صادقت منظمة الصحة العالمية على تخلص موريتانيا من التراخوما بوصفها مشكلة صحية عامة، لتصبح موريتانيا بذلك البلد السابع في الإقليم الأفريقي التابع للمنظمة الذي يحقّق هذا الهدف المرحلي المهم. وتَسلَّم شهادة المصادقة معالي وزير الصحة عبد الله سيدي محمد وديع وعائشة فال فيرغيس سفيرة موريتانيا في سويسرا، أثناء انعقاد الدورة الثامنة والسبعين لجمعية الصحة العالمية.
وقال الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام للمنظمة: "أهنئ حكومة موريتانيا وشعبها على هذا الإنجاز. ويُعد هذا مثالاً آخر على التقدم المدهش الذي أحرزناه في مكافحة أمراض المناطق المدارية المهملة، يعطي الأمل للعديد من الدول الأخرى التي مازالت تكافح التراخوما في أنها قادرة أيضاً على التخلص من هذا المرض."
ولموريتانيا تاريخ طويل من مكافحة التراخوما يعود إلى ستينيات القرن الماضي. ولكن البلد لم يُجرِ مسوحاً وبائية على مستوى السكان لرسم خريطة التراخوما إلا في بداية عام 2000 بدعم من منظمة الوقاية من العمى ومعهد طب العيون الاستوائي في أفريقيا ومنظمة الصحة العالمية. وقد أُدرجت أنشطة مكافحة التراخوما في البرنامج الوطني لمكافحة العمى التابع لوزارة الصحة.
ونفّذت موريتانيا استراتيجية "الجراحة والمضادات الحيوية ونظافة الوجه وتحسين البيئة" (SAFE) التي أوصت بها المنظمة من أجل التخلص من التراخوما بدعم من الشركاء. وشملت هذه الأنشطة إجراء الجراحة لعلاج مراحل المرض المتأخرة المُسبّبة للعمى، والعلاج الجموعي بالمضادات الحيوية باستعمال الأزيثروميسين الذي تبرّعت به شركة فايزر من خلال المبادرة الدولية لمكافحة التراخوما، وتنفيذ حملات إذكاء الوعي العام لتعزيز نظافة الوجه والنظافة الشخصية، فضلاً عن تحسين إتاحة إمدادات المياه وخدمات الصرف الصحي.
وقالت الدكتورة شارلوت فاتي إنديايي، ممثلة منظمة الصحة العالمية في موريتانيا: "إن التخلص من التراخوما هو انتصار تاريخي للصحة العامة في موريتانيا. ويجسِّد هذا النجاح قوة القيادة والالتزام من جانب الحكومة التي دعمها في ذلك تفاني العاملين الصحيين والمجتمعات المحلية والشركاء، وتوجيه المنظمة ودعمها. وسوف نظل متيقظين وندعم البلاد للحفاظ على هذا النجاح وحماية الأشخاص الأشد تعرّضاً لمخاطر التراخوما".
وتُعد التراخوما المرض الاستوائي المهمل الثاني الذي تتخلص منه موريتانيا. فقد صدر الإشهاد بالفعل في عام 2009 على خلوها من انتقال داء الحييات (داء الدودة الغينية). وعلى الصعيد العالمي، تنضم موريتانيا إلى 21 بلداً آخر صادقت المنظمة على تخلصها من التراخوما بوصفها مشكلة صحية عامة. وهذه البلدان هي بنين وكمبوديا والصين وغانا والهند والعراق وجمهورية إيران الإسلامية وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية وملاوي ومالي والمكسيك والمغرب وميانمار ونيبال وعمان وباكستان والمملكة العربية السعودية وغامبيا وتوغو وفانواتو وفييت نام. وتنتمي هذه البلدان إلى مجموعة أوسع تضم 55 بلداً قضى على مرض أو أكثر من أمراض المناطق المدارية المهملة.
