تهدف التوصيات الجديدة الصادرة عن منظمة الصحة العالمية إلى تسريع الكشف عن السل المقاوم للأدوية المتعددة وتحسين حصائل علاجه باستخدام اختبار تشخيصي سريع جديد ومقرر علاجي أقصر أمداً وأرخص سعراً.
ويقول الدكتور ماريو رفيغليوني مدير البرنامج العالمي لمكافحة السل التابع للمنظمة "إن هذه الخطوة بالغة الأهمية في التصدي لأزمة الصحة العمومية المتمثلة في السل المقاوم للأدوية المتعددة. والتوصيات الجديدة الصادرة عن المنظمة تحمل الأمل إلى مئات الآلاف من مرضى السل المقاوم للأدوية المتعددة الذين يمكنهم الآن الاستفادة من اختبار يحدد مدى استحقاقهم للمقرر العلاجي الأقصر أمداً بسرعة، ثم استكمال العلاج في نصف المدة وبنصف التكلفة تقريباً."
علاج أقصر أمداً يحقق حصائل أفضل
يتكلف المقرر العلاجي الجديد أقل من 1000 دولار أمريكي للمريض الواحد ويمكن استكماله في مدة تتراوح بين 9 أشهر و12 شهراً. وهو ليس أقل تكلفة من المقررات العلاجية الحالية فحسب، وإنما يُتوقع أيضاً أن يحسّن الحصائل وقد يؤدي إلى خفض معدل الوفيات نتيجة لتحسين الالتزام بالعلاج والحد من الحالات التي تغيب عن المتابعة.
أما المقررات العلاجية التقليلدية فتستغرق مدة تتراوح بين 18 و24 شهراً لاستكمالها، وتسفر عن معدلات شفاء متدنية تبلغ 50% في المتوسط على الصعيد العالمي. ويعود ذلك في جانب كبير منه إلى الصعوبة الشديدة التي يجدها المرضى في الاستمرار في تعاطي أدوية الخط الثاني لفترات طويلة من الزمن، حيث إنها قد تكون على درجة كبيرة من السمية، وبالتالي يتوقف المرضى في كثير من الأحيان عن تعاطي العلاج ويتغيبون عن المتابعة في الخدمات الصحية.
ويوصى بالمقرر العلاجي الأقصر أمداً في المرضى الذين شُخصت إصابتهم بالسل المقاوم للأدوية المتعددة غير المصحوب بمضاعفات، أي المرضى غير المصابين بالسل المقاوم لأهم الأدوية المستخدمة في علاج السل المقاوم للأدوية المتعددة (الفلوروكينولون والأدوية القابلة للحقن) التي تُعرف بمسمى "أدوية الخط الثاني". كما يوصى به للأشخاص الذين لم يتلقوا العلاج بعد بأدوية الخط الثاني.
وتستند توصيات المنظمة بشأن المقررات العلاجية الأقصر أمداً إلى دراسات برمجية أولية شملت 1200 من المرضى المصابين بالسل المقاوم للأدوية المتعددة غير المصحوب بمضاعفات في 10 بلدان . وتشجع المنظمة الباحثين على استكمال التجارب السريرية المُعشّاة المضبوطة الجارية من أجل تعزيز قاعدة البيِّنات الخاصة باستخدام هذا المقرر العلاجي.
اختبار تشخيصي سريع للكشف عن مقاومة أدوية الخط الثاني
تتمثل أفضل الطرق التي يمكن الاعتماد عليها في استبعاد المقاومة، في الاختبار التشخيصي الذي أوصي حديثاً باستخدامه في مختبرات السل المرجعية الوطنية المعنية بالسل. والاختبار التشخيصي الجديد - واسمه MTBDRsl - هو اختبار قائم على الحمض الريبي النووي المنزوع الأوكسجين يحدد الطفرات الجينية في سلالات السل المقاوم للأدوية المتعددة المقاومة للفلوروكينولون وأدوية الخط الثاني المضادة للسل القابلة للحقن.
