حقائق رئيسية
- الداء العليقي هو مرض مزمن مشِّوه وموهِّن من أمراض الأطفال المعدية.
- يصيب هذا المرض الجلد والعظام والغضاريف. ويُعتقد في الوقت الحالي أن الإنسان هو المستودع الوحيد لهذا المرض الذي ينتقل من شخص إلى آخر.
- يعالج الداء العليقي بجرعة فموية واحدة من مضاد حيوي رخيص يسمى أزيثروميسين.
- يوجد حالياً 15 بلداً يُعرف أنه موطون بالداء العليقي.
لمحة عامة
يندرج الداء العليقي في مجموعة من الأمراض الجرثومية المزمنة التي يُطلق عليها عادة اسم اللولبيات المتوطّنة. وتنتج هذه الأمراض عن جراثيم لولبية تنتمي إلى جنس اللولبية التي تشمل أيضاً الزهري المتوطّن (اللولبية البجلية) والبنتا. ويُعد الداء العليقي أكثر هذه الأمراض الثلاثة شيوعاً.
ويرتبط الكائن الحي المُسبّب للمرض، أي اللولبية الرقيقة وهي نوع فرعي من اللولبية الشاحبة، ارتباطاً جينياً وثيقاً بالشاحبة التي تسبب الزهري والبجل والبنتا.
ويصيب المرض أكثر ما يصيب المجتمعات المحلية الفقيرة في مناطق الغابات المدارية الدافئة والرطبة في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية والمحيط الهادئ. ويقيم معظم السكان المتضررين من المرض في مناطق ريفية بعيدة عن الخدمات الصحية. ويُسهّل الفقر وسوء الظروف الاجتماعية والاقتصادية وقلة النظافة الشخصية انتشار الداء العليقي.
نطاق المشكلة
يشكّل الأطفال دون 15 عاماً من العمر نحو80-75% من الأشخاص المصابين بالمرض. ويبلغ معدل الإصابة بالمرض ذروته بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و10 سنوات وتتساوى مستويات الإصابة بالمرض لدى الذكور والإناث. وتنتقل العدوى بملامسة الإصابات الطفيفة لدى الآخرين. وتمتلئ الآفة الأولية للداء العليقي بالجراثيم. وتصيب معظم الآفات الأطراف. وتتراوح فترة الحضانة بين 9 أيام و90 يوماً وتستمر 21 يوماً في المتوسط. وقد تسبب العدوى التشوّه والعجز المزمنين إذا لم تُعالج.
وتصنف المنظمة البلدان إلى ثلاث مجموعات وبائية.
المجموعة (أ): البلدان الموطونة بالداء حالياً
المجموعة (ب): البلدان التي كانت موطونة بالداء سابقاً، وحالتها الوبائية غير معروفة حالياً
المجموعة (ج): البلدان التي لم تسجل حالات إصابة بالداء العليقي.
وفي عام 2013، كان هناك 13 بلداً يُعرف أنه موطون بالداء العليقي. ومنذ ذلك الحين، أبلغ بلدان آخران (ليبيريا والفلبين) عن حالات مؤكدة عن طريق أنشطة الترصد المكثفة (1) وأبلغ 3 بلدان عن حالات الداء العليقي المشتبه فيها (كولومبيا وإكوادور وهايتي).
وفي عام 2021، أُبلغ عن حالة إصابة واحدة بالداء العليقي لدى طفل في الخامسة من عمره في ماليزيا، وهي أحد البلدان المسجلة في المجموعة (ب) للمنظمة، أي البلدان التي كانت موطونة بالداء سابقاً، ولكن حالتها الوبائية غير معروفة حالياً (2). ويستدعي الأمر إجراء المزيد من التحريات.
ومن بين البلدان والأقاليم التي كان من المعروف أنها موطونة بالمرض في الخمسينات من القرن الماضي، هناك ما لا يقل عن 76 بلداً في المجموعة (ب) ويلزم تقييم الوضع فيها لمعرفة ما إذا كان المرض مازال موجوداً. ويمكن إجراء ذلك بالترصد المتكامل الشامل لسائر الأمراض، ولاسيما أمراض المناطق المدارية المهملة التي تصيب الجلد.
وفي عام 2020، أُبلغت المنظمة عن 877 87 حالة إصابة مشتبه فيها بالداء العليقي من 11 بلداً، ولكن لم تؤكد منها سوى 346 حالة في 7 بلدان، وتقع غالبية الحالات في إقليم غرب المحيط الهادئ (بابوا غينيا الجديدة وجزر سليمان وفانواتو). وفي عام 2021، أُبلغ عن 866 123 حالة من 13 بلداً و1102 حالة مؤكدة من 9 بلدان. وأُبلغ عن أكثر من 80٪ من الحالات في إقليم غرب المحيط الهادئ، ولا سيما بابوا غينيا الجديدة، بيد أن معظم الحالات المبلغ عنها في هذا الإقليم لم تؤكَّد مختبرياً.
