EPA/M. Guzman
© الصورة

عمل الأمم المتحدة كهيئة واحدة من أجل التصدي للأسباب البيئية الجذرية التي تقف وراء اعتلال الصحة

3 كانون الثاني/يناير 2017

الدكتورة مارغريت تشان، المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية إريك سولهايم، المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة،و بيتري تالاس، الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية
ثمّة أسباب قاهرة عديدة تبرّر حاجتنا إلى تنظيف البيئة العالمية، ومن أكثرها إلحاحاً حصاد الأرواح الناجم عن تلوّث البيئة. ويموت سنوياً 12.6 مليون شخص تقريباً من جراء الإصابة بأمراض تسبّبها أخطار بيئية، مثل تلوّث الهواء أو الماء أو التربة، وتغيّر المناخ،1 أي بمعدّل وفاة واحدة من كل أربع وفيات تقع في أنحاء العالم أجمع1.

ونحن نعلم الآن أن الخطر البيئي الأكبر والوحيد المحدّق بصحة الإنسان يكمن في حاجتنا الأساسية إلى الهواء الذي نتنفسه.1 وقد سعت الحكومات جاهدةً على مر السنين إلى تحسين سبل إتاحة الطاقة كيما يتسنى لها أن تعزّز التنمية الاقتصادية، على أن السبيل غير المستدام إلى حد كبير الذي اتبعه العالم في الحصول على الطاقة كبّده تكاليف غير مقبولة. ويتسبب تلوّث الهواء الناجم بشكل كبير عن إنتاج الطاقة واستعمالها في إصابة السكان بأمراض القلب والرئة والسرطان، ويودي سنوياً بحياة 6.5 مليون شخص منهم تقريباً.2

كما تؤدي مصادر الطاقة المسبّبة لتحرير ملوثات الهواء القاتلة مثل الكربون الأسود، إلى إطلاق غازات الدفيئة، ومنها غاز الميثان وثاني أوكسيد الكربون التي تسبب مجتمعةً تغيّر المناخ الذي يهدّد بتقويض جميع الظروف البيئية التي تتوقف أرواح البشر عليها – وهي الغذاء والماء والمأوى.3

نحن نعرف الآن أن أكبر المخاطر البيئية على صحة الإنسان هو حاجتنا الأكثر أساسية - الهواء الذي نتنفسه
- الدكتورة مارغريت تشان، المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية، وإريك سولهايم، المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وبيتري تالاس، الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية

المناطق الحضرية والصحة البيئية

وبحلول عام 2050، ستعيش نسبة 66% من سكان العالم في المناطق الحضرية التي تغلب عليها صفة التلوّث، فضلاً عن حركة المرور الكثيفة ورداءة السكن ومحدودية إتاحة خدمات المياه والإصحاح وغيرها من المخاطر الصحية فيها.4

والمخاطر البيئية المحدقة بالصحة، شأنها شأن العديد من التحديات التي يجابهها عالمنا، هي مخاطر غاية في التعقيد والترابط فيما بينها بحيث يصعب التعامل معها بواسطة حلول مبسّطة وقصيرة الأجل أو من جانب فرادى الجهات الفاعلة. وهذا هو السبب الذي يقف وراء الأهمية الكبرى التي تكتسيها خطة التنمية المستدامة لعام 2030 التي اعتمدتها البلدان كافة، وهي أول خطة تنمية عالمية يشهدها العالم أكثر من أي وقت مضى لأنها تتيح فرصة فريدة من نوعها أمام جميع أفراد المجتمع لإنجاز عمل متماسك وطويل الأجل لصالح فئات المجتمع ككل.5

