على الرغم من جائحة كوفيد-19، يتتبع تقرير منظمة الصحة العالمية (المنظمة) عن نتائج الثنائية 2020-2021 الإنجازات الهامة التي حققتها المنظمة عبر الطيف الصحي العالمي. ويعرض التقرير، الذي صدر قبل انعقاد جمعية الصحة العالمية في الأسبوع المقبل، تفاصيل هذه الإنجازات مثل تسليم أكثر من 1,4 مليار جرعة لقاح عبر مرفق كوفاكس، والتوصية باستخدام أول لقاح ضد الملاريا في العالم على نطاق واسع، واستجابة المنظمة لنحو 87 طارئة صحية، بما فيها كوفيد-19.
وخلال الثنائية 2020-2021، قادت المنظمة أكبر استجابة عالمية على الإطلاق لأزمة صحية، حيث عملت مع 1600 شريك تقني وتنفيذي، وساعدت في تحفيز أكبر حملات التطعيم وأسرعها وأكثرها تعقيداً في التاريخ. وأنفقت المنظمة 1,7 مليار دولار أمريكي على الإمدادات الأساسية للاستجابة لجائحة كوفيد-19.
وقال الدكتور تيدروس أدحانوم غيبريسوس، المدير العام للمنظمة: "حتى في الوقت الذي استجابت فيه المنظمة لأشد أزمة صحية عالمية منذ قرن من الزمان، واصلنا دعم دولنا الأعضاء في التصدي للعديد من التهديدات الصحية الأخرى، على الرغم من ضغط الميزانيات واضطراب الخدمات".
ومضى يقول: "مع استمرار العالم في الاستجابة للجائحة والتعافي منها في السنوات المقبلة، تتمثل أولوية المنظمة في استثمار المزيد من الموارد من أجل ما ننفذه من أعمال في البلدان، في أشد الأماكن احتياجاً إليها". ومن الضروري ضمان حصول المنظمة على تمويل مستدام ويمكن التنبؤ به ومرن من أجل الوفاء بمهمتنا المتمثلة في تعزيز الصحة والحفاظ على سلامة العالم وخدمة الضعفاء".
وقدمت شراكة مسرّع الإتاحة أكثر من مليار جرعة لقاح ضد كوفيد-19 بحلول كانون الثاني/يناير 2022. وشمل الطرح العالمي للمواد الصحية الحاسمة ما تقترب قيمته من 500 مليون دولار أمريكي من معدات الحماية الشخصية؛ و187 مليون دولار أمريكي من إمدادات الأكسجين، و4,8 ملايين دولار أمريكي من العلاجات و110 ملايين اختبار تشخيصي.
ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير مما ينبغي عمله لكي يعود العالم إلى الطريق الصحيح لتحقيق غاية المنظمة المتمثلة في أن يقوم كل بلد بتطعيم 70٪ من سكانه بحلول تموز/ يوليه 2022.
أداء منظمة الصحة العالمية فيما يتجاوز الجائحة
يكشف التقرير عن النتائج عن تحقيق إنجازات جديرة بالملاحظة فيما يتجاوز الجائحة. فقد باتت السياسات الإلزامية التي تحظر استخدام الأحماض الدهنية المتحوّلة (وهي مركب غذائي خطير جرى ربطه بالأمراض القلبية والوعائية)، سارية المفعول على 3,2 مليارات شخص في 58 دولة. ومن بين هذه البلدان، توجد لدى 40 بلداً سياسات مستمدة من أفضل الممارسات، بما في ذلك البرازيل وبيرو وتركيا وسنغافورة والمملكة المتحدة. وتهدف مبادرة REPLACE التي أطلقتها المنظمة إلى إيجاد عالم خال من الدهون المتحوّلة بحلول نهاية عام 2023.
وبفضل تنفيذ التدابير التي تنص عليها اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ (اتفاقية المنظمة الإطارية)، يتناقص تعاطي التبغ في 150 بلداً، مما ينقذ الأرواح وسبل العيش.
وبفضل الجهود المبذولة لتوسيع نطاق التدخلات المنقذة للحياة التي تسترشد بمبادئ المنظمة التوجيهية، تمكّن 15 بلداً من القضاء على انتقال فيروس العوز المناعي البشري و/أو الزهري من الأم إلى الطفل.
