وافقت الدول الأعضاء اليوم، في الدورة الجمعية الصحة العالمية، على اعتماد مقرر إجرائي تاريخي يرمي إلى تحسين نموذج تمويل منظمة الصحة العالمية (المنظمة).
واعتمد المقرر الإجرائي جميع توصيات الفريق العامل المعني بالتمويل المستدام الذي يتألف من الدول الأعضاء في المنظمة، والذي أنشئ في كانون الثاني/يناير 2021 ويترأسه بيورن كومل، من ألمانيا.
وفي إحدى التوصيات الرئيسية الواردة في تقرير الفريق العامل إلى جمعية الصحة، تستهدف الدول الأعضاء تطبيق زيادة تدريجية في اشتراكاتها المقدّرة (رسوم العضوية) لتمثل 50٪ من الميزانية الأساسية للمنظمة في موعد أقصاه دورة الميزانية للثنائية 2030-2031. ولم تتجاوز الاشتراكات المقدّرة نسبة 16٪ من الميزانية البرنامجية المعتمدة للثنائية 2020-2021.
ويتضمن التقرير توصيات أخرى، مثل استكشاف جدوى إنشاء آلية لتجديد الموارد من أجل توسيع قاعدة التمويل. ويطلب أيضا إلى أمانة المنظمة العمل مع فرقة عمل للدول الأعضاء معنية بتعزيز حوكمة المنظمة ستقدم توصيات بشأن الشفافية والكفاءة والمساءلة والامتثال. وسيساعد عمل فرقة العمل على ضمان إدخال المزيد من الإصلاحات على أسلوب عمل المنظمة بالاقتران مع الزيادات في الاشتراكات المقدرة للدول الأعضاء.
وقد أكد العديد من الخبراء أن نموذج التمويل الحالي للمنظمة يهدّد سلامة واستقلالية عملها. ويؤدي اعتماد المنظمة المفرط على التبرعات، مع تخصيص جزء كبير منها لمجالات عمل محددة، إلى استمرار عدم الاتساق بين الأولويات التنظيمية والقدرة على تمويلها. وتهدف التوصيات اليوم إلى معالجة أوجه القصور هذه بشكل جوهري.
ويُعتزم تطبيق الزيادة التدريجية في الاشتراكات المقدرة اعتبارا من ميزانية المنظمة للثنائية 2024-2025، بزيادة مقترحة بنسبة 20٪ عن الاشتراكات المقدرة في الميزانية الأساسية المعتمدة للثنائية 2022-2023. والهدف من ذلك هو الوصول إلى نسبة 50٪ من ميزانية المنظمة بحلول الثنائية 2028-2029 إن أمكن، وفي أجل أقصاه الثنائية 2030-2031، مقارنة بنسبة 16٪ الحالية في الثنائية 2020-2021. وهذا يعني أن المنظمة ستشهد بحلول الثنائية 2028-2029 زيادة بنحو 600 مليون دولار أمريكي سنويا في جزء من دخلها يتأتى من أكثر المصادر استدامة وقابلية للتنبؤ بها.
ومن المجدي اقتصاديا للمساهمين في المنظمة أن يكون تمويلها أكثر قابلية للتنبؤ به وأكثر استدامة، حيث تظهر دراستها الجديدة بشأن جدوى الاستثمار "عائد صحي" أن كل دولار أمريكي يُستثمر في المنظمة يحقق عائد استثمار لا يقل عن 35 دولارا أمريكيا. ومن شأن التمويل المستدام أن يحسّن قدرة المنظمة على تقديم خدماتها لجميع دولها الأعضاء وسكانها على نحو أكثر فعالية، وذلك مثلا من خلال البرمجة الطويلة الأجل في البلدان واجتذاب الخبرات واستبقائها.
وقال المدير العام للمنظمة، الدكتور تيدروس أدحانوم غيبريسوس، "يقدّم هذا المقرر الإجرائي حلا مباشرا للتحدي الذي واجهته المنظمة منذ عقود طويلة بشأن توفير تمويل يمكن التنبؤ به ومرن ومستدام. وسيعني تحقيق الغاية المتفق عليها اليوم أن دولنا الأعضاء تمكّن المنظمة من تلبية توقعاتها وأداء ولايتنا حقا بصفتنا السلطة الصحية العالمية الرائدة في العالم". وأضاف قائلا "إن هذا المقرر الإجراء الذي يتزامن مع إعادة انتخابي اليوم يمنحنا جميعا في المنظمة ثقة متجددة ونحن نواجه المستقبل".
وقال بيورن كومل، نائب رئيس قسم الصحة العالمية في وزارة الصحة الاتحادية الألمانية ورئيس الفريق العامل المعني بالتمويل المستدام التابع للمنظمة، "أهم ما يتناوله هذا المقرر الإجرائي هو دور المنظمة في مجال الصحة العالمية في المستقبل. بل إنه يتعلق حتى بما نتوخاه للهيكل الصحي العالمي: أن يكون إدارة صحية عالمية أقل تجزؤا وأفضل تنسيقا وأكثر كفاءة وشمولا بحق، وأن تكون المنظمة في صميمه معززة بشكل أساسي بوصفها السلطة الرائدة والتنسيقية الممكَّنة".