو الهواء، أو أمراض الجهاز التنفسي.
6- ربع البلدان المشمولة بالمسح فقط تمتلك نظماً صحية تسترشد بمعلومات المناخ للإنذار المبكر بالاعتلالات المتصلة بالحرارة (33%) أو الإصابات والوفيات الناجمة عن الظواهر الجوية القاسية (30%)، رغم وجود أدلة قوية على تزايد هذه المخاطر في جميع أنحاء العالم.
7- يتزايد تثقيف القوى العاملة الصحية وتدريبها على العلاقة بين تغير المناخ والصحة (إجراء مستوى معين من التدريب في 42% من البلدان)، ولكن يلزم بذل مزيد من الجهود لضمان أن تتناول أنشطة بناء القدرات مجموعة شاملة من المهارات ذات الصلة، وأن تُدمج روتينياً في تنمية مهارات القوى العاملة الصحية.
8- أجرى عدد متزايد من البلدان (27٪) تقييمات لقدرة مرافق الرعاية الصحية فيها على الصمود أمام تغير المناخ.
9- نسبة ضئيلة فقط من وزارات الصحة في البلدان المنخفضة الدخل وبلدان الشريحة الدنيا من الدخل المتوسط (28%) تحصل حالياً على تمويل دولي لدعم الأعمال المتعلقة بتغير المناخ والصحة. ولابد من تحقيق زيادة كبيرة في هذا التمويل، بما في ذلك التمويل المتعدد الأطراف بشأن العمل المناخي، لبلوغ المستويات اللازمة لحماية الصحة من تغير المناخ.
10- زادت البلدان بشكل كبير إدراج الاعتبارات الصحية في مساهماتها المحدّدة وطنياً. فجميع تلك المساهمات تقريباً (94%)، البالغ عددها 142 مساهمة جديدة أو مُحدثة، والمنشورة في الثنائية 2020-2021، أدرجت موضوع الصحة مقارنة بنسبة 70٪ من المساهمات المحدّدة وطنياً البالغ عددها 184 مساهمة في عام 2019. ويُشار الآن إلى الفوائد الصحية الناتجة عن تخفيف آثار تغير المناخ في 28٪ من المساهمات المحدّدة وطنياً الجديدة أو المُحدّثة، بعد أن كانت نسبتها 10٪ في عام 2019.