اتفقت الدول الأطراف اليوم من حيث المبدأ على حزمة واسعة ورائدة من التعديلات على اللوائح الصحية الدولية (2005)، والتي تشكل خطوة تاريخية للصحة العامة العالمية. وتستند هذه التعديلات إلى ما يزيد على 300 مقترح قدمته البلدان في أعقاب جائحة كوفيد-19، وتهدف إلى تحسين قدرة البلدان على التأهُّب للطوارئ الصحية العامة التي تسبب قلقاً دولياً والكشف عنها والاستجابة لها. وستكون هذه التعديلات جزءًا من حزمة ستُعرض على جمعية الصحة العالمية، التي تُعقد في الفترة من 27 أيار/مايو إلى 1 حزيران/يونيو 2024. وسيجتمع المفاوضون مجدداً الأسبوع المقبل لاختتام عملهم بشأن المسائل القليلة المتبقية التي يلزم استكمال معالجتها.
وقد صيغت اللوائح الصحية الدولية، التي اعتمدتها جمعية الصحة العالمية لأول مرة في عام 1969 وراجعتها لآخر مرة في عام 2005، بغرض تعظيم الجهود الجماعية الرامية إلى إدارة أحداث الصحة العامة، مع الحد في الوقت نفسه من التعطيل الذي قد تسبّبه للسفر والتجارة. وتضمّ اللوائح 196 دولة طرفاً، تشمل جميع الدول الأعضاء في المنظمة والبالغ عددها 194 دولة عضوا، بالإضافة إلى ليختنشتاين والكرسي الرسولي. وقادت هذه الأطراف عملية تعديل اللوائح الصحية الدولية عن طريق الفريق العامل المعني بتعديلات اللوائح الصحية الدولية (2005). ويصادف اليوم اختتام الدورة المستأنفة للاجتماع الثامن للفريق العامل.
وتجري هذه العملية بالتوازي مع عملية حكومية دولية ترمي إلى وضع اتفاق دولي بشأن الوقاية من الجوائح والتأهب والاستجابة لها. كما أنه من المقرر أن يُعرض مشروع الاتفاق بشأن الجوائح على جمعية الصحة العالمية في إطار عملية تفاوضية منفصلة تقودها الدول الأعضاء وتُستأنف في 20 مايو/أيار.
وقال الدكتور تيدروس أدحانوم غيبريسوس، المدير العام للمنظمة: ”لقد أسدت اللوائح الصحية الدولية خدمات جليلة للعالم على مدى ما يقرب من 20 عامًا، بيد أن تجربتنا الجماعية في استخدام هذه الأداة الحيوية لإدارة الطوارئ الصحية العامة المتعددة، بما فيها جائحة كوفيد-19، أظهرت أنّ ثمة مجالات مهمة يمكن أن تُعزَّز فيها هذه الأداة لفائدة جميع الدول الأطراف البالغ عددها 196 دولة“. واستطرد قائلاً "إنها لحظة تاريخية. لقد اجتمعت البلدان حول آليات دولية محسَّنة من أجل حماية جميع سكان العالم والأجيال القادمة من أثر الأوبئة والجوائح، مع الالتزام بالإنصاف والتضامن. وأتوجه بالشكر إلى جميع الدول الأعضاء على تفانيها الذي لا يحيد.“
وقال الدكتور آشلي بلومفيلد، من نيوزيلندا، بصفته الرئيس المشارك للفريق العامل المعني بتعديلات اللوائح الصحية الدولية (2005): ”لقد كانت العملية الرامية إلى التوصل إلى توافق في الآراء بشأن غالبية التعديلات المقترحة عمليةً طويلة ولكنها مثمرة ومُرضية للغاية. وهذا يدل على الأهمية التي يوليها العالم للقدرة على التأهّب بفعالية لأخطار الأوبئة والجوائح والاستجابة لها على نحو أفضل، وأن ثمة توافقاً قوياً في الآراء على الصعيد الدولي بشأن كيفية حماية الصحة العامة الدولية".
وقال الدكتور عبد الله عسيري من المملكة العربية السعودية، بصفته الرئيس المشارك للفريق العامل: ”إن تعديل اللوائح الصحية الدولية يعكس الحاجة الماسة إلى تعزيز دفاعاتنا الجماعية في مواجهة المخاطر الحالية والمستقبلية المحدقة بالصحة العامة، مع الالتزام الصارم بمبدأ السيادة الوطنية واحترام الإنصاف. وقد اجتمعنا اليوم حول مجموعة قوية من التعديلات التي ستجعل التعاون الدولي أكثر فعالية وأكثر سهولة من حيث التنفيذ“.
وسيشكل الاتفاق المحتمل الجديد بشأن الجوائح واللوائح الصحية الدولية المعدَّلة صكّين دوليين مكمّلين تصمّمهما الدول الأعضاء وتتفاوض بشأنهما بغرض مساعدة البلدان على حماية سكانها من الأخطار المقبلة للأوبئة والجوائح على نحو أفضل. وينصب تركيز اللوائح على بناء قدرات البلدان على الكشف عن أحداث الصحة العامة التي يمكن أن تتخذ أبعادًا دولية والاستجابة لها، بينما يركز مشروع الاتفاق بشأن الجوائح على الاستجابة للجوائح استجابةً دولية منسَّقة، مع وضع الإتاحة المنصفة للقاحات والعلاجات ووسائل التشخيص في صميم الجهود المبذولة.