مع هطول الأمطار الموسمية على بنغلاديش، تُنبّه منظمة الصحة العالمية إلى أن الخدمات الصحية المنقذة للأرواح التي يحتاج إليها 1.3 مليون شخص - من اللاجئين الروهينغيا والمجتمعات المضيفة - يعيشون في كوكس بازار، ستتعرض لمخاطر جسيمة في حال عدم تأمين التمويل العاجل.
وتتوسّع المنظمة وشركاؤها في مجال الصحة في العمليات الصحية منذ أيلول/ سبتمبر 2017، دعماً للجهود التي تبذلها حكومة بنغلاديش من أجل إنقاذ أرواح آلاف اللاجئين القادمين عبر الحدود من ميانمار بأعداد كبيرة على مدى فترة زمنية وجيزة. ونظراً إلى زيادة مخاطر الفاشيات بين اللاجئين في المخيمات المزدحمة غير الصحية، أعطت المنظمة الأولوية لمكافحة الأمراض منذ البداية.
فقد قامت المنظمة على وجه السرعة بإنشاء نظام بالغ الأهمية للإنذار المبكر بحدوث الأمراض، وقدمت بالتعاون مع الحكومة والشركاء أكثر من 3 ملايين جرعة من اللقاحات المنقذة للأرواح المضادة للأمراض المميتة مثل الكوليرا والحصبة والحصبة الألمانية والدفتيريا والتيتانوس وشلل الأطفال. وعندما اكتُشف تفشي الدفتيريا، استجابت المنظمة على وجه السرعة، وجلبت الخبراء الدوليين والأفرقة الطبية المعنية بالطوارئ والإمدادات الطبية.
ولحماية المجتمعات المحلية من تفشي الكوليرا المحتمل أثناء موسم الأمطار، بدأت المنظمة وشركاؤها حملة ضخمة للتطعيم الفموي ضد الكوليرا في 6 أيار/ مايو. وتستهدف الحملة نحو مليون من الروهينغيا ومن أفراد المجتمع المستضيف لهم. وتُعد هذه حملة التطعيم الفموي الثالثة، بعد أن نُفّذت جولتان من جولات التطعيم في العام الماضي شملتا 900000 شخص.
وقد عملت المنظمة وشركاؤها باستمرار في سبيل التوسّع في تقديم سائر الخدمات الصحية الأساسية إلى اللاجئين. ومثال على ذلك أن الأمهات يعرفن الآن أنه عندما يصاب أطفالهن بالمرض، هناك عيادة يمكن أن يذهبن إليها ليحصل الطفل على الرعاية. وتقدم المنظمة الدعم من أجل توسيع مستشفى المنطقة في كوكس بازار حتى يمكنه الاستجابة على نحو أفضل للعبء الإضافي للمرضى الذي يمثله اللاجئون. كما أنشأت المنظمة مختبراً في كلية الطب المحلية، كانت تمس الحاجة إليه. ويستمر التوسّع في الخدمات الخاصة بالصحة الإنجابية والصحة النفسية والأمراض المزمنة.
ويقول الدكتور رودريكو أوفرين، مدير الطوارئ الإقليمي "تُبذل الجهود الجماعية مع حكومة بنغلاديش وسائر الشركاء في مجال الصحة لتلبية الاحتياجات العاجلة للاجئين الروهينغيا. وتُعد الظروف الخاصة بهذه الطارئة شديدة الصعوبة، ولكننا نجحنا حتى الآن في تلافي الأزمات الصحية العمومية الكبرى. ويلزم مواصلة هذه الجهود التعاونية وتعزيزها نظراً إلى المخاطر التي يطرحها موسم الأمطار الحالي".
ولكن هذه المكاسب تتعرض لخطر وشيك، وتظل صحة اللاجئين مهددة. وقد حدثت أول انهيارات أرضية بُلّغ عنها في المخيم 4 في أوخيا، وأدت إلى مقتل شخص واحد وإصابة شخصين، في إشارة واضحة إلى أن الأمطار الموسمية قد وصلت إلى بنغلاديش وأنه يجب تسريع الجهود المبذولة للتأهب لها.
ويتعرض نحو 65 مرفقاً صحياً من أصل 226 مرفقاً في المخيمات لمخاطر الفيضان والانهيارات الأرضية. ويزيد عدد المرافق التي قد يتعذر الوصول إليها على ذلك بكثير. وتشعر المنظمة بالقلق أيضاً إزاء زيادة مخاطر الأمراض مثل الإسهال والأمراض التنفسية والملاريا في المخيمات المزدحمة عندما تصبح الخدمات الصحية أصعب في الوصول إليها. ومازالت خدمات المياه والإصحاح بعيدة كل البعد عن الوضع الأمثل، وسوف تزداد حالتها سوءاً بسبب الفيضان. كما أن موسم الأعاصير يقترب أيضاً.
وخلال الأشهر القليلة الماضية، عملت المنظمة وشركاؤها على التأهب لموسم الأمطار والأعاصير برسم خرائط المرافق الصحية المعرّضة لمخاطر الفيضانات والانهيارات الأرضية، والتجهيز المسبق للمعدات والإمدادات الطبية، ومواصلة تعزيز التأهب للفاشيات، وتدريب الأفرقة الطبية المتنقلة لنشرها على الفور.
ويتمثل الخطر الرئيسي الآخر في نقص التمويل. فعلى الرغم من الكرم الزائد لحكومة بنغلاديش والجهود الملحوظة التي يبذلها الشركاء في مجال الصحة، تظل الموارد شحيحة للغاية. فقد استُهلت خطة الاستجابة المشتركة لأزمة الروهينغيا الإنسانية، وهي خطة استجابة شاملة لجميع الوكالات، لجمع 113.1 مليون دولار أمريكي لقطاع الصحة. وحتى الآن لم يتم تأمين إلا 3.4% من الأموال. وفي عام 2018، وجهت المنظمة نداءً لجمع 16.5 مليون دولار أمريكي، ولكنها لم تؤمن هذا التمويل بعد.
ويقول الدكتور ريتشارد برينان، مدير عمليات الطوارئ "في غياب التمويل، تظل كوكس بازار عملية هشة، ونحن معرّضون لضياع المكاسب الضخمة التي حققناها حتى الآن. وخطة المنظمة للاستجابة المستقبلية تتوقف تماماً على الجهات المانحة. والموارد المتوفرة لدينا كافية لإجراء العمليات حتى نهاية شهر حزيران/ يونيو، عندما سيصل موسم الأمطار إلى ذروته. ولسنا وحدنا في ذلك، فالعديد من شركائنا يعانون من سوء الظروف المالية مثلنا. ويتوجب على المجتمع الدولي أن يوجد التمويل العاجل لدعم اللاجئين وبنغلاديش المضيفة لهم في هذا الوقت الحرج."