وتعكف الآن حكومات كثيرة على الجمع معاً بين العديد من الوزارات والإدارات لكي تشترك في اتخاذ الإجراءات، بوسائل منها مثلاً إقامة صلات بين قطاعات كل من البيئة والمناخ والصحة. وقد شهدنا ذلك مؤخراً في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ عندما لبّى فيه وزراء الصحة والبيئة نداءً وجّهته حكومة المغرب بصدد التوقيع على إعلان مراكش الوزاري بشأن الصحة والبيئة وتغيّر المناخ.6 ويسلّم هذا الإعلان بأنه لا يوجد حالياً أية آلية عالمية تجمع بين قطاعي البيئة والصحة لكي يعملا معاً على إنقاذ الأرواح وحماية كوكب الأرض، ويناشد وكالات الأمم المتحدة المعنية أن تضع تلك الآلية موضع التنفيذ.6 

والتحدي المُواجه الآن هو أن يُتبَعَ ذاك الإعلان باتخاذ الإجراءات اللازمة.

وسيفضي تنفيذ تدخلات بسيطة، من قبيل تقليل انبعاثات عوادم المركبات وتوظيف الاستثمارات في نظم النقل السريع، إلى إنقاذ الأرواح. والتزمت بنن وكوت ديفوار وغانا ونيجيريا وتوغو بأن تستهل بحلول شهر تموز/ يوليو 2017 استعمال الوقود الحاوي على كميات منخفضة من الكبريت، فيما تُزمع أثينا ومدريد ومكسيكو سيتي وباريس حظر استعمال المركبات التي تعمل بوقود الديزل بحلول عام 2025.7 وقد يؤدي تنفيذ تدخلات مُجرّبة لمعالجة ملوثات المناخ القصيرة الأجل إلى إنقاذ اكثر من 2.4 مليون روح سنوياً، وإلى تقليل أثر الاحترار العالمي بمعدل 0.5 درجة مئوية تقريباً بحلول عام 2050، وستفوق كثيراً الفوائد المجنية من تنفيذ تلك التدخلات تكاليف تنفيذها في العديد من الحالات.

وتشير التقديرات إلى أن عدم مراعاة الآثار الصحية الناجمة عن تلوث الهواء والأضرار البيئية الأخرى سيسفر عن تقديم إعانات مبلغها 5.3 تريليون دولار أمريكي للحصول على الطاقة من مصادر ملوِّثة للبيئة.8 ولا يترتّب على العجز عن حماية السكان من المخاطر البيئية تكلفة يتكبّدها الإنسان فحسب، بل يسلّط ضغطاً إضافياً على الخدمات الصحية. والتكاليف المرتبطة بالخدمات الصحية هي من بين أثقل الأعباء المالية التي ترزح الحكومات والأفراد تحت وطأتها.

ومثلما هو الحال تماماً مع المصلحة الفردية وتلك الجماعية التي يحقّقها على حد سواء عمل البلدان والوزارات معاً من أجل معالجة المشاكل المعقدة، فإن من الضروري أن تحرص جميع وكالات الأمم المتحدة على زيادة توثيق عرى عملها معاً من أجل تقديم الدعم اللازم لتلك البلدان والوزارات.

إعلان مراكش 

ويواظب برنامج الأمم المتحدة للبيئة والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية ومنظمة الصحة العالمية على العمل معاً من أجل دعم البلدان على متابعة الأهداف المُحدّدة في إعلان مراكش. ونحن ملتزمون بضم مواردنا التقنية والمالية وراء خطة واحدة بشأن البيئة والصحة، وسيكون تلوّث الهواء أولى أولوياتنا بسبب ما يخلّفه من آثار صحية جسيمة، فضلاً عن الصلات الوثيقة التي تربطه بمخاطر أخرى، مثل تغيّر المناخ والتلوّث الكيميائي.

