أطلقت منظمة الصحة العالمية (المنظمة) اليوم مبادرة جديدة توفّر إرشادات بشأن التخطيط المتكامل للاستجابة لأي من الممرضات المسببة للأمراض التنفسية من قبيل الأنفلونزا أو فيروسات كورونا من أجل مساعدة البلدان على التأهّب بشكل أفضل للجوائح في المستقبل.
وتشمل المبادرة الجديدة للتأهّب للأخطار المستجدة والقدرة على الصمود أمامها (PRET) أحدث أدوات ونُهج التعلّم المتبادل والعمل الجماعي التي وُضعت أثناء جائحة كوفيد-19 وغيرها من الطوارئ الصحية العامة الأخيرة.
وستستخدم المنظمة، من خلال هذه المبادرة، نهجاً قائماً على نمط الانتقال لغرض توجيه البلدان في التخطيط لمواجهة الجوائح، نظراً لأن العديد من القدرات والإمكانات مشتركة بين مجموعات المُمرضات. وتستجيب المبادرة للدعوة إلى تقديم الإرشاد والدعم التقنيين بغية تشجيع التأهّب والاستجابة المتكاملين وتعزيزهما، على النحو المبين في قرارات جمعية الصحة العالمية.
وقد أظهرت جائحة كوفيد-19 وغيرها من الطوارئ الصحية أنه يلزم على البلدان أن تكون مستعدة من الناحية التشغيلية للاستجابة لأخطار الأمراض المعدية، عن طريق وضع خطط تأهّب مصممة حسب الحاجة وتحسين التنسيق والتعاون مع القطاعات الأخرى مثل قطاع الزراعة.
وقال الدكتور تيدروس أدحانوم غيبريسوس، المدير العام للمنظمة: "يجب ألا تكون أنشطة التأهب والوقاية والاستجابة من اختصاص قطاع الصحة وحده. ومثلما تؤثر الطوارئ الصحية على العديد من القطاعات، فإن جهودنا في مجاليْ التأهب والاستجابة يجب أن تشمل مختلف القطاعات والتخصصات والممرضات. كما أنه من المهم للغاية أن تشكل المشاركة المجتمعية والإنصاف محور جهودنا، ولا سيما فيما يخص الفئات السكانية المهمشة والأكثر عرضة للخطر".
وتعد المبادرة بمثابة تطور في نهج المنظمة إزاء التأهّب للجوائح، حيث إنها تطبّق منظوراً قائماً على نمط الانتقال، بدلاً من التركيز على أمراضٍ محددة. وستواصل المنظمة جهودها الرامية إلى وضع إرشادات بشأن أمراض محددة ونشرها حسب الحاجة.
وأُطلقت المبادرة في اليوم الأخير من الاجتماعات بحضور أكثر من 120 شخصاً يمثلون الدول الأعضاء والشركاء وأمانة المنظمة بهدف تحديد الخطوات المقبلة للمبادرة، بما في ذلك وضع خارطة طريق عالمية لتنفيذ التأهب للجوائح الناجمة عن الممرضات المسببة للأمراض التنفسية.
وتركز الوحدة الأولى للمبادرة على الممرضات المسببة للأمراض التنفسية، بما فيها الأنفلونزا وفيروسات كورونا والفيروس المِخلَوي التنفسي. وبالنظر إلى استمرار جائحة كوفيد-19 والخطر المحتمل الذي قد تشكله إنفلونزا الطيور، فإن هذه الوحدة ستمكّن البلدان من إجراء استعراض نقدي لجهودها في مجال التخطيط لمواجهة الجوائح الناجمة عن الأمراض التنفسية واختبارها وتحديثها من أجل ضمان أن تتوفر لديها القدرات والإمكانات العملية اللازمة.
وتجري حالياً عملية تحديد المجموعة التالية من الممرضات، مثل الفيروسات المنقولة بالمفصليات، والتي سيُنظر فيها في إطار هذه المبادرة. وستتبع تلك العملية الأولويات المحددة في المقترحات العشرة الرامية إلى تعزيز الهيكل العالمي للتأهب والاستجابة للطوارئ الصحية والقدرة على الصمود أمامها.
وتبشر المبادرة بعهدٍ جديد في مجال التأهب للجوائح وتمثل تطوراً في أنشطة المنظمة الأساسية الرامية إلى دعم جميع الدول الأعضاء في تعزيز إمكاناتها وقدراتها في مجال التأهب للطوارئ الصحية والوقاية منها والاستجابة لها. ويمكن للمبادرة أيضاً أن تتيح تفعيل أغراض وأحكام الاتفاق بشأن الجوائح، الذي تتفاوض عليه حالياً الدول الأعضاء في المنظمة.