وتصدر نتائج هذا الاختبار في غضون 24-48 ساعة، في حين أن الاختبارات الحالية تستغرق ثلاثة أشهر أو أكثر. وهذه المدة الزمنية الأقصر بكثير لا تعني فقط أن مرضى السل المقاوم للأدوية المتعددة تُشخص حالتهم في وقت أسرع، بل تعني أيضاً أنه يمكنهم بدء المقررات العلاجية الملائمة بأدوية الخط الثاني في وقت أسرع. وتشير تقديرات المنظمة إلى أن نسبة مرضى السل المقاوم للأدوية المتعددة البالغ عددهم 480,000 مريض الذين يتلقون حالياً العلاج الملائم، تقل عن 20 في المائة.
ويُعد اختبار MTBDRsl شرطاً مهماً أيضاً لتحديد مرضى السل المقاوم للأدوية المتعددة المستحقين للمقرر العلاجي الأقصر أمداً الموصى به حديثاً، وتجنب إعطائه للمرضى المصابين بالسل المقاوم لأدوية الخط الثاني المدرجة في هذا المقرر، حيث قد يؤدي ذلك إلى تطور السل المقاوم للأدوية المتعددة أو السل الشديد المقاومة للأدوية.
وتقول الدكتورة كارين ويير، منسقة وحدة المختبرات ووسائل التشخيص ومقاومة الأدوية، في البرنامج العالمي لمكافحة السل "نأمل أن يؤدي التشخيص الأسرع والعلاج الأقصر أمداً إلى تسريع الاستجابة العالمية للسل المقاوم للأدوية المتعددة التي تمس الحاجة إليها. ويمكن للوفورات المتوقعة في التكاليف مع بدء استخدام هذا المقرر العلاجي، أن يُعاد استثمارها في الخدمات الخاصة بالسل المقاوم للأدوية المتعددة من أجل تمكين المزيد من المرضى من الخضوع للاختبار واستبقائهم في العلاج."
وتعمل المنظمة عن كثب مع الشركاء التقنيين وشركاء التمويل لضمان توافر الموارد والدعم الكافيين لاعتماد الاختبار السريع والمقرر العلاجي الأقصر أمداً والأرخص سعراً في جميع البلدان.
حقائق سريعة
- تنتشر مقاومة السل للأدوية العادية في معظم بلدان العالم. ويمكن لمقاومة الأدوية الناجمة عن العلاج غير الكافي أن تنتقل بواسطة الهواء من شخص إلى آخر، مثلها في ذلك مثل السل القابل للتأثر بالأدوية.
- أما السل المقاوم للأدوية المتعددة فتتسبب فيه بكتريا السل المقاومة للإيزونيازيد والريفامبيسين على الأقل، وهما دواءا السل الأشد فعالية. وبالاستناد إلى الأرقام المسجلة في عام 2014، وهو العام الأخير الذي تتوافر البيانات بشأنه، تشير تقديرات المنظمة إلى أن 5% من حالات السل مصابة بالمرض المقاوم للأدوية المتعددة ويبلغ عددها 000 480 حالة، وأن هناك 000 190 وفاة سنوية تنجم عن هذا المرض.
- وأما السل الشديد المقاومة للأدوية فهو شكل من أشكال السل المقاوم للأدوية المتعددة يقاوم الفلوروكينولون أيضاً وأي عامل من العوامل المضادة للسل القابلة للحقن في أدوية الخط الثاني (أي الأمكاسين أو الكانامايسين أو كابريومايسين). ويصاب نحو 9% من مرضى السل المقاوم للأدوية المتعددة بالسل الشديد المقاومة للأدوية، الذي يُعد أصعب بكثير في علاجه.
- وتمثل "استراتيجية القضاء على السل", التي وضعتها المنظمة والتي اعتمدها جميع الدول الأطراف في المنظمة، مخططاً للبلدان من أجل الحد من معدلات الإصابة بالسل بنسبة 80% ومن الوفيات الناجمة عن السل بنسبة 90%، ومن أجل التخلص من التكاليف الكارثية التي تتكبدها الأسر المتضررة من السل، بحلول عام 2030.