تتشارك المفوضية الأوروبية ومنظمة الصحة العالمية (المنظمة) اليوم في استضافة أول قمة عالمية للتطعيم في بروكسل. وتستهدف تعجيل وتيرة العمل العالمي لوقف انتشار الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، والدعوة إلى مكافحة نشر معلومات مضلِّلة بشأن اللقاحات على نطاق العالم.
وعلى حدّ قول جان كلود يونكر، رئيس المفوضية الأوروبية: "ليس ثمة عذر يبرِّر أن يظل هناك، في عالم متقدِّم النمو كعالمنا، أطفال يموتون بأمراض كان ينبغي استئصالها منذ أمد طويل. والأسوأ من ذلك هو أننا نملك الحل بين أيدينا لكنّه لا يُستغَلّ على الوجه الأكمل. إن التطعيم يحول بالفعل دون وفاة ما بين 2 إلى 3 ملايين شخص سنوياً، ويمكن أن يؤدّي إلى تفادي وفاة 1.5 مليون شخص آخر إذا ما تحسّنت التغطية العالمية بالتطعيم. والقمة المعقودة اليوم فرصة سانحة لمعالجة هذه الثغرة. وستواصل المفوضية العمل مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في إطار جهودها الوطنية ومع شركائنا هنا اليوم. إنه تحدٍّ عالمي علينا أن نجابهه معاً، والآن."
وأضاف الدكتور تيدروس أدحانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، قائلاً: "بعد سنوات كثيرة من التقدم، نقف عند نقطة تحوّل حاسمة. فالحصبة عائدة إلى الظهور، وما زال واحد من بين كل 10 أطفال لا يحصل على لقاحات الأطفال الأساسية. إن بإمكاننا، بل ويتوجّب علينا، أن نعود إلى المسار الصحيح. ولن نحقّق ذلك إلا بضمان أن يكون بمقدور الجميع الاستفادة من قوة اللقاحات – وشريطة استثمار الحكومات والشركاء في التمنيع كحق للجميع، وكعمل اجتماعي نافع. لقد حان الوقت لتعزيز الجهود المبذولة دعماً للتطعيم كجزء أساسي من مبادرة الصحة للجميع."
وفي معرِض افتتاحهما للقمة، دعا رئيس المفوضية يونكر والدكتور تيدروس إلى تكثيف الجهود بشكل عاجل لوقف انتشار الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات مثل الحصبة. ففي السنوات الثلاث الماضية، فقدت 7 بلدان، بينها أربعة في الإقليم الأوروبي، وضعها باعتبارها قد تخلّصت من الحصبة. وتُعدّ الفاشيات الجديدة نتيجةً مباشرة للثغرات في التغطية بالتطعيم، بما في ذلك في أوساط المراهقين والبالغين الذين لم يتم قطّ تطعيمهم بشكل كامل. ولمعالجة ثغرات التطعيم على نحو فعال، تناولت القمة العراقيل المتعددة التي تعترض سبيل التطعيم، بما في ذلك الحقوق واللوائح التنظيمية وإمكانية الإتاحة، والتوافر والجودة وملاءمة خدمات التطعيم؛ والقواعد الاجتماعية والثقافية، والقيم والدعم؛ والحافز الفردي، والمواقف، والمعرفة والمهارات.
وحثّت المفوضية الأوروبية ومنظمة الصحة العالمية أيضاً على تعزيز الدعم المقدّم إلى التحالف العالمي للقاحات والتحصين. وذلك لاضطلاع هذا التحالف بدور حاسم في تحقيق الأهداف العالمية للقاحات في بلدان العالم الأقل نصيباً من الموارد.
كما يتضمّن برنامج القمة العالمية للتطعيم نماذج جديدة وفرصاً سانحة للنهوض بتطوير اللقاحات، ويتناول السبل التي تضمن أن يكون التمنيع أولوية صحية عمومية وحقاً عالمياً.
معلومات أساسية
علنت المنظمة أن التردُّد في تلقّي اللقاح، بما في ذلك التغاضي وغياب الثقة وانعدام الملاءمة، يمثل واحداً من عشرة أخطار تهدِّد الصحة العالمية في عام 2019. إن اللقاحات مأمونة وفعالة، وهي أساس أي نظام قوي للرعاية الصحية الأولية.
ويتّفق 79% من الأشخاص عالمياً على أن اللقاحات مأمونة، فيما يتفق 84% على كونها فعالة، وفق دراسة مرصد ولكوم العالمي التي تتناول معتقدات ورؤية الناس حول العالم بشأن العلم والتحديات الصحية الرئيسية. إلا أن التقرير المعنون حالة الثقة في اللقاحات داخل الاتحاد الأوروبي يشير إلى تزايد رفض اللقاحات في كثير من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على نحو يرتبط بقلة الثقة في مأمونيّة وفعاليّة اللقاحات على النطاق العالمي. ويسهم هذا الغياب للثقة بقدر كبير في تسجيل معدلات أدنى للتغطية على النحو الضروري لضمان المناعة المجتمعية، مما يؤدّي إلى زيادة حالات تفشّي الأمراض.
وبحسب البيانات المأخوذة من المقياس الأوروبي في شهر نيسان/أبريل هذا العام، فإن قرابة نصف العامّة في الاتحاد الأوروبي (48%) يعتقدون أن لقاحات IP/19/5536 يمكن أن تسفر عن أعراض جانبية خطيرة في أغلب الأحيان، ويعتقد 38% أنها قد تسبّب الإصابة بالأمراض التي تقي منها، و31% على قناعة بأنها يمكن أن تُضعِف الجهاز المناعي. وهذه الأرقام ناتجة بدورها عن نشر معلومات مضلّلة بشكل زائد حول فوائد ومخاطر اللقاحات عبر الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي.
وحتى الآن في عام 2019، بلغت حالات الحصبة المُبلَغ عنها أعلى أرقام سًجِّلَت عالمياً منذ عام 2006. فقد استمرّت طفرة حالات الحصبة التي بدأت في عام 2018 حتى عام 2019، حيث أُبلِغ عما يقرب من 000 90 حالة خلال النصف الأول من العام في إقليم المنظمة الأوروبي وحده، وأكثر من 000 365 حالة على النطاق العالمي. وتتجاوز أرقام نصف العام هذه بالفعل كل مجموع سنويَ منذ عام 2006.
إن إحراز تقدُّم صوب التغطية الصحية الشاملة وتحقيق الهدف 3 من أهداف التنمية المستدامة في نهاية المطاف – أي ضمان تمتُّع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار – يمثّلان أولويات في أوروبا وكل أنحاء العالم. وقد اتّخذت المنظمة والدول الأعضاء فيها والاتحاد الأوروبي خطوات جريئة لمعالجة ثغرات التمنيع التي تفتح الباب أمام أيٍّ من الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات. ومن شأن الأنشطة المضطلع بها من خلال خطة العمل الأوروبية الخاصة باللقاحات التي قدّمتها المنظمة، وتوصية المجلس الأوروبي بشأن تعزيز أواصر التعاون لمكافحة الأمراض التي يمكن الوقاية منها، والخطة المشتركة للاتحاد الأوروبي بشأن التطعيم، أن تكون لها عواقب بعيدة المدى على النظم الصحية والمجتمعات المحلية.