تحققت مكاسب هائلة في متوسط العمر المتوقع على الصعيد العالمي منذ عام 2000، لكن انعدام المساواة الصارخ داخل البلدان وفيما بينها يظل قائماً، وفقاً لإصدار هذا العام من تقرير "الإحصاءات الصحية العالمية: رصد الصحة لأغراض أهداف التنمية المستدامة.
وشهد متوسط العمر المتوقع زيادة قدرها 5 سنوات بين عامي 2000 و2005، بما يمثِّل أسرع معدل للزيادة منذ ستينات القرن العشرين. وتأتي هذه المكاسب على النقيض من التراجع الذي شهده عقد التسعينات من القرن الماضي، حيث انخفض متوسط العمر المتوقع في أفريقيا بسبب وباء الإيدز، وفي شرق أوروبا في أعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي.
وبلغت الزيادة في متوسط العمر المتوقع أعلى مستوياتها في الإقليم الأفريقي التابع لمنظمة الصحة العالمية، حيث تراوحت بين 9.4 سنوات و60 سنة، مدفوعة في المقام الأول بالتحسن الذي شهدته معدلات بقاء الأطفال على قيد الحياة، والتقدم المحرز في مكافحة الملاريا، والتوسع في إتاحة العلاج المضاد للفيروسات القهقرية.
وتقول الدكتورة مارغريت تشان، المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية، إنَّ "العالم قد حقق تقدُّماً كبيراً في الحد من المعاناة التي لا داعي لها والوفيات المبكرة التي تنتج من أمراض يمكن الوقاية منها وعلاجها. بيد أنَّ هناك تفاوتاً في المكاسب. وأفضل ما يمكننا عمله لضمان ألا يُستبعد أحد هو أن ندعم البلدان لكي تمضي قُدُماً صوب توفير التغطية الصحية الشاملة على أساس منظومة قوية للرعاية الأولية".
ووصل المتوسط العالمي للعمر المتوقع للأطفال المولودين في عام 2015 إلى 71.4 سنة (73.8 سنة للإناث و69.1 للذكور)، بيد أن حظوظ كل طفل أو طفلة من هؤلاء الأطفال تتوقف على المكان الذي ولد فيه أو ولدت فيه. وببيِّن التقرير أنَّ متوسط العمر المتوقع للمواليد في 29 بلداً - جميعها من البلدان المرتفعة الدخل - يبلغ 80 سنة أو أكثر، في حين أنَّ متوسط العمر المتوقع للمواليد في 22 بلداً آخر - جميعها في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى - يقل عن 60 سنة.
وبوسع النساء في اليابان أن يتوقعن أن يعشن حياة أطول من غيرهن، إذ يبلغ متوسط عمرهن المتوقع 86.8 سنة. ويتمتع الرجال في سويسرا بأطول متوسط للعمر المتوقع بين أقرانهم، حيث يصل إلى 81.3 سنة. أمَّا أقل متوسط عمر متوقع في العالم فهو من نصيب سكان سيراليون من الجنسين، إذ يبلغ 50.8 سنة للنساء و40.3 سنة للرجال.
وبلغ متوسط العمر المتوقع مع التمتع بالصحة، وهو مقياس لعدد السنوات التي يُتوقع أن يعيشها طفل مولود في عام 2015 متمتعاً بصحة جيِّدة، 63.1 سنة عالمياً (64.6 سنة للإناث و61.5 للذكور).
ويجمع تقرير الإحصاءات الصحية العالمية لهذا العام أحدث البيانات عن الغايات المرتبطة بالصحة ضمن أهداف التنمية المستدامة التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر 2015. ويسلِّط التقرير الضوء على الفجوات الكبيرة في البيانات والتي سوف يتعين سدُّها من أجل التتبع الموثوق للتقدم المحرز صوب تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وعلى سبيل المثال، فإنَّ ما يقدَّر بنسبة 53% من الوفيات على الصعيد العالمي لا يُسجَّل، إلا أنَّ عدة بلدان - بما في ذلك البرازيل وتركيا وجمهورية إيران الإسلامية وجنوب أفريقيا والصين - حقَّقت تقدُّماً كبيراً في هذا المجال.
وفي حين ركَّزت الأهداف الإنمائية للألفية على مجموعة ضيقة من الغايات الصحية المرتبطة بأمراض بعينها والتي يتعين تحقيقها في عام 2015، فإنَّ أهداف التنمية المستدامة تنظر إلى العام 2030 في إطار نطاق أوسع كثيراً. فعلى سبيل المثال، تشمل أهداف التنمية المستدامة هدفاً صحياً واسع النطاق، "ضمان تمتّع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار"، وتدعو إلى تحقيق التغطية الصحية الشاملة.
