يجب أن تشمل الخدمات الصحية تعزيز التركيز على ضمان التغذية المثلى في كل مرحلة من عمر الأفراد، طبقاً لتقرير جديد أصدرته منظمة الصحة العالمية. وتشير التقديرات إلى أن الاستثمار بشكل صحيح في مجال التغذية يمكن أن ينقذ أرواح 3.7 مليون شخص بحلول عام 2025. [1]
وعلى حدّ قول الدكتورة ناوكو ياماموتو، التي تشغل منصب مساعد المدير العام للمنظمة: "حتى يمكن توفير خدمات صحية جيدة وتحقيق التغطية الصحية الشاملة، ينبغي أن تحتل التغذية مكانها اللائق باعتبارها واحدة من الركائز التي تقوم عليها مجموعات التدابير الصحية الأساسية. كما نحتاج إلى تهيئة بيئات غذائية أفضل تسمح لجميع الأفراد بتناول أغذية صحية."
ويلزم أن تحتوي مجموعات التدابير الصحية الأساسية في جميع السياقات على مكونات غذائية معزّزة، إلا أنه سيتعيّن على البلدان أن تحدّد ماهية التدخلات التي تدعم سياساتها واستراتيجياتها وخططها الصحية الوطنية على النحو الأفضل.
وتشمل التدخلات الأساسية ما يلي: توفير مكمِّلات الحديد وحمض الفوليك كجزء من الرعاية السابقة للولادة؛ وتأخير رَبط الحَبل السُرّي لضمان حصول الرضّع على المغذيات المهمة التي يحتاجونها بعد مَولدهم؛ وتعزيز وحماية ودعم الرضاعة الطبيعية؛ وتقديم نصائح بشأن النظم الغذائية مثل تقييد مدخول السكريات الحرة [2] لدى البالغين والأطفال وتقييد مدخول الملح للحدّ من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية.
ومن شأن الاستثمار في الإجراءات الغذائية أن يساعد البلدان على الاقتراب من بلوغ مقصدها في تحقيق التغطية الصحية الشاملة وأهداف التنمية المستدامة . ويمكنه أيضاً أن يساعد النظم الاقتصادية، حيث يحقق كل دولار أمريكي يتم إنفاقه من قِبَل الجهات المانحة على برامج التغذية الأساسية عائداً قدره 16 دولاراً أمريكياً للاقتصاد المحلي[3].
وقد أحرز العالم تقدماً في مجال التغذية، إلا أنه ما زالت هناك تحديات رئيسية قائمة. كما حدث تراجع عالمي في التقزُّم (قِصَر القامة بالنسبة إلى العمر): ففي الفترة ما بين عامي 1990 و2018، انخفضت نسبة انتشار التقزُّم لدى الأطفال ممن تقل أعمارهم عن 5 سنوات من 39.2% إلى 21.9%، أو من 252.5 مليون إلى 149.0 مليون طفل، وإن كانت وتيرة التقدم المحرز أبطأ كثيراً في أفريقيا وجنوب شرق آسيا.
بيد أن معدلات البدانة آخذة في الارتفاع. فقد ارتفعت نسبة الأطفال الذين يُعتبَرون زائدي الوزن من 4.8% إلى 5.9% في الفترة ما بين عامي 1990 و2018، بزيادة تتجاوز 9 ملايين طفل. كما تزداد بشكل مطّرد زيادة الوزن والبدانة لدى البالغين في كل الأقاليم والبلدان تقريباً، حيث بلغ عدد أصحاب الوزن الزائد 1.3 مليار شخص في عام 2016، من بينهم 650 مليوناً (13% من سكان العالم) من البدناء.
وتمثّل البدانة أحد عوامل الخطورة الرئيسية للداء السكري؛ وأمراض القلب والأوعية الدموية (أمراض القلب والسكتة الدماغية في المقام الأول)؛ والاختلالات العضلية الهيكلية (لاسيما الفُصال العظمي – وهو مرض تنكُّسي شديد الإعاقة يصيب المفاصل)؛ وبعض السرطانات (بما في ذلك سرطان بطانة الرحم والثدي والمبايض والبروستانا والكبد والمرارة والكلى والقولون).
ويعدّ تعزيز التركيز على التغذية في إطار الخدمات الصحية عنصراً أساسياً لمعالجة كلا الجانبين اللذين يشملهما "العبء المزدوج" لسوء التغذية. ويتضمّن المنشور المعنون: "الإجراءات الغذائية الأساسية" مجموعة من الإجراءات الغذائية لمعالجة هذا "العبء المزدوج" المتمثّل في نقص الوزن وزيادة الوزن، ويوفر أداة لمساعدة البلدان على إدراج التدخلات الغذائية ضمن سياساتها الوطنية في مجال الصحة والتنمية.
[1] البنك الدولي: المصدر: Shekar M, Kakietek J, D'Alimonte M, Sullivan L , Walters D, Rogers H, Dayton Eberwein J, Soe-Lin S, Hecht R. Investing in nutrition. The foundation for development. An investment framework to reach the Global Nutrition Targets. World Bank, Results for Development, Bill and Melinda Gates Foundation, CIFF,1000 days. http://documents.worldbank.org/curated/en/963161467989517289/pdf/104865-REVISED-Investing-in-Nutrition-FINAL.pdf
[2] تشمل السكريات الحرة مواد المونوسكريد والديسكريد المضافة إلى الأغذية والمشروبات من قَبَل الجهات المصنِّعة أو الطهاة أو المستهلكين، والسكريات الموجودة بشكل طبيعي في العسل والشراب وعصائر الفواكه ومركَّزات عصائر الفواكه
[3] Development Initiatives. Global Nutrition Report 2017 : Nourishing the SDGs. Bristol, UK : Development Initiatives, 2017