العلامات والأعراض
يظهر الداء العليقي في البداية في شكل ورم حليمي مليء بالجراثيم (ورم شبيه بالثؤلول)، ما يجعل التشخيص السريري واضحاً. ويتقرّح الورم الحليمي إذا لم يُعالج. ويصعب تشخيص المرض في شكله التقرحي إذ يتطلب ذلك التأكيد عن طريق التحليل المصلي. ويكون الورم الحليمي والقرحات شديدي العدوى ويمكن في غياب العلاج أن ينتقلا بسرعة إلى الآخرين. وللداء العليقي أشكال سريرية أخرى ولكنها أقل عدوى.
ويحدث الداء العليقي الثانوي عادة بعد أسابيع أو أشهر من الإصابة بالعدوى الأولية، ويظهر عادة في شكل آفات صفراء بارزة متعددة أو آلام وتورم في العظام الطويلة والأصابع (التهاب الإصبع).
التشخيص
تُستخدم عادة الاختبارات المصلية في المختبرات مثل اختبار تراص جسيمات اللولبية الشاحبة واختبار الرّاجنة البلازمية السريع، استخداماً واسع النطاق لتشخيص أمراض اللولبيات (مثل الزهري والداء العليقي). ولكن هذه الاختبارات لا تسمح بالتمييز بين الداء العليقي والزهري، ولذا يقتضي تفسير نتائجها لدى البالغين المقيمين في المناطق التي يتوطنها الداء العليقي إجراء التقييم السريري الدقيق. وتسبب المستدمية الدوكرية نحو 40% من القرحات التي تُشخص سريرياً على نحو خاطئ بوصفها ناتجة عن الداء العليقي.
وتتاح اختبارات التشخيص السريع للولبيات على نطاق واسع وبتكلفة زهيدة، ولكن لا يمكن لمعظمها التمييز بين العدوى السابقة والحالية، ولذا فإن فائدتها في رصد توقف انتقال العدوى محدودة. ويمكن لاختبار منصّة المسار المزدوج لمقايسة فحص الكشف عن الزهري وتأكيده (Chembio Diagnostics، الولايات المتحدة الأمريكية) أن يكشف عن العدوى السابقة والحالية. ولكن بسبب التكلفة الباهظة لهذا الاختبار، يمكن إجراء الفحص الأولي لحالات الداء العليقي المشتبه بها بواسطة اختبارات اللولبيات وتأكيد النتائج الإيجابية بواسطة اختبار المسار المزدوج. غير أن البلدان قد تختار استخدام اختبار المسار المزدوج وحده إذا لم تكن التكلفة عائقاً.
وتُستخدم تكنولوجيا تفاعل البوليميراز التسلسلي في التأكيد النهائي للإصابة بالداء العليقي عن طريق الكشف عن الحمض الريبي النووي المنزوع الأوكسجين في آفات الجلد. ويمكن استخدامها أيضاً في رصد مقاومة الأزيثروميسين. ويفيد ذلك بعد إعطاء العلاج على نطاق جماهيري وعند إجراء الترصد في مرحلة ما بعد التخلص من المرض.
العلاج والرعاية
يمكن استخدام أحد المضادين الحيويين الأزيثروميسين والبنزاتين بنسلين في علاج الداء العليقي، على النحو التالي:
- يُعد الأزيثروميسين (جرعة فموية واحدة) بمعدل 30 مليغراماً لكل كيلوغرام (بحد أقصى غرامين) الخيار المفضل.
- يمكن استخدام البنزاتين بنسلين (جرعة واحدة في العضل) بمعدل 0,6 مليون وحدة (لدى الأطفال دون سن 10 سنوات) و1,2 مليون وحدة (للأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 10 سنوات) لدى المرضى الذين يُشتبه في عدم نجاح علاجهم السريري بالأزيثروميسين، أو الذين لا يمكن علاجهم بالأزيثروميسين.
وينبغي إعادة فحص المرضى بعد مضي 4 أسابيع على علاجهم بالمضادات الحيوية. وسيُلاحظ الشفاء التام في أكثر من 95% من الحالات. وينبغي لأي شخص يُفترض أن علاجه قد فشل أن يخضع لاختبار مقاومة الماكروليد وأن يُعالج بالبنزاتين بنسلين.
الوقاية من المرض ومكافحته
لا يوجد لقاح مضاد للداء العليقي. ويعد التثقيف الصحي وتحسين النظافة الشخصية من العناصر الضرورية للحد من انتقاله. وينبغي لمخالطي المرضى المصابين بالداء العليقي أن يتلقوا العلاج التجريبي.