وسيعمل كلّ واحد منّا على عرض ثروته من الخبرات، سواء في مجال المناخ أم الصحة أم البيئة. وستقوم المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، من خلال الوكالات الوطنية للأرصاد الجوية وشبكتها الخاصة بالمحطات الأرضية ومحطات الاستشعار عن بعد، بتقديم البيانات الأساسية عن الظروف المتعلقة بالمناخ ونوعية الهواء، وبتسهيل عملية إيتاء الخدمات فيما يتعلق بالطقس والمناخ، بينما سيعمل برنامج الأمم المتحدة للبيئة مع وزارات البيئة في الدول الأعضاء ومع سائر الجهات الرئيسية الأخرى المعنية برسم السياسات على مد يد العون في منع التدهور البيئي وعكس اتجاهه، وتزويد الأفراد والمجتمعات بالدعم في نهاية المطاف. أما منظمة الصحة العالمية، فإنها ستتعاون مع وزارات الصحة الوطنية في رصد وتقييم حالات التعرض للمخاطر الصحية وآثارها على الصحة، وستقدم إرشادات بشأن كيفية الحد منها.

وبحلول شهر حزيران/ يونيو 2017، ستضع وكالاتنا خطة مشتركة وستسعى إلى توسيع نطاق إشراك وكالات وأوساط علمية وبيئية وصحية أخرى فيها عموماً. وعلى حد تعبير المثل الأفريقي "إن كنت تريد أن تمضي بسرعة فأذهب لوحدك، وإن كنت تريد أن تذهب بعيداً فأذهب برفقة الآخرين."


المراجع

  1. Prüss-Ustün A, Wolf J, Corvalán C, Neira M, editors. Preventing disease through healthy environments. A global assessment of the burden of disease from environmental risks. Geneva: World Health Organization; 2016. Available from: http://apps.who.int/iris/bitstream/10665/204585/1/9789241565196_eng.pdf?ua=1 [cited 2016 Dec 5].
  2. Ambient air pollution: A global assessment of exposure and burden of disease. Geneva: World Health Organization; 2016. Available from: http://www.who.int/iris/bitstream/10665/250141/1/9789241511353-eng.pdf?ua=1 [cited 2016 Dec 5].
  3. Reducing global health risks through mitigation of short-lived climate pollutants. Scoping report for policy-makers. Geneva: World Health Organization; 2015. Available from: http://apps.who.int/iris/bitstream/10665/189524/1/9789241565080_eng.pdf?ua=1 [cited 2016 Dec 5].
  4. World urbanization prospects. The 2014 revision. Highlights (ST/ESA/SER.A/352). New York: United Nations; 2014. Available from: https://esa.un.org/unpd/wup/Publications/Files/WUP2014-Highlights.pdf [cited 2016 Dec 5].
  5. Transforming our world: the 2030 agenda for sustainable development. New York: United Nations; 2015.
  6. Marrakech ministerial declaration on health, environment and climate change. In: Conference of the parties to the United Nations framework convention on climate change. (UNFCCC COP22), 15 November 2016. Marrakesh: Morocco; 2016. Available from: http://www.who.int/globalchange/mediacentre/events/Ministerial-declaration-EN.pdf?ua=1 [cited 2016 Dec 5].
  7. Shindell D, Kuylenstierna JC, Vignati E, van Dingenen R, Amann M, Klimont Z, et al. Simultaneously mitigating near-term climate change and improving human health and food security. Science. 2012 Jan 13;335(6065):183–9. http://dx.doi.org/10.1126/science.1210026 pmid: 22246768
  8. Coady D, Parry I, Sears L, Shang B. How large are global energy subsidies? IMF working paper (WP/15/105). Washington: International Monetary Fund; 2015. Available from: https://www.imf.org/external/pubs/ft/wp/2015/wp15105.pdf [cited 2016 Dec 5].

 

المؤلفون

Dr Margaret Chan

Former Director-General of WHO
منظمة الصحة العالمية

Petteri Taalas

الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية
المنظمة العالمية للأرصاد الجوية

Erik Solheim

المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة
برنامج الأمم المتحدة للبيئة

مختارات

النشرات الإخبارية

صحيفة وقائع

حقائق في صور

التعليقات

الوثائق