ويبيِّن تقرير الإحصاءات الصحية العالمية لهذا العام أنَّ العديد من البلدان لا تزال بعيدة عن تحقيق التغطية الصحية الشاملة، بحسب القياسات المستمدة من مؤشر خاص بإمكانية الحصول على 16 خدمة أساسية، ولا سيما في الإقليم الأفريقي وإقليم شرق المتوسط. وبالإضافة إلى ذلك، فإنَّ عدداً كبيراً من مستخدمي تلك الخدمات يواجهون نفقات صحية باهظة، أي تكاليف مدفوعة من أموالهم الخاصة تتجاوز نسبتها 25% من إجمالي إنفاق الأسرة.
ويشمل التقرير بيانات توضح أوجه انعدام المساواة في الحصول على الخدمات الصحية داخل البلد الواحد -- الفوارق بين أفقر السكان والمتوسط الوطني فيما يتعلق بمجموعة من خدمات الصحة الإنجابية وصحة الأمهات والأطفال.
ومن بين العدد المحدود من البلدان التي توافرت بيانات حديثة بشأنها، تتصدر سوازيلند وكوستاريكا والمالديف وتايلند وأوزبكستان والأردن ومنغوليا، كلٌ في إقليمها، في ضمان أكبر قدر من المساواة في إمكانية الحصول على خدمات الصحة الإنجابية وصحة الأمهات وحديثي الولادة والأطفال.
لمحة عامة شاملة عن آخر البيانات
ويقدِّم تقرير الإحصاءات الصحية العالمية لعام 2016 لمحة عامة شاملة عن آخر البيانات السنوية المتعلقة بالغايات المتصلة بالصحة ضمن أهداف التنمية المستدامة، موضِّحاً حجم التحديات. ففي كل عام:
- تموت 000 303 امرأة بسبب مضاعفات الحمل والولادة
- ويلقى نحو 5.9 ملايين طفل حتفهم قبل عامهم الخامس.
- هناك 2 مليون إصابة جديدة بفيروس الإيدز، و9.6 حالة إصابة جديدة بالسل الرئوي، و214 مليون حالة إصابة بالملاريا
- يحتاج 1.7 مليون شخص إلى العلاج من الأمراض المدارية المهملة
- يموت أكثر من 10 ملايين شخص قبل بلوغ سن السبعين بسبب الأمراض القلبية الوعائية والسرطان
- يموت منتحراً 000 800 شخص
- يموت 1.25 مليون شخص نتيجة إصابات حوادث المرور
- يموت 4.3 مليون شخص بسبب تلوث الهواء الناجم عن الوقود المستخدم في طهي الطعام
- يموت 3 ملايين شخص بسبب تلوث الهواء الخارجي
- يُقتل 000 475 شخص، 80% منهم من الرجال.
ولن يتسنى التصدى لهذه التحديات إلا بمعالجة عوامل الخطر التي تسهم في الإصابة بالأمراض. حيث يوجد في العالم اليوم:
- 1.1 مليار مدخِّن للتبغ
- 156 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من التقزم، و42 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من فرط الوزن
- 1.8 مليار شخص يشربون مياهاً ملوثة، و946 مليون شخص يقضون حاجتهم في العراء
- 3.1 مليار شخص يعتمدون في المقام الأول على أنواع وقود تسبب التلوث لطهي الطعام.
ملاحظة إلى المحررين:
يُنشر تقرير الإحصاءات الصحية العالمية سنوياً منذ عام 2005، وهو المصدر الرئيسي للمعلومات بشأن صحة سكان العالم. وترد في التقرير بيانات من 194 بلداً بشأن طائفة من المؤشرات المتعلقة بالوفيات والأمراض والنظم الصحية، بما في ذلك متوسط العمر المتوقع؛ والإصابة بالمرض والوفاة من جرَّاء الأمراض الرئيسية؛ والخدمات الصحية والعلاجات؛ والاستثمارات المالية في الصحة؛ وعوامل الخطر والسلوكيات التي تؤثر على الصحة.
ويقوم المرصد الصحي العالمي التابع لمنظمة الصحة العالمية بتحديث الإحصاءات الصحية طيلة العام في قاعدة البيانات المنشورة على الإنترنت والتي تضم أكثر من 1000 مؤشر صحي. ويمكن للجمهور العام أن يستخدمها للاطلاع على أحدث الإحصاءات الصحية على المستويات العالمي والإقليمي والقطري.