تشير التقديرات على الصعيد العالمي إلى أن شخصاً واحداً فقط يحصل على الرعاية الملطّفة من أصل كل 10 أشخاص يحتاجون إليها، وسيستمر الطلب العالمي على الرعاية اللازمة للأشخاص المصابين بأمراض تهدد حياتهم في الزيادة مع تقدم السكان في السن وزيادة عبء الأمراض غير السارية. ومن المتوقع بحلول عام 2060 أن تزداد الحاجة إلى الرعاية الملطّفة إلى الضعف تقريباً.
ولذلك، يحتاج العالم إلى إجراءات عاجلة ومتضافرة لزيادة إتاحة خدمات الرعاية الملطّفة الجيدة. وتلبيةً لهذه الحاجة، فإن منظمة الصحة العالمية (المنظمة) ستطلق إصدارين جديدين لدعم البلدان في تقييم مدى تطور الرعاية الملطّفة وتحسين نوعية خدمات الرعاية الملطّفة.
وسيصدر المطبوعان قبل حلول اليوم العالمي للرعاية في مرحلة الاحتضار والرعاية الملطّفة الموافق ليوم 9 تشرين الأول/ أكتوبر 2021.
ويشمل الإصداران تقريراً تقنياً صادراً عن المنظمة يتضمن مجموعة مؤشرات متينة وقابلة للتطبيق عالمياً بشأن الرعاية الملطّفة لفائدة البلدان. ويمكن استخدام هذه المؤشرات لتقييم ورصد معدلات تقديم خدمات الرعاية الملطّفة في جميع بلدان العالم. والهدف من التقرير هو التوصّل إلى توافق عالمي في الآراء بشأن مؤشرات لقياس مدى تطور الرعاية الملطّفة، وسيُستفاد منه في توفير بيانات موثوقة لدعم عملية صنع القرار عن طريق توجيه الأولويات الصحية وتخصيص الموارد.
أما الإصدار الثاني فهو موجز تقني بشأن الخدمات الصحية والرعاية الملطّفة الجيدة، وهو يلقي نظرة على النُهج والموارد العملية اللازمة لدعم السياسات والاستراتيجيات والممارسات. وسيوجّه الموجز الإجراءات المتخذة على صعيد البلد والمحافظات ونقاط الرعاية لتحسين نوعية خدمات الرعاية الملطّفة.
وحتى الآن، يجري رصد مدى توافر خدمات الرعاية الملطّفة ونضجها عن طريق تقييم معدلات استهلاك المسكنات الأفيونية. ورغم أن المواد الأفيونية ضرورية لتخفيف الألم، فإنها عنصر واحد لا غير من العناصر اللازمة لتطوير خدمات الرعاية الملطّفة المثلى.
وعلى الصعيد العالمي، يؤدي تنسيق البيانات بين البلدان كافّة إلى رسم صورة أوضح للاحتياجات والتحديات العالمية في مجال تقديم الرعاية الملطّفة، مثل عدم الإنصاف. كما يمثل القياس نقطة انطلاق لتمييز قصص النجاح والتعلم من خبرات البلدان في إعداد استراتيجيات تحسين فعالة لتطبيقها في مواضع أخرى. وستساعد هذه المؤشرات جميع العاملين في ميدان الرعاية الملطّفة على تحديد خطوات ملموسة يمكن أن تنظر فيها البلدان لتوسيع نطاق إتاحة الرعاية الملطّفة الجيدة لمن يحتاجها.
ولا يواكب توفير الرعاية الملطّفة في معظم البلدان حجم الاحتياجات إلى هذه الخدمات الأساسية. وتشير التقديرات إلى أنه يوجد سنوياً أكثر من 56.8 مليون شخص، منهم 25.7 مليون شخص في السنة الأخيرة من عمرهم، ممّن تلزمهم الرعاية الملطّفة، علماً أن نسبة 78% منهم يعيشون في بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
وقد أبرزت جائحة كوفيد-19 الحاجة إلى الرعاية الملطّفة في جميع الأماكن والبيئات لتخفيف المعاناة في نهاية العمر، مثل المعاناة الجسدية الناجمة عن ضيق التنفس أو الألم النفسي الذي يخلّفه فراق الأحبة. وتذكّرنا الجائحة أيضاً بضرورة حصول جميع المهنيين الصحيين على بعض التدريب على نهج تقديم الرعاية الملطّفة: لأن الطلب على الخدمات الملطّفة يفوق قدرة الفرق المتخصصة على تقديمها لوحدها.
وتحسّن الرعاية الملطّفة حياة المرضى وأسرهم الذين يواجهون تحديات مرتبطة بأمراض تهدد الحياة ومعاناة جسيمة مرتبطة بمشاكل صحية، بما يشمل على سبيل المثال لا الحصر، الرعاية المقدمة في نهاية العمر. ويتطلب تقديم الرعاية الملطّفة المثلى في البلدان ما يلي: تهيئة بيئة سياساتية داعمة، وتمكين المجتمعات المحلية، وإجراء بحوث في مجال الرعاية الملطّفة، وإتاحة أدوية الرعاية الملطّفة الأساسية، وتعزيز نظم تثقيف وتدريب العاملين والمهنيين في ميدان الرعاية الملطّفة، والاهتمام بجودة خدمات الرعاية الملطّفة. والرعاية الملطّفة حق من حقوق الإنسان وضرورة أخلاقية بالنسبة إلى جميع النظم الصحية.