ويتمثل النهج المتّبع لاستئصال المرض في العلاج على نطاق جماهيري (أي العلاج المجتمعي الكامل)، الذي يُعطى فيها الأزيثروميسين الفموي (30 ملغ/ كغ، بحد أقصى 2 غ) للمجموعات السكانية بأكملها (التغطية بنسبة 90% على الأقل) في المناطق التي يُعرف أنها موطونة بالداء العليقي.
وتتمثل المعايير الثلاثة لاستئصال الداء العليقي فيما يلي:
- انعدام حالات جديدة محلية المنشأ مؤكدة مصلياً لمدة 3 سنوات متتالية؛
- انعدام الحالات المؤكدة باختبار تفاعل البوليميراز التسلسلي؛
- انعدام البيّنات الدالة على انتقال العدوى لمدى 3 سنوات متتالية، والذي يُقاس عن طريق المسوح المصلية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنة واحدة و5 سنوات.
التقدم المُحرز
في عام 2020، وفي إطار الاتفاق بين منظمة الصحة العالمية وشركة المستحضرات الصيدلانية لمجموعة إي إم إس (البرازيل)، أُرسل 1,4 مليون قرص أزيثروميسين إلى الكاميرون من أجل العلاج على نطاق واسع (الإعطاء الجماعي للدواء).
وبين عامي 2021 و 2023، ستوفر شركة إي إم إس 9 ملايين قرص لدعم الإعطاء الجماعي للدواء في العديد من البلدان، بما في ذلك الكاميرون، وجمهورية أفريقيا الوسطى، والكونغو، وبابوا غينيا الجديدة، وجزر سليمان، وفانواتو. وستتلقى البلدان الموطونة الأخرى الأزيثروميسين لإجراء الترصد النشيط.
وفي مجال البحوث، أكدت دراسة أجريت مؤخراً في بابوا غينيا الجديدة (3) أن الإعطاء الجماعي لدواء الأزيتروميسين على 3 جولات بفاصل مدته ستة أشهر، يحدّ بشكل كبير من تفشي عدوى الداء العليقي الناشط والكامن، مقارنةً بجولة واحدة من الدواء. وتبعث هذه النتائج الأمل في أن يؤدي هذا العلاج مقترناً بالترصد الفاعل إلى الكشف عن الحالات وعلاجها في الفترة الفاصلة بين جولات العلاج الجماعي إلى وقف انتقال العدوى مبكراً.
ويُعد ظهور سلالات مقاومة للازيثروميسين نادراً للغاية ولكنه يمثل خطراً محتملاً. ويلزم إجراء الرصد السريري الوثيق للحالات والترصد البيولوجي. وقد وُجد أن دواء لينِزوليد - وهو أوكسازوليدينون منخفض التكلفة - له نشاط مضاد للولبية الشاحبة في المختبر وفي الجسم الحي، وتُجرى البحوث السريرية لتقييم مدى فعاليته عند استعماله علاجاً بديلاً للداء العليقي المقاوم للماكروليد.
وتدعم شراكة البلدان الأوروبية والبلدان النامية في مجال التجارب السريرية تقييم التضخيم المتساوي الحرارة بوساطة الحلقة في الكاميرون وكوت ديفوار وغانا، للكشف عن اللولبية وعن مقاومة الأزيثروميسين. وستدعم حصائل هذه الدراسة التوسّع في جهود استئصال الداء العليقي.
استجابة المنظمة
يتضمن عمل المنظمة في مجال مكافحة الداء العليقي ما يلي:
- وضع استراتيجية لتوجيه البلدان في تخطيط أنشطة استئصال الداء العليقي وتنفيذها؛
- إعداد المواد التدريبية لمساعدة العاملين الصحيين والمتطوعين المجتمعيين على التعرّف على المرض؛
- دعم البلدان عن طريق التبرعات التي نجحت المنظمة في جمعها والتي تتمثل في 153 مليون قرص أزيثروميسين؛
- إعداد الأدوات الموحّدة لتوجيه عمليات جمع البيانات والإبلاغ عنها؛
- تعزيز التعاون والتنسيق بين الشركاء وأصحاب المصلحة؛
- الدعوة وإبرام الشراكات.
وتوصي المنظمة بدمج أنشطة استئصال الداء العليقي في البرامج الخاصة بأمراض المناطق المدارية المهملة (الخاصة بالإعطاء الجماعي للأدوية) وأمراض المناطق المدارية المهملة التي تصيب الجلد (الترصد النشيط). وفي هذا الصدد، نشرت المنظمة في حزيران/ يونيو 2022 إطاراً بشأن المكافحة المتكاملة للأمراض المدارية المهملة التي تصيب الجلد، لكي تسترشد به البلدان.
المراجع:
1. Yaws in the Philippines: first reported cases since the 1970s. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC6990502/
2. Yaws: The forgotten tropical skin disease. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC8680937/
3. Trial of Three Rounds of Mass Azithromycin Administration for Yaws Eradication. https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/34986286/