ونُفذت توصية المنظمة بنشر استخدام أول لقاح مضاد للملاريا في العالم (RTS,S) على أكثر من مليون طفل. ومن المتوقع أن ينقذ هذا اللقاح حياة ما بين 40000 و80000 شخص سنوياً، عند استخدامه مع تدخلات أخرى لمكافحة الملاريا.
المناداة بالإنصاف في مجال الصحة
يوضح التقرير الدور الحاسم الذي تضطلع به المنظمة بوصفها الجهة العالمية التي تحرس الصحة في العالم والتي تنادي بالإنصاف في مجال الصحة في عالم يتسع فيه نطاق أوجه الجور.
ولقد كانت التكاليف الباهظة للجائحة ملموسة في كل مكان. ويصور التقرير عالماً من الواضح أنه بعيد كل البعد عن المسار الصحيح لتحقيق الأهداف الصحية العالمية الحاسمة. وبسبب عدد لا يحصى من الاضطرابات الناجمة عن جائحة كوفيد-19، تخلفت البلدان عن الركب في تحقيق "أهداف المليارات الثلاثة" للمنظمة التي توفر مسارات حاسمة الأهمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.
ويبلغ التقدم المحرز في مجالي التغطية الصحية الشاملة وتمتع السكان بمزيد من الصحة حوالي ربع الوتيرة المطلوبة أو أقل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، إذ لم يكن أي بلد مستعداً تماماً لمواجهة جائحة بهذا الحجم.
كما أن جائحة كوفيد-19 سببت اضطرابات هائلة في الخدمات الصحية: فقد أفاد 117 من أصل 127 بلداً شملها المسح عن اضطراب خدمة صحية أساسية واحدة على الأقل بسبب كوفيد، في حين أن متوسط نسبة الاضطراب بلغ في تلك البلدان 45٪، وهي نسبة مذهلة.
واستشرافاً للمستقبل، سيكون تحقيق غايات المليارات الثلاثة هو هدف المنظمة الأسمى، كوسيلة قابلة للقياس لتقليص الفجوات في مجال الإنصاف الصحي.
الدور الرئيسي للتمويل المستدام
يعرض التقرير عن النتائج تفاصيل الجهود التي تبذلها المنظمة من أجل تحقيق الشفافية والمساءلة، مع تقديم تفاصيل عن النفقات. فميزانية المنظمة البرمجية للثنائية 2020-2021 بلغت 840,4 5 مليون دولار. وفي الواقع، وصل التمويل إلى 916 7 مليون دولار أمريكي بسبب عمليات الطوارئ المتصلة بكوفيد-19. ويعود الفضل في هذا الفائض إلى سخاء المانحين، بما في ذلك 12 دولة عضواً ساهمت بنحو 71% من إجمالي التمويل.
ومع ذلك، يخصص المانحون الحصة الكبرى من تمويل المنظمة لأغراض معينة من خلال تبرعات محددة. وشكلت الأموال المرنة نسبة 20٪ فقط من إجمالي التمويل في الثنائية 2020-2021.
وإذا كان للمنظمة أن تؤدي دورها الكامل في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بتحقيق التغطية الصحية الشاملة، والحد من عبء اعتلال الصحة، وحماية مليار شخص آخر من الطوارئ الصحية، فيجب أن تزداد حصة التمويل المنتظم والمستقر الذي يمكن التنبؤ به.
ملاحظة للمحررين
يشارك في قيادة مرفق كوفاكس كل من الائتلاف المعني بابتكارات التأهب لمواجهة الأوبئة، وتحالف اللقاحات "غافي"، ومنظمة الصحة العالمية، إلى جانب الشريك الرئيسي في التنفيذ، أي اليونيسف. وفي الأمريكتين، يكون الصندوق الدائر التابع لمنظمة الصحة للبلدان الأمريكية هو وكيل المشتريات المتعرف به لمرفق كوفاكس.
غايات المليارات الثلاثة التي تتوخى المنظمة تحقيقها بحلول عام 2030: استفادة مليار شخص آخر من التغطية الصحية الشاملة؛ وحماية مليار شخص آخر من الطوارئ الصحية على نحو أفضل؛ وتمتُّع مليار شخص آخر بمزيد من الصحة والعافية.