سيجري قريباً اختبار تقنية جديدة لتعقيم ذكور البعوض باستخدام الإشعاع، في جزء من الجهود العالمية لمكافحة الأمراض مثل الشيكونغونيا وحمى الضنك وزيكا.
وتمثل تقنية تعقيم الحشرات شكلاً من أشكال تحديد نسل الحشرات. وتتضمن العملية تربية أعداد كبيرة من ذكور البعوض المعقمة في مرافق مخصّصة، ثم إطلاقها في البرية لتتزاوج مع الإناث. ونظراً إلى عدم قدرتها على التناسل، فإن أعداد الحشرات تتناقص على مر الزمن.
وقد وضع البرنامج الخاص المعني بالبحث والتدريب في مجال أمراض المناطق المدارية والوكالة الدولية للطاقة الذرية، بالشراكة مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، وثيقة إرشادية لصالح البلدان التي أعربت عن اهتمامها باختبار تقنية تعقيم الحشرات على البعوض الزاعج.
نصف العالم معرض لمخاطر حمى الضنك
تقول الدكتورة سوميا سواميناثن، كبيرة العلماء بمنظمة الصحة العالمية إن "نصف سكان العالم معرضون الآن لمخاطر حمى الضنك. وعلى الرغم من أننا نبذل قُصارى الجهود، فإن الجهود الحالية لمكافحة هذا المرض مازالت قاصرة. ونحن في أمس الحاجة إلى نهوج جديدة، وهذه المبادرة واعدة ومثيرة."
ففي العقود الأخيرة، زاد معدل الإصابة بحمى الضنك زيادة هائلة بسبب التغيرّات البيئية، والتوسّع الحضري غير المنظم، والنقل والسفر، وعدم كفاية الأدوات المستدامة لمكافحة النواقل وتطبيقها.
وتحدث حالياً فاشيات حمى الضنك في عدة بلدان، ولاسيما شبه القارة الهندية. وتواجه بنغلاديش أسوأ فاشية لحمى الضنك منذ الوباء الأول الذي سُجّل في عام 2000. وقد شهدت هذه الدولة التي تنتمي إلى جنوب آسيا زيادة عدد الحالات إلى أكثر من 92,000 حالة منذ كانون الثاني/ يناير 2019، وبلغت الحالات اليومية لإيداع المرضى في المستشفيات ذروتها في الأسابيع الأخيرة بدخول 1,500 مريض جديد إلى المستشفيات، وتُعد بنغلاديش من البلدان التي أعربت عن اهتمامها بتقنية تعقيم الحشرات.
وتسهم الأمراض التي ينقلها البعوض مثل الملاريا وحمى الضنك وزيكا والشيكونغونيا والحمى الصفراء بنحو 17٪ من جميع الأمراض المعدية على صعيد العالم، وتحصد أرواح أكثر من 700,000 شخص سنوياً، وتتسبب في معاناة المزيد منهم. وارتبطت فاشية زيكا التي حدثت في البرازيل في عام 2015 بزيادة في عدد الرضع المولودين بمرض صغر الرأس.
تقنية جديدة ثبت نجاحها في مكافحة الحشرات التي تهاجم المحاصيل والمواشي
كانت وزارة الزراعة في الولايات المتحدة أول من طوّر تقنية تعقيم الحشرات، واستُخدمت هذه التقنية بنجاح في استهداف الآفات الحشرية التي تهاجم المحاصيل والمواشي مثل ذبابة الفاكهة المتوسطية وذبابة الدودة الحلزونية للعالم الجديد، ويجري حالياً استخدامها على الصعيد العالمي في قطاع الزراعة في ست قارات.
وتوصي الإرشادات بشأن استخدام هذه التقنية في مكافحة الأمراض في البشر باعتماد نهج تدريجي يتيح الوقت اللازم لاختبار مدى فعّالية الحشرات المعقمة. وترصد المؤشرات الوبائية أثر هذا الأسلوب على سريان المرض، وتتيح تقديم التوصيات بشأن إنتاج البعوض المعقم على نطاق واسع وبشأن مشاركة الحكومات والمجتمعات المحلية، وقياس أثر هذه التقنية، وتقييم فعّاليتها من حيث التكلفة.
وتقول فلورنس فوك، أخصائية العلوم في البرنامج الخاص للبحث والتدريب في مجال أمراض المناطق المدارية إن "البلدان المتضررة بشدة من حمى الضنك وزيكا أبدت اهتماماً حقيقياً باختبار هذه التكنولوجيا حيث إنها قد تساعد على قمع البعوض الذي يطور مقاومة لمبيدات الحشرات التي تؤثر سلباً على البيئة أيضاً".
وتشمل الجهود التعاونية المبذولة خططاً لدعم ثلاثة أفرقة متعددة البلدان من المؤسسات البحثية والوكالات المعنية بمكافحة النواقل وأصحاب المصلحة في ميدان الصحة العمومية، من أجل اختبار تقنية تعقيم الحشرات على البعوض الزاعج.
ويقول جيريمي بويير أخصائي علم الحشرات الطبي في الشعبة المشتركة بين منظمة الأغذية والزراعة والوكالة الدولية للطاقة الذرية لاستخدام التقنيات النووية في مجالي الأغذية والزراعة، إنه قد "تبين من استخدام تقنية تعقيم الحشرات في قطاع الزراعة على مدى 60 عاماً أنها طريقة مأمونة وفعّالة. ونحن متحمسون لتعاوننا مع البرنامج الخاص للبحث والتدريب في مجال أمراض المناطق المدارية ومنظمة الصحة العالمية لإدخال هذه التقنية إلى قطاع الصحة من أجل محاربة أمراض البشر."
ملحوظة للمحررين:
البرنامج الخاص المعني بالبحث والتدريب في مجال أمراض المناطق المدارية، هو برنامج عالمي للتعاون العلمي يساعد على تيسير الجهود المبذولة لمحاربة أمراض الفقر ودعمها والتأثير عليها. ويشارك في رعاية البرنامج منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية.