نقحت منظمة الصحة العالمية (المنظمة) إرشاداتها بشأن استعمال وسائل منع الحمل لتجسد فيها بينات جديدة تثبت أن بإمكان النساء المعرضات لخطر الإصابة بفيروس العوز المناعي البشري أن يستعملن أي واحدة من وسائل منع الحمل المؤقتة مهما كان شكلها، بما فيها علاج البروجستيرون المأخوذ عن طريق الحقن حصراً والغرسات ووسائل منع الحمل المزروعة في الرحم من دون أن يتعاظم خطر تعرضهن للإصابة بعدوى الفيروس.
ولكن نظراً إلى أن وسائل منع الحمل هذه لا تحمي من الإصابة بعدوى فيروس العوز المناعي البشري ولا من غيره من الأمراض المنقولة جنسياً، فإن المبادئ التوجيهية تشدّد على أنه ينبغي أن يُواظب على استعمال الواقي الذكري بشكل صحيح في حالات التعرض لخطر الإصابة بعدوى الأمراض المنقولة جنسياً، بما فيها فيروس العوز المناعي البشري. وتوصي المنظمة أيضاً بالنظر في توفير العلاج الوقائي السابق للتعرض لهذا الفيروس في المواضع التي تزيد فيها نسبة الإصابة بعدواه على 3%، حسب الاقتضاء.
وتطبق المبادئ التوجيهية المحدثة والصادرة عن المنظمة استعراضاً شاملاً لأحدث البينات العلمية، وتشدد على أنه ينبغي أن تُتاح أمام النساء كامل طائفة وسائل منع الحمل الحديثة حتى يتمكّن من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الخيارات المتاحة لهن من وسائل منع الحمل وصون صحتهن الجنسية.
وتحدث الدكتور بيتر سلامة المدير التنفيذي لإدارة التغطية الصحية الشاملة/ صون الصحة طوال العمر في المنظمة قائلاً: "تثبت البينات أن خطر إصابة النساء بعدوى فيروس العوز المناعي البشري ينبغي ألا يفرض قيوداً على خياراتهن من وسائل منع الحمل، ولابد من إتاحة طائفة واسعة من هذه الخيارات أمامهن جميعاً، فضلاً عن إتاحة سبل الوقاية من الإصابة بعدوى الفيروس وعلاجه، إذا لزم الأمر".
وما التوصيات المحدثة الواردة في المبادئ التوجيهية الصادرة عن المنظمة تحت عنوان المعايير المتعلقة بالأهلية الطبية لاستعمال وسائل منع الحمل، إلا توصيات منبثقة عن استعراض لأحدث البينات أجراه الفريق المستقل المعني بوضع المبادئ التوجيهية عقب دعوته إلى الاجتماع لتزويد المنظمة بالمعلومات. وأجرى هذا الفريق تقييماً لجميع ما نُشِر منذ إجراء الاستعراض السابق المنشور في عام 2016 من بينات بشأن وسائل منع الحمل الهرمونية وخطر الإصابة بعدوى فيروس العوز المناعي البشري، وذلك جنباً إلى جنب مع إجرائه لاستعراض منهجي لكل البينات المنشورة عن اللوالب النحاسية المتصالبة الشكل وخطر الإصابة بعدوى الفيروس المذكور.
وتؤثر التوصيات العالمية تأثيراً خاصاً على أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى التي ترتفع فيها إلى أقصاها معدلات انتقال عدوى فيروس العوز المناعي البشري، وإن كانت تؤثر أيضاً على بعض التحديات التي هي من أكبر التحديات المواجهة في مجال ضمان إتاحة كامل طائفة خيارات منع الحمل أمام النساء، علماً بأن إتاحة وسائل منع الحمل الحديثة محدودة حالياً أمام ربع النساء اللائي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 سنة بأفريقيا (24%) ممّن يرغبن في تأخير الحمل أو منعه.
معلومات عن البيّنات المُستعرضة
تستند البينات الجديدة بشكل كبير إلى نتائج مستمدة من تجربة عن الحصائل المتعلقة بخيارات منع الحمل وخطر الإصابة بعدوى فيروس العوز المناعي البشري (أو تجرية ECHO) - وهي تجربة سريرية عشوائية أثبتت عدم وجود أية اختلافات إحصائية كبيرة في معدلات الإصابة بعدوى هذا الفيروس فيما بين النساء اللائي يستعملن مدخر خلات الميدروكسي بروجستيرون أو اللوالب النحاسية أو غرسات الليفونورجيستريل. وتنسخ هذه البينات الجديدة والعالية الجودة البينات التي تتراوح جودتها بين المتدنية وتلك المنتمية إلى الفئة الدنيا من الجودة المتوسطة والمستمدة من دراسات رصدية أُتِيحت في السابق لكي تستنير بها المنظمة في وضع إرشاداتها.
تعزيز الوقاية من الأمراض المنقولة جنسياً في إطار إيتاء خدمات منع الحمل
كشفت تجربة ECHO - التي أجريت عبر أنحاء المجتمعات ككل الموجودة في كل من إسواتيني وكينيا وجنوب أفريقيا وزامبيا والتي تُوقع أن ترتفع بين صفوفها معدلات انتشار فيروس العوز المناعي البشري – النقاب أيضاً عن ارتفاع كبير يثير الانشغال في معدلات الإصابة بعدوى هذا الفيروس وبغيره من الأمراض المنقولة جنسياً بين صفوف النساء اللاتي يسعين إلى الحصول على خدمات منع الحمل، وخصوصاً النساء الأصغر سناً وبغض النظر عن استعمالهن لأي واحدة من وسائل منع الحمل الثلاث المبينة في التجربة المذكورة.
وتحدثت الدكتورة فيليسيتاس زوايرا مديرة إدارة شؤون تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية بإقليم المنظمة الأفريقي قائلة: "ثمة حاجة واضحة إلى ضمان أن تتاح أمام النساء الأفريقيات خدمات عالية الجودة في مجال الوقاية من فيروس العوز المناعي البشري والأمراض المنقولة جنسياً واختبارات الكشف عنها، جنباً إلى جنب مع توفير طائفة واسعة من خيارات منع الحمل التي تناسب قيمهن وتفضيلاتهن وآرائهن واهتماماتهن. وقد تشمل هذه الخدمات بالمواضع التي ترتفع فيها معدلات انتشار فيروس العوز المناعي البشري ممارسات الترويج لاستعمال الواقي الذكري وتوفير الوقاية السابقة للتعرض للفيروس، فضلاً عن ربطها بالأدوية المضادة للفيروسات القهقرية بالنسبة إلى من يثبت الفحص أنه حامل لعدوى الفيروس واختبار العشراء.
وستعمل المنظمة على دعم تنفيذ هذه التوصيات المحدثة بالتعاون مع وزارات الصحة وسائر المنظمات التي تقدم خدمات منع الحمل ومكافحة الأمراض المنقولة جنسياً/ فيروس العوز المناعي البشري وفئات المجتمع المدني، بما فيها منظمات الشباب. وقد شكلت المنظمة فريقاً استشارياً من المتعايشات مع فيروس العوز المناعي البشري ضماناً لإسماع آرائهن ومراعاتها بأنحاء المنظمة ككل فيما يتعلق بفيروس العوز المناعي البشري والصحة والحقوق الجنسية والإنجابية.
ملاحظات
واظبت المبادئ التوجيهية الصادرة في إطار المعايير المتعلقة بالأهلية الطبية لاستعمال وسائل منع الحمل منذ عام 1996 على تطبيق مقياس مؤلف من أربع فئات لبيان أهلية المرأة من الناحية الطبية لاستعمال كل واحدة من وسائل منع الحمل في ظل معاناتها من حالات أو مخاطر صحية معينة (مثل النساء المعرضات لخطر الإصابة بفيروس العوز المناعي البشري). وفيما يخص كل حالة أو سمة، فإن وسائل منع الحمل تُدرج في واحدة من الفئات الأربع المرقمة على النحو التالي:
1- حالة لا تُفرض فيها قيود على استعمال وسيلة منع الحمل
2- حالة تفوق فيها عموماً فوائد استعمال وسيلة منع الحمل المخاطر النظرية أو تلك المثبتة المترتبة على استعمالها، ولكن قد يلزم المزيد من الاهتمام والمشورة عند اختيار هذه الوسيلة
3- حالة تفوق فيها عادة المخاطر النظرية أو المثبتة المترتبة على استعمال وسيلة منع الحمل فوائد استعمالها
4- حالة تمثل خطراً صحياً غير مقبول إذا ما استُعملت فيها وسيلة منع الحمل.
وبناءً على ما أُتيح في ذلك الوقت من بينات تتراوح جودتها بين المتدنية وتلك المنتمية إلى الفئة الدنيا من الجودة المتوسطة، فقد أُدرجت في عام 2016 وسيلة منع الحمل بواسطة البروجستيرون المأخوذ عن طريق الحقن حصراً في الفئة 2 بالاقتران مع التوصية بزيادة الاهتمام بالنساء المعرضات لخطر الإصابة بفيروس العوز المناعي البشري. ويُقصد باستعراض الفئة 1 هذا أنه ما عادت هناك بينات طبية كافية تثبت أن وسيلة منع الحمل هذه تخلف آثاراً سلبية على صحة النساء المعرضات لخطر الإصابة بعدوى الفيروس المذكور.