وتدعم المنظمة السلطات الصحية في موريتانيا في رصد المجتمعات المحلية التي كانت التراخوما تتوطنها في الماضي رصداً وثيقاً، لضمان عدم عودة المرض إلى الانتشار.
معدلات انتشار المرض
في نيسان/ أبريل 2024، تظل التراخوما مشكلة صحية عامة في 37 بلداً، ويعيش ما يقدّر بنحو 103 ملايين شخص في مناطق تتطلب تدخلات ضد المرض. وتوجد التراخوما في المقام الأول في المناطق الريفية الأشد فقراً في أفريقيا وأمريكا الوسطى والجنوبية وآسيا وغرب المحيط الهادئ والشرق الأوسط. ويتضرّر الإقليم الأفريقي على نحو غير متناسب من التراخوما، حيث يعيش 93 مليون شخص من سكانه في مناطق معرّضة للمخاطر، في نيسان 2024، ويشكّل ذلك 90% من العبء العالمي للتراخوما.
وقد أُحرز تقدم كبير في مكافحة التراخوما على مدى السنوات القليلة الماضية، وانخفض عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى علاج التراخوما بالمضادات الحيوية في الإقليم الأفريقي بمقدار 96 مليون شخص، من 189 مليون شخص في عام 2014 إلى 93 مليون شخص في نيسان/ أبريل 2024، ويمثل ذلك انخفاضاً بنسبة 51٪.
وبعد النجاح الذي حققته موريتانيا، هناك الآن 20 بلداً في الإقليم الأفريقي التابع للمنظمة يستهدف التخلص من التراخوما.
ملاحظة للمحررين
التراخوما مرض مداري مهمل. وينتج المرض عن عدوى جرثومة المتدثرة الحثرية، التي تنتقل من شخص إلى آخر عن طريق الأصابع والأدوات الملوّثة والذباب الذي لامس إفرازات عيني شخص مصاب أو أنفه. وتشمل عوامل الخطر البيئية لانتقال التراخوما عدم النظافة الصحية، واكتظاظ المنازل، وعدم إتاحة المياه أو خدمات الصرف الصحي إتاحة كافية.
ويُعرَّف التخلص من التراخوما بوصفها مشكلة صحية عامة، بأنه: (1) انتشار انحراف الأهداب التراخومي "غير المعروف للنظام الصحي" بنسبة تقل عن 0,2% بين البالغين 15 عاماً من العمر أو أكثر (حالة واحدة تقريباً لكل 1000 نسمة من مجموع السكان)، (2) وانتشار الالتهاب التراخومي الجريبي بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عام واحد و9 أعوام بنسبة تقل عن 5%، واستمرار ذلك لمدة عامين على الأقل في غياب العلاج الجموعي المستمر بالمضادات الحيوية في كل واحدة من المناطق التي كانت موطونة بالمرض في الماضي؛ فضلاً عن، (3) وجود نظام قادر على تحديد حالات انحراف الأهداب التراخومي وتدبيرها علاجياً باستخدام استراتيجيات محدّدة، مع وجود بيّنات تشير إلى توافر الموارد المالية اللازمة لتنفيذ تلك الاستراتيجيات.
وللقضاء على التراخوما بوصفها مشكلة صحية عامة، توصي المنظمة باتّباع استراتيجية SAFE: نهج شامل للحد من انتقال الكائن المسبب للمرض وشفاء حالات العدوى الموجودة ومعالجة آثارها.
وتحدّد خريطة الطريق بشأن أمراض المناطق المدارية المهملة 2021-2030 غايات للوقاية من 20 مرضاً ومجموعة من الأمراض ومكافحتها والتخلص منها أو استئصالها. ومن شأن التقدم في مكافحة التراخوما وغيرها من أمراض المناطق المدارية المهملة أن يخفف من العبء البشري والاقتصادي الذي تفرضه على المجتمعات الأشد حرماناً في العالم.