وفي أعقاب الإسهامات والمناقشات التي دارت بين المشاركين في الاجتماع، تدعو المنظمة الجهات المعنية بهذا النداء العالمي إلى العمل إلى النهوض بالتأهب للجوائح الناجمة عن الممرضات المسببة للأمراض التنفسية.
نداء إلى العمل
تعمل المنظمة والدول الأعضاء والشركاء معاً على تحديد وتنفيذ إجراءات ذات أولوية من أجل تعزيز التأهب الوطني والإقليمي والعالمي للجوائح وأخطار الأمراض المعدية المستجدة. وندرك دور المجتمعات المحلية وجميع القطاعات، والحاجة إلى إيجاد زخم منسق ومستدام لكسر حلقة الذعر والإهمال الشائعة جداً أثناء التأهب للجوائح والاستجابة لها.
ونذكّر بالعبر المستخلصة من الأوبئة والجوائح السابقة، ولا سيما تلك الناجمة عن الممرضات المسببة للأمراض التنفسية. وقد شكّلت هذه الممرضات وستظل تشكّل خطراً عالمياً جسيماً يمكن أن يتسبب في ارتفاع هائل في معدلات المراضة والوفيات، وإرهاق النظم الصحية، وزعزعة استقرار الاقتصاد العالمي، وتفاقم أوجه عدم الإنصاف التي تتخلل إتاحة أدوات الوقاية من الجوائح والرعاية الصحية لجميع السكان.
إنه نداءٌ إلى العمل من أجل تسريع وتيرة التأهب للجوائح والأخطار المستجدة على الصعيد العالمي، علماً أن التأهّب الفعال مرهونٌ بالتخطيط المُحكم والعمل المنسّق. وسيتيح الالتزام الجماعي بالإجراءات التالية إحراز تقدم بحلول كانون الأول/ ديسمبر 2025، كما سيُوضَّح في إطار رصد التأهّب للأخطار المستجدة والقدرة على الصمود أمامها:
1- تحديث خطط التأهب التي تؤكد الإجراءات ذات الأولوية والتي تراعي العبر المستخلصة من الأحداث الماضية. بالنظر إلى المخاطر التي تشكلها الممرضات المسببة للأمراض التنفسية، فإن التخطيط لمواجهة جائحة من الجوائح الناجمة عن الممرضات المسببة للأمراض التنفسية بالاستناد إلى المواضيع المحددة في الوحدة 1 للمبادرة: التخطيط للجوائح الناجمة عن الممرضات المسببة للأمراض التنفسية يشكل أولوية.
2- زيادة التواصل بين الجهات صاحبة المصلحة في مجال تخطيط التأهّب للجوائح عن طريق التنسيق والتعاون المنهجيين. ويشمل ذلك بناء نظم منصفة، وإجراء تمارين مشتركة، وتبادل المعلومات عن الممارسات الجيدة والتحديات المواجَهة والفرص المتاحة.
3- تخصيص استثمارات وأموال وأنشطة رصد مستدامة للتأهب للجوائح، مع التركيز بشكل خاص على سد الثغرات التي جرى تحديدها خلال الجوائح والأوبئة السابقة.
وقد أظهرت الاستجابة لجائحة كوفيد-19 ما يمكن تحقيقه بفضل الالتزام السياسي والمشاركة المجتمعية والتمويل. ويتمثل محور هذا العمل في ضمان الإنصاف من أجل الاستعداد لمواجهة الجائحة التالية معاً. ولابد من اتخاذ إجراءات تشمل المجتمع بأسره كي يتسنى إحراز التقدم المبيّن في هذا النداء إلى العمل. ومن هذا المنطلق، ينبغي أن يؤدي التنفيذ إلى تعزيز قدرة المجتمعات المحلية على الصمود؛ وصون النُظم الروتينية ودعمها والاعتماد عليها؛ والاستفادة من قدرات أوسع نطاقاً في مجال التأهب للطوارئ والاستجابة لها.
لقد صدر هذا النداء إلى العمل خلال الاجتماع العالمي بشأن الجوائح المقبلة الناجمة عن الممرضات المسببة للأمراض التنفسية (التأهب للأخطار المستجدة والقدرة على الصمود أمامها) الذي عُقد في الفترة من 24 إلى 26 نيسان/ أبريل 2023 في جنيف، سويسرا.